الشيخ في التهذيب أيضا فإنه قال في تأويل رواية عمار الساباطي قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل وهو صائم فيجامع أهله فقال يغتسل ولا شئ عليه فهذا محمول على أنه إذا جامع ناسيا دون العمد فلا يلزم شئ والحال ما وصفناه ويحتمل يكون المراد من لا يعلم أن ذلك لا يسوغ في الشريعة واستدل عليه بما رواه زرارة وأبو بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قالا جميعا سئلنا أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل أتى أهله في شهر رمضان أو أتى أهله وهو محرم وهو لا يرى إلا أن ذلك حلال له قال ليس عليه شئ وذكر ذلك في المنتهى على سبيل الاحتمال معللا بأن الجاهل بالتحريم كالناسي وبرواية زرارة وأبى بصير ولكن رجح خلافه في هذه المسألة وفي مواضع آخر من ذلك الكتاب وساير كتبه وتردد المحقق في الشرايع ورجح في المعتبر الافساد وجوب القضاء دون الكفارة ويمكن حمل كلام الشيخ أيضا على سقوط الكفارة دون القضاء لان كلامه قبل رواية عمار في الكفارة فينطبق على رأى أكثر المتأخرين وعلى ما يحملون رواية زرارة وأبى بصير عليه حجة ما ذهب إليه الأكثر إن الجاهل له طريق إلى العلم فيتحقق التفريط في حقه ولو جعلنا الجهل عذرا للزم سقوط التكاليف عن الجاهلين بها وأيضا إطلاق الامر بالقضاء عند عروض أحد الأسباب المقتضية لفساد الآراء يتناول العالم والجاهل وأما حجة قول ابن إدريس فالأصل وما نقلناه من المنتهى من إلحاق الجاهل بالناسي ومن رواية زرارة والأصل يعدل عنه بالأدلة الدالة على وجوب القضاء على من لم يأت بالصوم على وجهه وعلى وجوب القضاء عند عروض أحدها بالأسباب والجاهل يلحق بالعامد في أكثر الأبواب لتفريطه في العلم فلا وجه هنا لالحاقه بالناسي والرواية لا يصح سندها لان على بن الحسن بن فضال فطحي وإن بالغ أهل الرجال في مدحه وتوثيقه والاعتماد على روايته ومحمد بن علي لا يخلو عن اشتباه وإن كان الظاهر أنه ابن محبوب الثقة ويمكن حمل الشئ المنفى على الكفارة كما مر مرارا وبالجملة الشهرة العظيمة والاحتياط يقويان القول بالقضاء ويجب القضاء والكفارة معا في الاتيان بشئ مما اعتبر تركه في الصوم أولا على العالم بالحكم العامد إلا في الحتفة فإنه لا كفارة فيها بل يجب بالقضاء خاصة أما وجوبهما في الأربعة الأولى أي الأكل والشرب والجماع والاستمناء فبإجماع الفرقة وعليه أكثر العامة أيضا وخالف في وجوب الكفارة في الأكل والشرب الشافعي وفى الجماع النخعي والشعبي وسعيد بن جبير وقتادة وفى الاستمناء الشافعي وأبو حنيفة وخالف في وجوب القضاء الشافعي في أحد قوليه فقال إذا وجبت الكفارة سقط القضاء وخالف في وجوبه مطلقا الأوزاعي فقال إن كفر بالعتق أو بالاطعام قضى وإن كفر بالصيام لم يقض لأنه صام شهرين ويدل على وجوب الكفارة من الاخبار غير ما سبق ذكره ما رواه الجمهور عن أبي هريرة إن رجلا أفطر في رمضان فأمره النبي صلى الله عليه وآله أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا وعن سعيد بن المسيب أن رجلا قال يا رسول الله أفطرت يوما في شهر رمضان فقال أعتق رقبة والامر بخصوص العتق لجواز الامر بواحد من أفراد الواجب المخير خصوصا إذا كان أحب وأفضل مع احتمال علمه (عليه السلام) بأنه أهون عليه من الآخرين وعن أبي هريرة أيضا أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال هلكت فقال وما أهلكك قال وقعت على امرأتي في رمضان فقال النبي صلى الله عليه وآله هل تجد رقبة تعتقها قال لا قال هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا قال فهل تستطيع إطعام ستين مسكينا قال لا أجد فقال له النبي صلى الله عليه وآله إجلس فجلس فبينما هو جالس كذلك أتى بعرق فيه تمر فقال له النبي صلى الله عليه وآله إذهب فتصدق به فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله والذي بعثك بالحق ما بين لا بينها أهل بيت أحوج منا فضحك النبي صلى الله عليه وآله حتى بدت أنيابه قال إذهب فأطعمه عيالك والعرق بالمهملتين المفتوحتين والقاف المكتل وهو شبه الزنبيل قال الجوهري تسع خمسة عشر صاعا وقال ابن إدريس في السرائر وسمعت بعض أصحابنا صحف الكلمة فقال العذق بالذال المعجمة فالعذق بكسر العين والذال المسكنة الكباسة وهي العرجون بما فيه من الشماريخ ونقح العين النخلة نفسها واللابة واللوبة الحرة وهي الأرض ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها والضمير في لا بيتها للمدينة المعلومة بقرينة المقام وهي بين حرتين عظيمتين وفى الحديث أنه حرم ما بين لابتي المدينة قال في المنتهى يحتمل قول النبي صلى الله عليه وآله أطعمه عيالك أنه (عليه السلام) لم يملكه التمر بل تطوع عنه بالتكفير فلما أخبره بحاجته صرفه إليه ويحتمل أنه ملكه التمر ليتصدق به عن نفسه فلما أخبره بفقره قدم حاجته على الكفارة فيحتمل أن يكون أمره بذلك والكفارة باقية في ذمته ويحتمل أن يكون صرف الكفارة إليه وإلى عياله لما كان هو المتطوع بها أو تكون مصروفة إلى عياله وما روى من طرق الخاصة في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر قال يعتق نسمته أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر تصدق بما يطيق وهذا الخبر الصحيح هو الأصل المعتمد في باب الكفارة واعتبر فيه العمد في الافطار لا في أصل الفعل واعتبر أيضا عدم العذر فيخرج الناسي والجاهل والمكره أما الناسي والجاهل فلعدم تعمدها في الافطار مع تحقق عذر نسيان الصوم والجهل بالحكم وقد أخلق العذر على الجهل في بعض الاخبار وأما المكره فلظهور عذره وعدم عمده في بعض
(٣٩٧)