المروي وقد سبق ذكرها في بحث إيصال الغبار وهي تدل على عدم جواز المضمضة والاستنشاق للصائم وإيجابهما القضاء والكفارة ومع ضعف سندها وإضمارها ظاهرها خلاف ما عليه الاجماع وقد عرفت تأويلي الشيخ لها في الكتابين وما رواه سماعة بن مهران في الموثق قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل بث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه قال عليه القضاء فإن كان في وضوء فلا بأس به وهذه تدل على ما اشتهر بين الأصحاب وذكر المصنف (ره) وما رواه الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه فقال إن كان وضوئه لصلاة فريضة فليس عليه شئ وإن كان وضوئه لصلاة نافلة فعليه القضاء وما رواه ريان بن الصلت عن يونس قال الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء وإن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فليس عليه شئ قد تم صومه وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة والأفضل للصائم ألا يتمضمض وهاتان الروايتان تدلان على ما نقل عن طائفة من الأصحاب ومال إليه المصنف (ره) من إيجابها القضاء مع سبق الماء إلى الحلق إذا كانت للصلاة المندوبة والعبث بالفحوى وعدم إيجابها له إذا كانت للفريضة وأنت خبير بأنه لولا الاجماع المفهوم من كلامهم على وجوب القضاء في الجملة لكان القول باستحبابه من ملاحظة الأصل والجمع بين هذه الأخبار قويا ولكن حينئذ فالعمل بصحيحة الحلبي أولى وأحوط وإن كان المشهور أوفق للأصل ثم المذكور في الصحيحة حكم الوضوء ولكن الغسل وإزالة النجاسة والتداوي ليس بأزيد منه في إيجاب القضاء البتة والقول بأن المضمضة للغسل المندوب لا توجب القضاء إن سبق وللوضوء المندوب يوجبه مستبعد جدا وأما الاستنشاق فقال العلامة في المنتهى حكم الاستنشاق حكم المضمضة في ذلك على تردد لعدم النص فيه ونحن لا نقول بالقياس وأقول صحيحة الحلبي بإطلاقها شاملة للاستنشاق فلاوجه للفرق وقال صاحب المدارك ولا يلحق بالمضمضة الاستنشاق في هذا الحكم قطعا فلا يجب بما سبق منه قضاء ولا كفارة بل لو قيل بأن تعمد إدخال الماء من الانف غير مفسد للصوم لم يكن بعيدا وضعف ما ذكره واضح ومنافاة جواز التعمد في إدخال الماء إلى الحلق بالاستنشاق من الانف للمهية المعروفة من الصوم والغرض المعلوم منه بين المسلمين غير خفية وقول النبي صلى الله عليه وآله للقبط بن صبرة وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما يدل على خلافه وفي الصلاة المندوبة رواية حسنة بالقضاء رواها الكليني في الحسن بن إبراهيم عن حماد عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثل ما نقلنا عن التهذيب في الصحيح عن حماد عن الحلبي عنه (عليه السلام) ويحتمل أن يكون مراد المصنف (ره) من الحسنة المعنى اللغوي ويكره المبالغة فيه للصائم لما تقدم في مرسلة حماد المتقدمة والإسائة الواردة في موثقة عمار تحمل على الكراهة أو على أنها باعتبار عدم التحفظ حتى سبق الماء إلى الحلق ثلاث مرات وقال يونس الأفضل ألا يتمضمض كما عرفت في رواية ريان بن الصلت عنه ولو سبق بالتداوي أو طرح شيئا في فيه لغرض صحيح فسبق إلى الحلق فلا شئ لجواز الفعل شرعا فلا يتعقبه عقوبة ولا أولوية ولا مساواة له بالنسبة إلى المضمضة للتبرد أو العبث الموجبة للقضاء ولكن عدم أولوية بعض الاغراض الصحيحة الضعيفة للمضمضة للصلاة المندوبة إن قلنا بإيجابها القضاء محل نظر بخلاف العبث فإنه يوجب القضاء لكونه في حكم المضمضة للتبرد والعبث أو لكونه أولى في إيجاب القضاء من المضمضة للصلاة المندوبة وفي الكل نظر لان الماء لزيادة سيلانه ورقته وشدة نفوذه أقرب إلى السبق إلى الحلق من غيره فلا يمكن إجراء حكمه مع مخالفته الأصل في غيره بالأولوية ويجب القضاء خاصة بمعاودة النوم بعد انتباهه عن نوم تعقب الجنابة فيطلع الفجر ولا شئ في النومة الأولى وإن طلع الفجر وقد مر البحث عن هذه المسألة مفصلا ويجب القضاء خاصة بالنظر إلى الحرمة بشهوة فيمني بغير قصد ولا اعتياد وأما إلى المحللة فلا شئ بالشرطين ومع القصد أو الاعتياد تجب الكفارة أيضا في المحللة والمحرمة كما عرفت بيانه سابقا وأما أن النظر بشهوة إلى الحرمة مع نزول المني بالشرطين يوجب القضاء فقول المفيد والشيخ في المبسوط وسلار ولا نجد عليه نصا والاستدلال عليه بأنه وجد منه مقدمة الافساد ولم يقصده فكان عليه القضاء كالمتمضمض للتبرد إذا وصل الماء إلى حلقه وقد خرجت المحللة بالعسر والحرج فبقيت المحرمة غير سديد لأنه قياس ودعوى العسر والحرج لا يخلو عن إشكال لندور الانزال بمجرد النظر واعتبر العلامة في إيجاب القضاء تكرر النظر احترازا عن النظرة الأولى التي لا يمكن التحرز عنه من غير فرق بين المحللة والمحرمة وقد مر ذلك وكذا ما قاله الشيخ في الخلاف في مسألة تكرر النظر فتذكر درس اختلف في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله تعالى أو رسوله أو الأئمة (عليهم السلام) متعمدا مع اعتقاد كونه كذبا فذهب الشيخان وعلي بن بابويه والسيد في الانتصار وأبو الصلاح وابن البراج إلى وجوبها وقال السيد في الجمل الأشبه أنه ينقص الصوم وإن لم يبطله واختاره ابن إدريس والمحقق والعلامة في المختلف وقرب في المنتهى الافساد واتفقوا على أن غيره من أنواع الكذب لا يفسد الصوم وإن كان تحريمه على الصائم آكد كسائر المحرمات حجة قول الشيخين الاجماع وطريقة الاحتياط كما يظهر من كتاب الخلاف مع أنه نقل فيه أولا الخلاف عن جميع الفقهاء وعن المرتضى من أصحابنا وقال والأكثر على ما قلناه وقال أيضا في المبسوط وفي أصحابنا من قال أن ذلك لا يفطر وإنما ينقص ولذلك قال المحقق في المعتبر في جواب حجج هؤلاء ودعوى الاجماع مكابرة وكأنه (ره) يريد بأمثال هذه الاجماعات التي يدعيها الشهرة العظيمة ويعتقد
(٤١٢)