الزوال والخبر الثاني باعتبار ضعف السند غير صالح لإفادة حكم التحريم ولا يبعد دعوى تبادر فهم قضاء الشهر من قضاء الفريضة الواقع في الخبر الأول والحلبي لا يمكنه الاحتجاج بهذين الخبرين لأنه يقول في القضاء بتحريم الافطار قبل الزوال أيضا كما علمت ونسب إليه في المسالك أنه أوجب المضي في كل صوم واجب وحرم قطعه مطلقا وأما وجوب الكفارة على المفطر فيه بعد الزوال فلا دليل عليه ظاهرا يعارض أصل البراءة سوى ما ذكره في المختلف من مساواته لقضاء رمضان لاشتراكهما في كونهما قضاء للواجب ولأن المقتضي لوجوب الكفارة هناك كونه قد أبطل عبادة فعل أكثرها وهو متحقق هنا والجواب كما أفاد فيه المنع من المساواة والاقتضاء مع أن ذلك قياس محض لا نقول به ولا تجب في القضاء الفورية لما رواه الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا كان على الرجل شئ من شهر رمضان فليقضه في أي الشهور شاء أياما متتابعة فإن لم يستطع فليقضه كيف شاء وليمحص الأيام فإن فرق فحسن وإن تابع فحسن قال قلت أرأيت إن بقي عليه شئ من صوم رمضان أيقضيه في ذي الحجة قال نعم والمراد بقوله (عليه السلام) ليمحص الأيام فإن فرق فحسن وإن تابع فحسن إن الواجب على ما يقضي شهر رمضان إحصاء الأيام التي أفطرها وإكمال عدتها بحيث لا يبقى عليه شئ منها كما قال عز وعلا ولتكملوا العدة فإن قضاها متفرقة فحسن وبرئت ذمته وإن قضاها متتابعة فكذلك وما أمرته به أولا من التتابع فمن باب رعاية الفضل والاستحباب وما رواه ابن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من أفطر شيئا من رمضان في عذر فإن قضاه متتابعا فهو أفضل وإن قضاه متفرقا فحسن وما رواه حفص بن البختري في الحسن لإبراهيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كن نساء النبي صلى الله عليه وآله إذا كان عليهم صيام أخرن ذلك إلى شعبان كراهية أن يمنعن رسول الله صلى الله عليه وآله حاجته فإذا كان شعبان صمن وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول شعبان شهري وتدل على ذلك أخبار أخر أيضا وفيما ذكرناه كفاية إنشاء الله تعالى خلافا للحلبي نقل عنه في المختلف أنه قال يلزم من تعين عليه فرض القضاء بشئ من شهر رمضان أن يبادر به في أول أحوال الامكان ولعل الباعث له على ذلك أن الامر للفور وأنت خبير بأن فهم الفور من قوله تعالى فعدة من أيام أخر مستبعد وقد جاء الخبر عن الصادقين عليهما السلام أيضا بجواز التراخي كما علمت ويستحب فيه التتابع لا التفرق على الأصح اختلفوا في استحباب القضاء بعد اتفاقهم على جواز التتابع والتفريق ويلزم على الحلبي من قوله بوجوب المبادرة بالقضاء القول بوجوب المتابعة فيه ولكن نسبوا إليه القول بأفضلية التتابع فالأكثر على ما ذهب إليه المصنف من استحباب المتابع وقيل باستحباب التفريق نقله ابن إدريس في سرائره عن بعض الأصحاب وبعض هؤلاء يقول إن كان عليه عشرة أيام أو أكثر بين السنة إنشاء ثم فرق الباقي وبعضهم يقول تابع بين الثمانية إنشاء ثم فرق الباقي ويظهر من المفيد (ره) في المقنعة الميل إليه وقيل بالتخيير بين المتابعة والتفريق نقل ذلك عن السيد في بعض رسائله وعن علي بن بابويه حجة ما ذهب إليه المصنف (ره) والأكثر بعد العمومات الدالة على المسارعة إلى الخير والمبادرة إلى براءة الذمة وموافقة ظاهر الكتاب الكريم للمتابعة ما تقدم من صحيحة الحلبي وصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) وما كتبه محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) في رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام وله وليان هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعا خمسة أيام أحد الوليين وخمسة أيام الاخر فوقع عليه السلام يقضي عنه أكبر وليه عشرة أيام ولاء إنشاء الله وقال الصدوق (ره) في الفقيه بعد نقل هذا الخبر قال مصنف هذا الكتاب وهذا التوقيع عندي مع توقيعاته إلى محمد بن الحسن الصفار بخطه (عليه السلام) وما رواه غياث بن إبراهيم في الموثق عن جعفر عن أبيه قال قال علي (عليه السلام) في قضاء شهر رمضان إن كان لا يقدر على سرده فرقه وقال لا يقضي شهر رمضان في عشر من ذي الحجة والسرد التتابع وسيجئ البحث عن سند هذا الخبر وعما اشتمل عليه من المنع عن قضاء الشهر في عشر من ذي الحجة واحتج القائلون بأولوية التفريق بأن الفرق بين القضاء والأداء إنما يحصل به فيكون أولى بما رواه الشيخ في التهذيب عن عمار بن موسى الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان كيف يقضيها فقال إن كان عليه يومان فليفطر بينهما يوما وإن كان عليه خمسة فليفطر بينهما أياما وليس له أن يصوم أكثر من ستة أيام متوالية وإن كان عليه ثمانية أيام أو عشرة أفطر بينهما يوما وقد وقع بدل أكثر من ستة أيام متوالية في الاستبصار أكثر من ثمانية أيام متوالية وبدل بينهما بضمير التثنية بينها بضمير الجمع في الأخيرين ونقلها الشيخ أيضا في باب زيادات التهذيب بهذا السند عن أبي عبد الله (عليه السلام) هكذا قال سألته عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان كيف يقضيها قال إن كان عليه يومان فليفطر بينهما يوما وإن كان عليه خمسة أيام فليفطر بينهما يومين وإن كان عليه شهر فليفطر بينهما أياما وليس له أن يصوم أكثر من ثمانية أيام يعني متوالية وإن كان عليه ثمانية أيام أو عشرة أفطر بينهما يوما وهذه الرواية باعتبار سندها واضطراب متنها وإن تكرر ذكرها في الكتب لا تصلح لمعارضة الأخبار السابقة وقد أوله الشيخ أيضا في كتابي الاخبار بتأويل بعيد وأما ما ذكره من أولوية الفرق بين الأداء والقضاء فمما لا دليل عليه شرعا بل الأخبار الواردة في باب قضاء
(٤٢٧)