قال بعد حكمه بأن الأشبه ينقص الصوم ولا يبطله وقالوا في اعتماد الحقنة وما تيقن وصوله إلى الجوف من السعوط وفى اعتماد القئ وبلع الحصى إنه يوجب القضاء من غير كفارة فالمذاهب في تناول غير المعتاد ثلاثة وجوب القضاء والكفارة معا ووجوب القضاء خاصة وسقوطهما معا ولا تسقط الكفارة الواجبة بفعل موجبها في الصوم بعروض الحيض والنفاس والمرض والجنون والسفر الضروري وبالجملة لا تسقط بعروض مسقط الصوم شرعا بغير اختياره بعد ذلك في أثناء النهار على الأشبه وأما عدم سقوطها بعروض المسقط الاختياري كالسفر الغير الضروري فبطريق أولى والظاهر من عبارة المصنف (ره) عدم الخلاف فيه ولكن الذي يظهر من كلامهم الاتفاق على عدم سقوطها إذا كان الباعث على السفر والغرض منه إسقاطها ويدل عليه أيضا ما أورد في حسنة حريز في الكافي قال فقال زرارة ومحمد بن مسلم قال أبو عبد الله (عليه السلام) أيما رجل كان له مال وحال عليه الحول فإنه يزكيه قلت له فإن وهبه قبل حله بشهر أو بيوم قال ليس عليه شئ أبدا قال وقال زرارة عنه إنه قال إنما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوما في إقامته ثم خرج في آخر النهار في سفر فأراد بسفره ذلك إبطال الكفارة التي وجبت عليه وقال إنه حين رأى الهلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة ولكنه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز ولم يكن عليه شئ بمنزلة من خرج ثم أفطر ومتن هذا الخبر وإن كان فيه تشويش والظاهر كما ذكر في المنتقى سقوط مرجع الإشارة التي في قوله إنما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان عنه ولكن دلالته على ما ذكرناه واضحة وفى أصل المسألة قولان أحدهما عدم السقوط اختاره الشيخ وكثير كابن الجنيد والمحقق والعلامة في المنتهى وجمع من المتأخرين وقال الشيخ في الخلاف إذا وطئ في أول النهار ثم مرض أوجن في آخره لزمته الكفارة ولم تسقط عنه ثم قال دليلنا إجماع الفرقة وأيضا اشتغلت ذمته بالكفارة حين الوطئ بلا خلاف واسقاطها يحتاج إلى دلالة والقول الاخر السقوط نقله المحقق عن بعضهم واختاره العلامة في أكثر كتبه فقال في المختلف وقيل بالسقوط وهو الأقرب عندي إن كان المسقط من قبل الله تعالى كالحيض والمرض والاغماء والجنون أو من قبله وإن كان باختياره لا لذلك كالسفر أما لو كان غرضه من فعل المسقط اسقاط الكفارة فلا كما لو أفطر ثم خرج إلى السفر لاسقاطها فإن الكفارة لا تسقط عنه لنا إن هذا اليوم غير واجب صومه عليه في علم الله تعالى وقد انكشف لنا ذلك بتجدد العذر فلا يجب فيه الكفارة كما لو انكشف أنه من شوال بالبينة أقول وأنت خبير بأن عدم وجوب إتمام صيام هذا اليوم في علم الله تعالى بل وفى علم المكلف كما إذا جزم بالسفر واشتغل بالخروج وقرب وصوله إلى حد الترخص أو ظهر إمارات مجيئ الحيض أو وضع الحمل أو أخبر المعصوم بتجدد أحد الاعذار له قبل الغروب لا ينافي وجوب مراعاة الصوم وحرمة الافطار عليه في اليوم إلى وقت طريان العذر وحصول المسقط وعدم تبعض الصوم شرعا معناه عدم تكليف الشارع ابتداء بصوم بعض النهار ولا يقتضى ذلك عدم تكليفه للسالم عن الاعذار في اليوم الذي أوجب صيامه بالامساك والكف عن المفطرات إلى وقت تجدد العذر وظهوره كيف لا وهم مطبقون على حرمة الافطار على العازم المشتغل بالسفر قبل وصوله إلى حد الترخص وعلى المرأة قبل مجئ الدم وليس معنى حرمة الافطار إلا وجوب الامساك والصيام وإذا كان الافطار محرما فيأثم المكلف بالاتيان به فما المانع عن وجوب الكفارة عليه لاسقاط هذا الاثم أو تخفيفه واختصاص الكفارة بإثم الافطار في الصيام الذي يجب اتمامه في الواقع شرعا إلى الليل غير ظاهر من الأخبار الواردة في الامر بها كما مر ذكرها بل هي شاملة بإطلاقها لكل من أفطر في نهار شهر رمضان من غير عذر ولذا قال الشيخ (ره) اشتغلت ذمته بالكفارة حين الوطئ بلا خلاف لان ذلك الوفاق ليس إلا لشمول الاخبار المتضمنة للامر بالكفارة له ولو كان الامر كما ذكره العلامة فلا وجه لما قاله من أن من أفطر ثم خرج إلى السفر لاسقاطها فإن الكفارة لا تسقط عنه لبعد الحكم بكونه عاصيا بسفره باعتبار هذا القصد ويشكل الحكم بحرمة الافطار عليه مع الاطلاقات الواردة في أمر المسافر بالافطار فهو أيضا ممن علم الله تعالى عدم وجوب صوم هذا اليوم عليه وقد انكشف لنا ذلك بتجدد العذر فلا يجب فيه الكفارة فقد ظهر أذن إن الرواية الحسنة مؤيدة لما ذهب إليه الشيخ وقياسه على من أفطر ثم انكشف إن اليوم من شوال بالبينة فغير جيد لظهور الفرق باعتبار اختصاص الأخبار الدالة على وجوب الكفارة بالمفطر في نهار رمضان وقد بينا في هذه الصورة أن اليوم ليس من رمضان فكيف يحكم عليه بوجوب الكفارة باعتبار أنه كان منه ظاهرا وقت الافطار قيل ويظهر من كلام العلامة والشهيد الثاني أن سقوط الكفارة لو أفطر ثم ظهر أن اليوم من شوال متفق عليه بين الأصحاب فإنهما استدلا بذلك فلا بد أن يكون أمرا مسلما عند الجميع أقول ولكن يأبى عن ذلك ما ذكره الشهيد الثاني في طي مسألة الافطار للظلمة الموهمة حيث قال لو أفطر وظهر بعد ذلك أن الليل قد دخل وقت التناول ففي سقوط القضاء والكفارة احتمال وذكر وجه السقوط ووجه عدم السقوط ثم قال والوجهان يأتيان فيمن أفطر في يوم يعتقده من شهر رمضان ثم تبين أنه العيد ثم ذكر صورا أخر ثم وجه السقوط في الجميع فتدبر ثم قال العلامة في المختلف احتج الشيخ بأنه أفسد
(٤٠٤)