رمضان وإن له في الليل سبحا طويلا وقد عرفت عدم ثبوت أصل الحرمة بهما فضلا عن عمومها والوجه الكراهة في الجمع كما عرفت ولا يجب الصوم (على المريض المتضرر به) للآية والاجماع والاخبار ووجوب حفظ النفس والنهى عن إلقاءها في التهلكة ولو لم يتضرر به يجب عليه بإجماع الفرقة ظاهر أو عليه أكثر العلماء أيضا كما قال في المنتهى قال وحكى عن قوم لا اعتداد بهم إباحة الفطر لكل مريض سواء زاد في المرض أو لم يزد واحتجوا بعموم قوله تعالى فمن كان منكم مريضا والجواب أنه مخصوص في المسافر والمريض معا بحصول المشقة الكثيرة به كما يشعر به قوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولكن الشارع اعتبر في السفر مظنة كثرة المشقة التعذر ضبطها في نفسها فرخص في السفر الطويل الذي بين حده وجعله مناطا للحكم بالقصر والمرض بعكس السفر حيث لا يمكن ضبط أصل المرض الذي يحصل معه المشقة الكثيرة بسبب الصوم لما ترى من اختلاف الأمراض في ذلك جدا ويمكن ضبط كثرة المشقة إذ الانسان على نفسه بصيرة فكثير ما يحصل له الظن بالضرر القوى بسبب الصوم بالوجدان أو التجربة أو إخبار من يفيد قوله الظن فجعل ذلك مناطا للرخصة ويدل عليه أيضا من الاخبار وما روى في الفقيه عن حريز في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الصايم إذا خاف على عينيه من الرمد أفطر وقال (عليه السلام) كلما أضربه الصوم فالافطار له واجب ورواه في الكافي في الحسن بن إبراهيم بدون قوله وقال (عليه السلام) إلى آه ويحتمل على بعد أن يكون هذا خبرا مرسلا في الفقيه لا من تمام خبر حريز وما روى في الفقيه أيضا عن بكير بن محمد الأزدي في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سأله أبى وأنا أسمع عن حد المرض الذي يترك الانسان فيه الصوم قال إذا لم يستطع أن يتسحر ورواه في الكافي عن بكر بن أبي بكر الحضرمي وذكره ومن رجال الصادق (عليه السلام) ورواه في التهذيب عن أبي بكر وكأنه الحضرمي الممدوح وبالجملة فسنده لا يخلو عن اضطراب وقوله (عليه السلام) إذ لم يستطع أن يتسحر يحتمل أن يكون معناه إذا لم يستطع أن يشرب الدواء أو يأكل الغداء في السحر بحيث لا يضره الصوم وما رواه عمر بن أذنيه في الحسن بن إبراهيم قال كتبت إلى أبى عبد الله (عليه السلام) أسئله ما حد المرض الذي يفطر فيه صاحبه والمرض الذي يدع صاحبه الصلاة قال بل الانسان على نفسه بصيرة وقال ذلك إليه هو أعلم بنفسه وقوله يدع صاحب الصلاة أي من قيام كما وقع في بعض نسخ الكافي والمراد يقال في الموضعين أنه كتب في الجواب وما رواه محمد بن مسلم في الصحيح وفي مسنده محمد بن عيسى عن يونس قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما حد المريض إذا نقه في الصيام قال ذلك إليه هو أعلم بنفسه إذا قوى فليصم يقال نقه من مرضه بالكسر نقها بالفتح ونقه بالفتح نقوها وهو ناقة والجمع نقه بضم النون وتشديد القاف وما رواه زرارة في الموثق قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) ما حد المرض الذي يفطر فيه الصائم ويدع الصلاة من قيام فقال بل الانسان على نفسه بصيرة وهو أعلم بما يطيقه وقوله تعالى بل الانسان على نفسه بصيرة أي حجة بنية على أعمالها لأنه شاهد بها أو عين مبصرة بها التاء للمبالغة كقولك رجل راوية وطاغيته و علامة قال الأخفش جعله في نفسه بصيرة كما يقال فلان جود وكرم وذلك أنه يعلم بالضرورة متى رجع إلى عقله إن طاعة خالفه واجبة وعصيانه منكر فهو حجة على نفسه بعقله السليم وقيل إن المراد شهادة جوارحه فهو شاهد على نفسه بشهادة جوارحه فالمراد بالانسان هنا الجوارح وقيل الانسان مبتداء وعلى نفسه بصيرة جمله وقعت خبر للمبتدأ ولا يخفى بعده وما رواه سماعة في الموثق وفى سنده محمد بن عيسى عن يونس قال سئلته ما حد المرض الذي يجب على صاحب فيه الافطار كما يجب عليه في السفر من كان مريضا أو على سفر قال هو مؤتمن عليه مفوض إليه فإن وجد ضعفا فليفطر وإن وجد قوة فليصمه كان المرض ما كان وقوله من كان مريضا أو على سفر أي يحكم ذلك من الكتاب الكريم وما رواه سليمان بن عمر وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال اشتكت أم سلمة رحمة الله عليها عينها في شهر رمضان فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تفطر وقال عشاء الليل لعينك روى ثم إن المتضرر به أما بحسب وجدانه زيادة المرض بالصبر على الجوع أو العطش أو عدم شرب الدواء أو بحسب التجربة في مرض سابق عليه مثله أو بحسب ظنه الحاصل بقول عارف يخبر بزيادة المرض بسبب الصوم أو بطؤ برئة أو شدة الألم به بحيث لا يحتمل عادة ولو كان العارف المخبر فاسقا أو كافرا لان المجوز للافطار الظن الحاصل من قوله لوجوب التحرز عن الضرر المظنون ولو اشتبه الحال فلا يسقط الصوم لشمول التكليف وعدم الظن بالمسقط ولو كان صحيحا ويخشى المرض بالصيام قال في المنتهى فيه تردد ينشأ من وجوب الصوم بالعموم وسلامته من معارضة المرض ومن كون المرض إنما أبيح له الافطار لأجل الضرر وهو حاصل هنا لان الخوف من تجدد المرض في معنى الخوف من زيادته وتطاوله وأقول لا يبعد القول برجحان الوجه الثاني ويؤيده عموم قوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وقوله (عليه السلام) في صحيحة حريز المتقدمة كلما أضربه الصوم فالافطار له واجب وما وقع من إفطار الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما ولو صام المريض المتضرر به لم يجزه للنهي المفسد للعبادة ووجوب صيام العدة عليه بحكم الآية وخالف فيه بعض الجمهور ولو كان جاهلا بالحكم بسقوط الصوم عن المريض لأنه أتى بخلاف ما هو فرضه فلا يجزيه وهذا بخلاف المسافر كما سبق في باب الصلاة من قوله لو أتم المسافر جاهلا فلا إعادة في الصلاة ولصوم لورود الأخبار الكثيرة في المسافر كصحيحة عبد الله بن أبي شعبة قال قلت
(٣٨٢)