لأنا نقول لكنه صار الان مخاطبا ولو قيل لا يجب صوم بعض اليوم قلنا متى إذا تمكن من نية يسري حكمها إلى أول النهار أو إذا لم يتمكن وههنا هو متمكن من نية يسرى حكمها إلى أوله وكذا البحث في المغمى عليه انتهى وحكم صاحب المدارك بعد نقل هذا الكلام بظهور قوته والظاهر أنه لا يخلو عن شئ لان الأصل براءة الذمة وعدم تبعيض الصوم معلوم من الشرع والحكم بسريان النية ووجوب الصوم عندد زوال بعض الاعذار وقبل الزوال كالسفر والمرض والنسيان بدليل يفيد ذلك فيها بخصوصها كالاجماع والاخبار لا يقتضي عموم الحكم وكليته مع ظهور اختلاف حال الاعذار بحسب الشرع ألا ترى أن حكم الحيض والنفاس بخلاف هذا وصحيحة العيص كما سيأتي وبما تؤيد خلافه في الكافر والصبي غير صالح للتكليف شرعا بخلاف المسافر والمريض وحكم في المسالك على وفق المحقق في الشرايع بأظهرية عدم وجوب الصوم على الصبي لو كمل بعد طلوع الفجر وتأديبا إن تناول عطف على قوله مستحبا وهذا أيضا مستحب مشروط بالنية حتى يستحق عليه الثواب ولكنه ليس بصوم وأما استحبابه فلحرمة الزمان وليأمن تهمة من يراه وليتشبه بالصائمين وربما أمكن استفادته من الأخبار الواردة في امساك بقية اليوم في نظائره من أولى الاعذار عند زوال عذرهم والمعتمد وفاقهم كما قيل على استحباب الامساك في سبعة مواطن هذا أحدها كما سيأتي (ولو شك في البلوغ فلا وجوب للأصل) والاستصحاب ولو ظن أنه يمنى بالجماع أم يجب التعرض له لعدم ظهور إمارة البلوغ الذي هو مناط الوجوب بعد ولو وجد على ثوبه المختص منيا فالأقرب البلوغ مع إمكانه لحصول الظن المتاخم للعلم بأنه منه بسبب الاختصاص ويكفي في الحكم بأمثال هذه الأمور شرعا مثل هذا الظن والبلوغ بخروج المني مذهب علماء الاسلام كافة كما قاله في التذكرة واعتبار مكان كونه منه عادة بحسب سنه وحاله لئلا يعارض التعذر العادي لهذا الظن فيجزئه عن حد القوة والغلبة قال في المدارك ولو وجد على ثوبه المختص به منيا حكم ببلوغه إذا علم انتفائه عن غيره واكتفى الشهيد في الدروس في تحقق بلوغه بإمكان كونه منه وأقول ليس معنى كلام المصنف ما فهمه كما ترى ولو كان مشتركا فلا لعدم حصول الظن بأنه منه باعتبار الاشتراك (ولو اشترك بين صبيين فأحدهما بالغ فالأولى تعبدهما) لحصول الظن القوي ببلوغ أحدهما ولا يمكن الحكم به على واحد بخصوصه فالاحتياط في تعبدهما (ولا يجب على المجنون) ولو كان جنونه في بعض النهار أداء وقضاء على المشهور لأنه ليس محلا للتكليف ولا متوجها نحوه الخطاب لزوال عقله فلا يجب عليه الأداء ولا القضاء والحديث رفع القلم ولأن القضاء بأمر جديد ولم يثبت في حقه وحكم بعض اليوم كالكل لان الصوم لا يبعض وظاهر كلام الشيخ في الخلاف إن المجنون إذا أفاق في أثناء النهار نوى وصح صومه ولا قضاء عليه ولو نوى ليلا وأصبح مجنونا حتى ذهب اليوم صح صومه وقال في المبسوط إن أصبح صايما ثم جن في بقية يومه أو أغمي فالحكم فيه سواء في أن صومه صحيح وحكم في المدارك بأن قوله الشيخ بصحة صوم المجنون مع سبق النية لا يخلو عن قرب والظاهر بعده كما ترى ويسقط بعروضه وإن كان بسبب المكلف لخروجه به عن حد التكليف كما عرفت وهذا مع عدم علمه بالسببية أو عدم عود عقله وأما مع العلم والإفاقة فسقوط القضاء لا يخلو عن إشكال لما سيأتي من أنه لو أغمي عليه بفعله قضى كالسكران و الفرق بين الاغماء والجنون في هذا الحكم غير ظاهر ولو قيل إن الاغماء مرض ولهذا يلحق الأنبياء فيصح تكليف المغمى عليه بالقضاء بخلاف الجنون فإنه يزيل العقل والتكليف بالمرة قلنا لا ريب في إزالة الاغماء كالجنون للفهم الذي هو مناط التكليف فلو صح تكليف المغمى عليه باعتبار إن الإزالة نفعله أو باعتبار أن التكليف بالقضاء حقيقة عند الإفاقة والفهم صح أيضا تكليف المجنون به ودليل وجوب القضاء كما قال في المنتهى من أن الاخلال بسببه فلا يكون معذورا به الاختصاص له بالمعنى عليه ونظير حديث رفع القلم الدال على سقوط القضاء عن المجنون وارد في المغمى عليه أيضا كما سيأتي قال الشيخ في المبسوط وإن كان جنى جناية زال معها عقله على وجه لا يعود بأن يصير مجنونا مطبقا فإنه لا يلزم قضاء ما يفوته في تلك الأحوال وظاهره اعتبار عدم عود العقل في سقوط القضاء كما قلنا وقال الشهيد الثاني في شرح الارشاد في بحث سقوط القضاء عن المجنون ويجب تقييده بكون سبب الجنون ليس مع فعله وإلا وجب عليه القضاء كالسكران (ولا تمرين في حقه) قال العلامة في المنتهى ولا يؤمر بالصوم كما يؤمر الصبي به بلا خلاف لأنه غير مميز بخلاف الصبي فإنه مميز وقال الشهيد الثاني (ره) بعد نقل هذا التعليل في الروضة ويشكل ذلك في بعض المجانين لوجود التميز فيهم أقول الحكم باستحباب التمرين يفتقر إلى الدليل ومشاركته للصبي في العلة لا يقاوم دعوى الوفاق الذي يظهر من كلام المنتهى على عدمه (ولا على المغمى عليه المشهور) عدم صحة صوم المغمى عليه ولو في بعض اليوم وعدم وجوب القضاء عليه كما عرفت في المجنون وربما نسب إلى المفيد (ره) في المقنعة القول بصحة صوم المغمى عليه مع سبق النية ولا يظهر من كلامه أزيد من أنه بحكم الصائم في سقوط القضاء لو نوى وأما لو لم يسبق منه النية فعليه القضاء وهذا كلامه إذا أغمي على المكلف للصيام قبل استهلال الشهر ومضى عليه أيام ثم أفاق كان عليه قضاء ما فاته من الأيام فإن استهل الشهر عليه وهو يعقل فنوى صيامه وعزم عليه ثم أغمي عليه وقد صام شيئا منه أو لم يصم ثم أفاق بعد ذلك فلا قضاء عليه لأنه في حكم الصائم بالنية والعزيمة على أداء
(٣٦٥)