فوجد أحدهما (عليهما السلام) صايما والاخر مفطرا فسئلهما فقالا إن صمت فحسن وإن لم تصم فجايز وما روى فيه مرسلا عن الصادق (عليه السلام) أنه قال صوم يوم التروية كفارة سنة وصوم عرفة كفارة ستين وقال فيه أيضا وروى إن في أول يوم من ذي الحجة ولد إبراهيم الخليل (عليه السلام) فمن صام ذلك اليوم كان كفارة ستين سنة وفي تسع من ذي الحجة أنزلت توبة داود (عليه السلام) فمن صام ذلك اليوم كان كفارة تسعين سنة وقوله وفي تسع أي في تاسعة بقرينة قوله فمن صام ذلك اليوم وفي رواية الزهري عد صوم عرفة من الصيام الذي صاحبه فيه بالخيار ثم أن الصدوق قال في الفقيه بعد إيراد رواية سدير السالفة قال مصنف هذا الكتاب إن العامة غير موفقين لفطر ولا أضحى وإنما كره (عليه السلام) صوم يوم عرفة لأنه كان يكون يوم العيد في أكثر السنين وتصديق ذلك ما قال الصادق (عليه السلام) لما قتل الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) أمر الله عز وجل ملكا فنادى أيتها الأمة الظالمة القاتلة عترة نبيها لا وفقكم الله صوم ولا فطر وفي حديث آخر لا وفقكم الله لفطر ولا أضحى ومن صام يوم عرفة فله من الثواب ما ذكرناه وغرضه الجمع بين الاخبار وإن صيام يوم عرفة في الواقع ثوابه ما ورد في الاخبار ولكن عروض الالتباس فيه في الأكثر صار سبب كراهة صومه كما يدل عليها بعض الاخبار ويرجع حاصله إلى اختيار كراهة صومه في تلك الأزمنة وقيل سمي يوم عرفة بذلك لان الوقوف بعرفة فيه وقيل لان إبراهيم (عليه السلام) رأى في المنام ليلة التروية أنه يذبح ابنه فأصبح يوم يتروى هل هذا من الله أو حلم فسمى التروية فلما كانت الليلة الثانية رآه أيضا فأصبح يوم عرفة فعرف أنه من الله تعالى فسمي يوم عرفة وصوم يوم المباهلة وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة فيه جمع النبي صلى الله عليه وآله أهل بيته (عليهم السلام) لمباهلة نصارى نجران فخرج باتفاق العامة والخاصة محتضنا الحسين (عليه السلام) أخذا وبيد الحسن (عليه السلام) وفاطمة (عليها السلام) تمشي خلفه وعلي (عليه السلام) خلفها وهو يقول إذا أنا دعوت فآمنوا فلما نظر إليهم إليه (عليهم السلام) أعلم النصارى وأقدمهم قال يا معشر النصارى أني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تباهلوا فتهلكوا أو الترتيب الذكرى في الآية الكريمة مع ملاحظة ما هو مسلم من ترتيبهم (عليهم السلام) في المجئ أعدل شاهد يشهد بأن المراد بالنفس على (عليه السلام) وما قاله العامة لجاجا في تفاسيرهم أي ندع كل منا ومنكم نفسه وإنما قدمهم على النفس لان الرجل يخاطر بنفسه لهم ويحارب دونهم فيكتفي أيضا في إتمام الحجة عليهم حيث صنعوا ما صنعوا مع الذين كانوا عند الله تعالى بحيث يفديهم النبي صلى الله عليه وآله روحه الذي كان أشرف المخلوقات وغاية إيجاد الموجودات وفي هذا اليوم أيضا تصدق أمير المؤمنين (عليه السلام) بخاتمه في ركوعه فنزلت إنما وليكم الله ورسول الآية وقيل يوم المباهلة الخامس والعشرون من ذي الحجة وفيه نزلت سورة هل أتى في أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وقال الشيخ الأول أظهر وقد ورد أيضا في رواية عن أبي إبراهيم موسى (عليه السلام) وقال العلامة رحمه الله في المنتهى إن يوم المباهلة يوم شريف قد أظهر الله تعالى فيه نبينا صلى الله عليه وآله على خصمه وحصل فيه من التنبيه على قرب علي (عليه السلام) من ربه واختصاصه وعظم منزلته وثبوت ولايته واستجابة الدعاء به ما لم يحصل لغيره وذلك من أعظم الكرامات وإخبار الله تعالى أن نفسه نفس رسول الله صلى الله عليه وآله فيستحب صومه شكرا لهذه النعمة الجسيمة وهذا الكلام يؤذن بعدم وقوفه رحمه الله على نص يدل على استحباب صومه ولكن الظاهر أن هذه الشهرة لا تكون إلا لنص عليه كان بينهم وصوم أول ذي الحجة وباقي العشر سوى العاشر لما مر وما روى في الفقيه مرسلا عن موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه قال من صام أول يوم من ذي الحجة كتب الله له صوم ثمانين شهرا فإن صام التسع كتب الله عز وجل له صوم الدهر وروى الجمهور عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال ما من أيام أحب إلى الله عز وجل أن يتعبد له فبها من عشر ذي الحجة يعد صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة بقيام ليلة القدر وقال في المنتهى قيل إن فاطمة (عليها السلام) تزوجت في أول يوم من ذي الحجة وقيل في السادس منه فيستحب صومهما لادراك فضيلة الوقت وذكر فيه أيضا أن في السادس والعشرين منه طعن عمر بن الخطاب سنة ثلاث وعشرين من الهجرة وفي التاسع والعشرين منه قبض وصوم شهر رجب كله والأيام فيه وهو شهر شريف من أشهر الحرم معظم في الجاهلية والاسلام ويسمى الشهر الأصم لان العرب لم يكن يغزو فيه ولا يرى الحرب وسفك الدماء وكان لا يسمع فيه حركة السلاح ولا صهيل الخيل ويسمى أيضا الشهر الأصب لأنه يصب الله تعالى فيه الرحمة على عباده وما ورد فيه من الأعمال الخير أكثر من أن يحصى وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من صام رجب كله كتب الله تعالى له رضاه ومن كتب الله له رضاه لم يعذبه وروى عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان يصومه ويقول رجب شهري وشعبان شهر رسول الله صلى الله عليه وآله وشهر رمضان شهر الله وكان الاختصاص باعتبار مواظبة (عليه السلام) بصيامه والآتيان بالمستحبات فيه وباعتبار ظهور فضايله من قوله وفعله (عليه السلام) وقد كان تولده (عليه السلام) أيضا في الثالث عشر منه في الكعبة المشرفة وقال في المنتهى في الخامس منه عقد رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين (عليه السلام) على ابنته فاطمة (عليها السلام) عقدة النكاح وكان فيه الاشهاد له والأملاك
(٤٥٣)