مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٤٩٩
إن الظاهر أنهم لا يجوزونه له فلا بد من التمسك بالمنع المستفاد من الخبر وأما حكم جواز الصلاة أين شاء بمكة فلما قاله في المنتهى من أنه قول علمائنا لأنها حرم فلها حرمة ليست لغيرها ولما روى في الفقيه صحيحا عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) بمكة يصلي في أي بيوتها شاء سواء عليه في المسجد صلى أو في بيوتها والخبر في الكافي والتهذيب أيضا من دون ذكر الإمام (عليه السلام) وما روى في الكافي والتهذيب صحيحا عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال المعتكف بمكة يصلي في أي بيوتها شاء والمعتكف في غيرها لا يصلي إلا في المسجد الذي سماه وما تقدم من موثقة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول المعتكف بمكة يصلي في أي بيوتها شاء سواء عليه صلى في المسجد أو في بيوتها وقال لا يصلح العكوف في غيرها إلا أن يكون مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله أو في مسجد من مساجد الجماعة ولا يصلي المعتكف في بيت غير المسجد الذي اعتكف فيه إلا بمكة فإنه يعتكف بمكة حيث شاء فإنها كلها حرم الله ولا يخرج المعتكف من المسجد إلا في حاجة وظاهر هذه الأخبار جواز العكوف بمكة مطلقا والصلاة في أي بيت شاء منها لأنها كلها حرم الله تعالى وفي حكم معتكفه ولو لم نقل بجواز العكوف بها أيضا في غير المسجد فلا ريب في أن ظاهر الاخبار جواز الصلاة للمعتكف فيها في أي بيت شاء منها مطلقا ولكن الأصحاب حملوها على جواز الصلاة خارج المسجد الذي اعتكف فيه بمكة إذا خرج عنه لضرورة وحضر وقت الصلاة بخلاف غير مكة فإنه لا يجوز الصلاة فيه خارج المسجد إلا عند ضيق الوقت وذلك لما استقر عليه رأيهم واستفادوا من الاخبار الاخر من عدم جواز العكوف في غير المسجد وعدم جواز الخروج من المسجد الذي اعتكف فيه إلا لضرورة كما مر مفصلا وقال الشيخ في التهذيب بعد ذكر موثقة عبد الله بن سنان قوله (عليه السلام) فإنه يعتكف بمكة حيث شاء إنما يريد به يصلي صلاة الاعتكاف ألا ترى أنه شرع في بيان صلاة المعتكف فقال ولا يصلي المعتكف في بيت غير المسجد الذي اعتكف فيه إلا بمكة فإنه يعتكف بمكة حيث شاء فلو لا إن المراد به ما ذكرناه لما حسن استثناؤه من حكم الصلاة ولكان الكلام الثاني غير متعلق بالأول ويكون تقدير الكلام على ما قلناه ولا يصلي المعتكف في غير المسجد الذي اعتكف فيه إلا بمكة فإنه يصلي في غير المسجد الذي اعتكف فيه بها وبهذا يتميز من ساير المواضع انتهى وبعد ما ذكره من التأويل عن اللفظ واضح وعلى الاحتمال الذي ذكرناه لا يحتاج الكلام إلا على تقدير بعد قوله (عليه السلام) فإنها كلها حرم الله والمقدر فيصلي فيها أين شاء وتقدير أمثال هذه التفريعات في الكلام غير عزيز ولكن العمل على ما ذكره الأصحاب والاحتياط فيه ولو طلقت المعتكفة رجعية اعتدت في منزلها مع عدم تعين الزمان للاعتكاف بأن يكون مندوبا ولم يمض يومان أو واجبا مطلقا أو مع شرطها الحل عند العارض وذلك لتعين الاعتداد عليها في المنزل بالنص والاجماع ولا يتم إلا بالخروج ولا مانع عنه في الصور المفروضة فيجب عليها وإلا يكن كذلك بل يكون واجبا على التعيين مع عدم اشتراط الحل عند العارض ففي المسجد تعتد زمن الاعتكاف ولا يجوز لها الخروج عنه لتعين الاعتكاف عليها ولا يتم إلا باللبث فيه فيجب ولأن دين الله أحق أن يقضى كما قاله في المسالك وأطلق أكثر الأصحاب إن المعتكفة إذا أطلقت رجعية اعتدت في منزلها من غير تعرض لهذا التفصيل وقال في التذكرة أنه مذهب علمائنا أجمع واستدل عليه بقوله تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن وبأن الاعتداد في البيت واجب فيجب عليها الخروج إليه كالجمعة في حق الرجل وفيه أن انعقاد الاجماع في صورة التعين غير ظاهر ووجوب الرجوع إلى البيت المستفاد من النهي الوارد عن الخروج عن البيت في الآية الكريمة يعارضه وجوب اللبث المستفاد من وجوب المضي في الاعتكاف الواجب على التعين كما هو معلوم في الشريعة مع رجحان جانب الاعتكاف لسبق وجوبه وأيضا أنهم يقولون بالخروج عن البيت في العدة للحج الواجب والتشبيه بالجمعة إن كان من باب القياس فغير معمول به وإن كان باعتبار الاشتراك في الدليل أي العمومات الواردة في الخروج لأمثال هذه الضرورات فلا يبعد أن يقال إن المتبادر منها الخروج في الأزمنة القليلة التي لا يوجب انمحاء هيئة الاعتكاف ونحوها وما أفاده في المسالك من أن دين الله أحق أن يقضى فلا يخلو أيضا عن نظر لان وجوب اللبث في البيت للاعتداد أيضا حكم الله وحقه جل اسمه وكان غرضه إن هذا الوجوب لمراعاة جانب البشر بخلاف العبادة فإنها بمحض القربة والمسألة لا يخلو عن إشكال وقال الشيخ (ره) في المبسوط إذا طلقت المعتكفة أو مات زوجها فخرجت واعتدت في بيتها استقبلت الاعتكاف ولا وجه للخروج لعدة الوفاة إلا أن يقال إن غرضه ليس جواز الخروج بل الحكم بالاستقبال لو خرج وهو بعيد ولو أخرج عن المسجد كرها ظلما ففي بطلان الاعتكاف أوجه البطلان مطلقا وعدمه مطلقا وثالثها البطلان بطول الزمان بحيث يخرج عن كونه معتكفا وإلا فلا والأول قول المحقق والعلامة في بعض كتبه نظرا إلى أن الاعتكاف لبث في المسجد للعبادة فالخروج منه مناف له والثاني قول الشيخ قال في المبسوط إذا أخرجه السلطان ظلما لا يبطل اعتكافه وإنما يقضي ما يفوته وإن أخرجه لإقامة حد عليه أو استيفاء دين منه يقدره على قضاءه بطل اعتكافه لأنه أحوج إلى ذلك فكأنه خرج مختارا واستدل له على عدم البطلان بقوله صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وبعده توجه النهي إلى هذا الفعل وقد عرفت ما في هذا الدليل في بحث عدم فساد الصوم بالافطار كرها ويمكن استفادة عدم البطلان من العمومات الواردة في الخروج للضرورة وأما التفصيل فذكره العلامة في التذكرة ووجه البطلان بطول زمان الخروج بحيث يخرج عن كونه
(٤٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503