ودعاء الصائم مستجاب وخصوصا عند الافطار ويتأكد استحباب الاستغفار في الصيام وليصم سمعه وبصره وجوارحه وليظهر عليه وقار الصوم قد مر من الاخبار ما يدل على ذلك كله في ضمن شرح مسائل هذا الدرس ويجوز ذوق المرق ومضغ الخبز لفعل فاطمة (عليها السلام) وزق الطائر وهو أن يطعمه بفيه ولا ريب في جواز كل ذلك مع الحاجة إليه كخوف فساد الطعام وتضرر الصبي وهلاك الطاير بشرط المحافظة عن الابتلاع للأصل وصحيحة أبي جعفر (عليه السلام) لا يضر الصائم وما رواه الكليني في الحسن بن إبراهيم عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) والشيخ عنه أنه سئل عن المرأة الصائمة تطبخ القدر فتذوق المرق تنظر إليه فقال لا بأس وسئل عن المرأة يكون لها الصبي وهي صائمة فتمضغ له الخبز تطعمه فقال لا بأس به والطير إن كان لها وما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عيسى قال سأل ابن أبي يعفور أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا أسمع عن الصائم يصيب الدواء في أذنه قال نعم ويذوق المرق ويزق الفرخ وفي الموثق عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال لا بأس بذوق الرجل الصائم القدر وما رواه الكليني عن الحسين بن زياد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا بأس بالطبع والطباخة أن يذوق المرق وهو صائم وعن مسعدة بن الصدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن فاطمة (عليها السلام) كانت تمضغ للحسن (عليه السلام) ثم الحسين (عليه السلام) وهي صائمة في شهر رمضان وأما مع عدم الحاجة فقال الشيخ في التهذيب لا يجوز للجمع بين هذه الأخبار وبين صحيحة سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصائم أيذوق الشئ ولا يبلعه فقال لا قال في التهذيب بعد نقل هذا الخبر هذه الرواية محمولة على من لا تكون به حاجة إلى ذلك والرخصة إنما وردت في ذلك لصاحبة الصبي أو الطباخ الذي يخاف على فساد طعامه أو من عنده طاير إن لم يزقه يهلك فاما من هو مستغن عن جميع ذلك فلا يجوز له أن يذوق الطعام أقول والجمع بحملها على كراهة ذوق الطعام للمستغني أظهر لما عرفت من موافقة الجواز للأصل وغيرها وحمل لا يجوز في كلام الشيخ على الكراهة بعيد وقال في المدارك بعد نقل جمع الشيخ ولا يخفى ما في هذا الجمع من البعد والأجود حمل النهي على الكراهة إذ لا دلالة في الأخبار المتقدمة على ما اعتبره من التقييد وأقول الأجود أن يوجه جودة حمل النهي على الكراهة بما ذكرنا وأما ما ذكره قدس سره فغير ظاهر لان المتبادر من ذوق المرق ومضغ الطعام للصبي وزق الطاير الحاجة إلى ذلك خصوصا للطباخ ولمن ينظر إلى المرق ولصاحبة الصبي والطير كما ورد في بعضها فلا بعد في ذلك أصلا وفي رواية النهي اعتبر ذوق الشئ للصائم ولا استبعاد في حمله على حالة عدم الحاجة خصوصا في مقام الجمع وأما لو ابتلع شيئا من ذلك عمدا فيجب القضاء والكفارة ولو ابتلع نسيانا فحكمه حكم من طرح شيئا في فيه فسبق إلى حلقه وقد من البحث عنه مفصلا والفرق بين من له الغرض الصحيح والعابث ويجوز أيضا مص الخاتم ويكره مص النواة قد مر ذكر ما يدل على ذلك في بحث مضغ العلك درس وينقسم الصوم بانقسام الأحكام الأربعة سوى الإباحة فان العبادة لا تكون مباحة والمراد بصوم الإباحة في رواية الزهري صوم وقع فيه مفسد على بعض الوجوه ولم يفسده فكأنه أبيح فيه المفسد ولا ينافي ذلك وجوب الصوم واستحبابه فالواجب ستة صوم رمضان للضرورة من الدين وصراحة الكتاب المبين والاخبار البالغة حد التواتر عن الصادقين وهو أفضل أقسام الصيام وأكثرها ثوابا وأعظمها أجرا وقد ورد في فضله أخبار كثيرة من ذكر بعضها واختلف في رمضان فقيل أنه اسم من أسماء الله تعالى وعلى هذا فمعنى شهر رمضان شهر الله وورد ذلك في الاخبار فروى الكليني عن هشام بن سالم عن سعد ولا يبعد كونه الإسكاف وفي بعض النسخ مسعدة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال كنا عنده ثمانية رجال فذكرنا رمضان فقال لا تقولوا هذا رمضان ولا ذهب رمضان ولا جاء رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى لا يجئ ولا يذهب وإنما يجئ ويذهب الزايل ولكن قولوا شهر رمضان فإن الشهر مضاف إلى الاسم والاسم اسم الله عز ذكره وهو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن جعله مثلا وعيدا والضمير في جعله للشهر أو للقرآن وكان المراد بالمثل الحجة وبالعيد محل سرور أولياء الله وقيل أنه علم للشهر كرجب وشعبان ومنع الصرف للعلمية والألف والنون واختلف في اشتقاقه فقيل أنه من الرمض بتسكين الميم وهو مطر يأتي في وقت الخريف يطهر وجه الأرض من الغبار سمي الشهر بذلك لأنه يطهر الأبدان عن أو ضار الأوزار وفي الكشاف رمضان مصدر رمض إذا احترق من الرمضاء سمى بذلك أما لارتماضهم فيه من حر الجوع كما سموه نابقا لأنه كان ينبقهم أي يزعجهم لشدته عليهم أو لان الذنوب ترمض فيه أي تحترق وقيل أنه سمي بذلك لان الجاهلية كانوا يرمضون أسلحتهم فيه ليقضوا منها أوطارهم في شوال قبل دخول الأشهر الحرم وقيل أنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر فسمي بذلك وصوم النذر وشبهه من العهد واليمين لما دل على وجوب متعلقها مطلقا مع ما ورد فيها في خصوص تعليقها بالصوم وصوم الكفارات الواجب فيها بالأصالة أو المحتمل عن الغير على التعيين أو التخيير من كفارة القتل عمدا وخطأ والظهار والايلاء وإفطار شهر رمضان وقضائه وخلف النذر وشبهه وإفساد الاعتكاف على بعض الوجوه وبعض المحرمات في الاحرام والحلف بالبراءة على قول وكذا جز المرأة شعرها في المصائب ونتفه وخدش وجهها وشق الرجل ثوبه في موت ولده
(٤٤٧)