قول قوي أما اشتراط الجزم مع علم اليوم فلان النية للفصل بين وجوه الفعل ولا يحصل ذلك إلا بالجزم بالسبب والوجه والقربة وكفاية الاطلاق وانصرافه إلى الواقع في بعض الأفعال وعدم اعتبار الوجه في الأكثر لا ينافي لزوم مع التعرض وإخلال التردد مع التذكر نعم يشكل إمكان تحقق التردد في النية مع علمه بتعين السبب أو الوجه في الواقع شرعا مثلا من يعلم تعين صوم غد لشهر رمضان بعنوان الوجوب شرعا كيف يمكنه التردد في نية صومه بين صوم شهر رمضان والنذر أو بين الوجوب والندب لان النية ليست مجرد التصور والاخطار بالبال بل هي عبارة عن الاعتقاد والقصد ومع جزمه بامتناع تحقق أحد الطرفين لا يجوز وقوعه حيت يمكن أن يتحقق له التردد في القصد والنية وذلك كلام آخر ولكن من قال تبادي رمضان بنية غيره فرضا أو نقلا مع علمه ينبغي أن يقول بالصحة مع التردد وإن أمكن الفرق حينئذ أيضا ولكن المصنف لا يقول به كما سيأتي وأما صوم يوم الشك والمراد به هنا يوم الثلثين من شعبان مطلقا فأما أن ينوي به الوجوب من شهر رمضان أو من غيره أو الندب من شعبان وسيأتي حكمها وأما أن يردد في نيته بأنه إن كان من شهر رمضان فهو صائم فرضا وإن كان من شعبان فهو صائم نقلا وللشيخ فيه قولان أحدهما الاجزاء ذكره في المبسوط والخلاف وهو مذهب الحسن نسبه إليه في المختلف ولكن الكلام الذي نقله عنه ليس بصريح فيه واختاره أيضا ابن حمزة والعلامة في المختلف والمصنف في الكتاب وفي البيان والثاني لعدم ذكره في باقي كتبه واختاره ابن إدريس والمحقق والتحقيق إن الناوي إن كان عارفا بالأحكام الشرعية وأراد بأنه إن كان من شهر رمضان فهو صيام فرضا أنه إن ظهر من شهر رمضان وثبت ذلك فيظهر له وجوب صومه ويحتسب من الشهر وأما قبل الثبوت فهو بعنوان الندب وكذا إن لم يثبت فهذا اعتقاد لا يمكنه سلبه عن نفسه وتكليفه بقصد غير ذلك كتكليف بما لا يطاق وإن أراد أنه إن كان من شهر رمضان في الواقع وإن لم يظهر ويثبت فهو واجب فذلك مما لا يمكنه اعتقاده و قصده وإن لم يكن من أهل المعرفة والفقه وجهله بالحكم الشرعي صار سببا لحيرته وتردده ولما علم إن صوم شهر رمضان وأحب وصوم شعبان ندب فيزعم ويقصد إنه إن كان من شهر رمضان في الواقع فهو صيام فرضا وإن كان آخر شعبان فهو صيام نفلا فالظاهر أن إتيانه بالصوم مع قصد القرب تكفيه ولا يوجب هذا الجمل بالوجه فساد صومه إذ لا دليل على اعتباره في أمثال تلك المواضع والاحتياط في القضاء إن ظهر إنه من رمضان بعد الزوال أو قبله ولم يجدد النية ولكن يلزمه فيه أيضا التردد في النية النية ولو لم يفرع الوجوب والندب في الترديد على التقديرين بل نوى ليلة الشك أن يصوم غدا بنية إنه واجب أو ندب فحكمه حكم السابق بل أولى بالفساد وقرب المصنف (ره) في البيان فيه البطلان (ويجب استمرارها حكما فلو نوى الافطار في الأثناء أو ارتد ثم عاد فالمشهور الاجزاء وإن أثم) المراد باستمرار حكمها في المشهور عدم إحداث إرادة مخالفة للإرادة الأولى ولو في بعض مميزات المنوي وظاهر كلامهم الاتفاق على وجوب استمرار حكمها فيأثم بتركه وإنما الخلاف في اشتراط الصوم به وبطلانه بتركه ووجه وجوبه على القول بعدم اشتراط الصوم به تحريم العزم على الحرام ولكن الظاهر من كلامهم إنهم يدعون أزيد من ذلك ولعل وجهه إنه لو أحدث إرادة مخالفة للإرادة الأولى يلزم رفعها بالكلية لتضادها إياها فلا يكون الصوم في هذا الزمان الخاص ناشيا عن غرض امتثال الامر الخاص وواقعا على الوجه المطلوب شرعا ولا ريب في أنه مأمور بذلك في تمام اليوم فيلزم مخالفه الامر والاثم وليس غروب النية والذهول عنها بالنوم وغيره بهذه المثابة فإنه ما لم يحدث إرادة مخالفة للإرادة الأولى فهو بحيث لو التفت وتذكر يعلم إن فعله لقصد الامتثال ويقال في العرف إن هذا الفعل يصدر عنه بالإرادة الناشئة عن غرض الامتثال وقصد القربة وفي اشتراط الصوم بذلك خلاف فالمشهور كما ذكره المصنف عدمه فلو نوى الافطار في الأثناء أو ارتد ثم عاد إلى النية الأولى صح صومه عندهم وأجزء مع فوات حكم العزم على الامساك الذي هو أحد أجزاء النية في الأول ظاهرا إن لم يكن مسلما عند السيد (ره) كما سيأتي ادعاؤه عدم فوات حكم النية بذلك وفوات حكم القربة التي هي الجزء الاخر في الثاني وقس عليهما غيرهما من منافيات النية كعزم الخروج عن الصوم وذهب إلى هذا القول الشيخ في المبسوط والخلاف قال في المبسوط إذا جدد نية الافطار في خلال النهار وإن كان قد عقد الصوم في أوله فإنه لا يصير مفطرا حتى تناول ما يفطر وكذلك إن كره الامتناع عن الأشياء المخصوصة لأنه لا دليل على ذلك وقال في الخلاف إذا نوى في أثناء النهار إنه قد ترك الصوم أو عزم على أن يفعل ما يناف الصوم لم يبطل صومه وكذلك للصلاة إن نوى أن يخرج منها أو شك هل يخرج أم لا لا تبطل صلاته وإنما يبطل الصوم والصلاة بفعل ما ينافيهما ثم ذكر بعض مذاهب العامة ثم قال دليلنا إن نواقض الصوم والصلاة قد نص لنا عليها ولم يذكروا في جملتها هذه النية فمن جعلهما من جملة ذلك كان عليه الدلالة وكان هذا القول منه (ره) على سبيل الاحتمال في مقام البحث وإلا فالأقوى عنده البطلان كما قال في كتاب الصلاة من الخلاف إذا دخل في صلاته ثم نوى إنه خارج منها أو نوى إنه سيخرج منها قبل إتمامها أو شك هل يخرج منها أو يتمها فإن صلاته لا تبطل ثم نقل الخلاف عن الشافعي ثم قال دليلنا إن صلاته قد انعقدت صحيحة بلا خلاف وإبطالها يحتاج إلى دليل وليس في الشرع ما يدل عليه وأيضا فقد روى نواقض الصلاة وقواطعها ولم ينقل في جملة
(٣٥٥)