الشيخان ومن تابعهما للجمع بين الأخبار الدالة على سقوط القضاء والكفارة معا عن النائم على الجنابة والأخبار الدالة على سقوط الكفارة خاصة عنه والاخبار الثلاثة المذكورة آنفا الدالة على ثبوتهما معا عليه بحمل الاخبار الأولى على من أجنب فنام على نية أن يغتسل قبل الفجر فاستمر به النوم إلى طلوع الفجر فليس عليه قضاء ولا كفارة وقد مر بنا البحث عن هذه الأخبار والاخبار الثانية على من انتبه ثم نام ثانيا ونوى أن يغتسل قبل الفجر فعليه القضاء دون الكفارة وقد مر البحث عن هذه الأخبار أيضا والثالثة على من نام ثالثا فعليه القضاء والكفارة معا وأنت خبير بضعف حمل هذه الأخبار مع اشتراكها في ضعف السند على القسم الثالث كما أفاده المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى والشهيد الثاني وصاحب المدارك وغيرهم من المتأخرين لان خبر أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) إنما تضمن تعلق الكفارة بمن تعمد ترك الاغتسال وليس فيه حدث النوم وتكراره أصلا فينبغي إبقاؤه على ظاهره ولا باعث على صرفه عنه واما خبر سليمان بن جعفر المروى عن الفقيه (عليه السلام) فليس فيه أيضا ذكر النوم أصلا فليس حمله على تكرار النوم مرارا أولى من حمله على تعمد ترك الاغتسال بل الثاني ألصق باللفظ جدا وأما مضمرة عبد الحميد عن بعض مواليه فمع جهالة السائل والمسؤول عنه ظاهرها النومة الأولى فحملها عليها مع الاعراض عن نية الاغتسال أقرب من حملها على تكرار النوم وبالجملة فقد ظهر مما ذكرنا أن القول بسقوط القضاء والكفارة معا عمن نام على الجنابة أولا ناويا للغسل قبل الفجر بالشرايط المذكورة وسقوط الكفارة خاصة عمن نام كذلك بعد ذلك مرة أو مرارا وكذا من نام مطلقا مع الذهول عن نية الغسل وتركه وثبوتهما معا على من تعمد البقاء على الجنابة أو نام مطلقا مع الاعراض عن الغسل أقرب بالجمع بين الاخبار ومراعاة أصل البراءة وفي حكم الاستمناء في وجوب القضاء والكفارة معا النظر إلى المرأة أو الغلام لمعتاده أي معتاد منزل المنى مع النظر فيجب القضاء والكفارة مع ترتب الانزال عليه وإلا فلا قضاء ولا كفارة وإن أثم كما عرفت في الاستمناء ووجه وجوبهما ظاهر مما عرفت من إفساد الانزال للصوم فالنظر منه عمدا اختيارا مع تذكر للاعتياد إتيان بالمفسد كذلك فيوجبهما والاستماع لقول من يلتذ بسماع قوله امرأة كان أو غلاما أو لحديث وقصة تحرك الشهوة وفى بعض النسخ بدله الاستمتاع بالتائين أي بغير الجماع والملاعبة والتخيل للمجامعة أو الملاعبة إذا قصده أي نزول المنى وهذا شرط لوجوبهما في الجميع بعد الاعتياد والأظهر الاكتفاء بكل واحد منهما كما ذكره في المسالك ويظهر من كلام المصنف (ره) أيضا في آخر الدرس والظاهر أن وجدانه من حاله ذلك في حكم أحدهما وإن لم يعتد ولم يقصد وما ذكره المحقق في الشرايع مطلقا من أن من لمس امرأة فأمنى فسد صومه يحتاج إلى التقييد بالقصد أو اعتياد كما قاله صاحب المدارك وقس عليه ما ذكره في المعتبر بقوله ويفطر بإنزال الماء بالاستمناء والملامسة والقبلة آنفا ويقرب منه ما قاله الشيخ في الخلاف وقال العلامة (ره) في المختلف المشهور وأنه إذ أمنى عند الملامسة وجب عليه القضاء والكفارة ويمكن حمل الملامسة في كلامه على ما يظن نزول المنى معه في العادة كما يشعر به قوله في الاحتجاج أنه أنزل في نهار شهر رمضان عقيب فعل يحصل معه الانزال فكان عليه القضاء والكفارة وقوله في جواب ما احتج به ابن الجنيد على ما ذهب إليه من عدم وجوب الكفارة إلا مع القصد بأنه أنزل بغير قصد فلا يجب عليه الكفارة كالمتمضمض للتبرد والجواب أنه قصد فعل يحصل معه الامناء فكان كالمجامع ولو لم يحمل كلامه على ما ذكرناه لناقض هذا القول منه لما قاله في وجوب القضاء خاصة على من تكرر منه النظر فسبقه الماء من غير قصد كما سنذكره بعد ذلك وأفاد خالي طاب ثراه أن الوجه ما ذكر من الاطلاق واستدل عليه بالاخبار الثلاثة التي مر ذكرها في بحث الاستمناء وأنت خبير بأن قول الراوي وفي صحيحة عبد الرحمن يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمنى ظاهره القصد أو البلوغ إلى حد يعلم معه الانزال أو يظن ورواية أبي بصير ومضمرة سماعة مع ضعف سندهما يمكن تقييدهما بالقصد ونحوه لتطابقا الأصول واستدل العلامة بالروايتين الأخيرتين ومن تكرر منه النظر فسبقه الماء من غير قصد ولا اعتياد فقال العلامة في المختلف عليه القضاء خاصة لأنه قد وجد منه مقدمة الافساد ولم يقصده فكان عليه القضاء كالمتمضمض للتبرد وإذا وصل الماء حلقه وقال الشيخ في الخلاف إذا كرر النظر فأنزل ثم ولا قضاء عليه ولا كفارة لاجماع الفرقة ولعدم الدليل على أنه بتكرار النظر يصير مفطرا والأصل براءة الذمة والأقوى ما ذكره الشيخ (ره) بعد أخد الشرط إلا في ثبوت الاثم إذا كان النظر إلى من يحل له النظر إليه وإن كان الاحتياط فيما ذكره العلامة ودليله يفيد وجوب القضاء على من أنزل بسبب النظر وإن لم يتكرر ذلك منه وكأنه احترز بالتكرر على ما يفهم من المنتهى عن النظرة الأولى التي لا يمكن الاحتراز منها كالذباب وغبار الطريق إذا دخل في الحلق وكلامه في المنتهى في حكم تكرر النظر يخالف ما ذكره في المختلف لأنه في المنتهى اعتبر التكرر الذي يعلم معه الانزال وأوجب به القضاء والكفارة ولا ريب به ولو أكره على الافطار فلا إفساد سواء وجر في حلقه أي أدخل المفطر فيه بغير اختياره أو خوف بما يكون مضرا به في نفسه أو من يجرى مجراه بحسب حاله والمرجع في ذلك إلى العرف مع قدره المتوعد على فعل ما توعد به والظن بأنه يفعله به لو لم يفعله فأفطر باختياره على الأقوى أما عدم الفساد وعدم وجوب القضاء في الصورة
(٤٠٠)