نيته وصومه فلا إشكال فيها لأنها من باب خطاب الوضع وهو غير متوقف على التكليف وأما كون صومه شرعيا ففيه نظر لاختصاص خطاب الشرع بالمكلفين والأصح أنه تمريني لا شرعي حجة قول الشيخ أن الامر بالامر بالشئ أمر بذلك الشئ بمعنى أن الظاهر من حال الامر كونه مريدا لذلك الشئ وإن ما ورد في تضاعيف الاخبار من رفع البلا وتخفيف العذاب بعبادة الصبي وقارئته يؤذن بترتيب الأجر والثواب عليها وإن إتيان شخص كامل العقل كبعض الصبيان بفعل حسن يعرف حسنه ويفعله لوجه الله تعال من دون أن يستحق عليه الأجر والثواب غير معقول ويمكن القدح في الأول بمنع كونه من باب الأمر بالشئ بل هو من قبيل الامر بتعليم الحيوان وتربيته وحفظه ثم بمنع تلك المقدمة وفي الثاني بأنه لاجر من أدبه ورباه أو بمحض التفضل لعظمة اسمه وبركته التوجه نحو جنابه وفي الثالث بالنقض استحقاق العقاب وبأن شرط الاستحقاق التكليف وتوجه الخطاب و بانتفاء الشرط ينتفي المشروط حجة قول العلامة (ره) أن التكليف مشروط شرعا بالبلوغ كما يظهر من خبر رفع القلم وغيره ومع انتفاء الشرط ينتفي المشروط وتخصيصه بالتكليف بالواجب والمحرم لا وجه له بالنظر إلى ظاهر الخبر فما قاله في المدارك من أن الشرع إنما اقتضى توقف التكليف بالواجب والمحرم على البلوغ بحديث رفع القلم ونحوه غير جيد ثم أن إشكال المسألة قوي وفائدتها نادرة لان الثواب أمر مخزون في علم الله ويظهر في الآخرة إنشاء الله تعالى بمزيد فضله وشمول إحسانه ولا ريب في ظهور بركة امتثالهم للأوامر واجتنابهم عن النواهي في العاجل ولا اهتمام للفقيه بالبحث عن ذلك والاختلاف فيه نعم ربما تظهر فايدة الخلاف في إتيانه بالعبادة نيابة عن أبيه بعد موته فعلى القول بالشرعية لا يلزم عليه الاتيان بما فعله حاله الصغير ثانيا عند البلوغ والظاهر على القولين عدم جواز إجارته للعبادة لتوقفها على النية التي لا تعرف إلا من قبل الفاعل ولا يمكن التعويل شرعا على قول الصبي وكذا في جواز صلاته بعد البلوغ بالوضوء الذي فعله وفي مجئ الخلاف في وجوب اتمام صومه لو نواه أول النهار وبلغ بعد الزوال كما سيأتي قبل وتظهر الفائدة في استحقاق ما لو نذر أو وقف أو أوصى للصائمين مثلا ولا يخلو عن إشكال لما عرفت آنفا من توقف العبارة على النية وعدم إمكان التعويل فيها على قول الصبي إلا أن يأخذ نصيبه بعد البلوغ واعلم إن معنى الصحة في العبادة ليس إلا مطابقة الامر أو سقوط القضاء فيترتب الحكم بصحة عبادة الصبي على شرعيتها ولكن الشهيد في المسالك والروضة حكم بالصحة دون الشرعية كما عرفت وكأنه (ره) جعلها بمعنى مطابقة الامر الذي توجه نحو الولي أو المكلفين أو بمعنى ترتب الأثر كما في المعاملة والأثر هنا خروج الولي عن العهدة مثلا والظاهر أن وصفها بالصحة الكذائية مجرد اصطلاح لا يترتب عليه فائدة شرعية مع أن عبارته في الروضة تشعر بأنها مسألة خلافية وقال صاحب المدارك بعد نقل كلام المسالك وهو غير جيد لان الصحة والبطلان اللذين هما موافقة الامر وذلك الفتى لا يحتاج إلى توقيف من الشارع بل يعرف بمجرد العقل ككونه مؤديا للصلاة وتاركا لها فلا يكون من حكم الشرع في شئ بل هو عقلي مجرد كما صرح به ابن الحاجب وغيره انتهى وأنت خبير بأن بناء كلامه في الحكم بأن الصحة من خطاب الوضع على ما هو المشهور ومحل البحث عن هذه المسألة علم الأصول وعدم كونها من باب خطاب الوضع بل عقلية صرفة لا يضر بما هو غرضه هنا بل يؤكده مع أن الامر في لا صحة بمعنى سقوط القضاء على ما ذكره أي من باب خطاب الوضع وليس بمجرد العقل فلا وجه للاعراض عن البحث عن تصحيح الصحة وبيان فائدتها والتعرض لهذا إلا يراد الذي لا وقع له أصلا ولو أطاق بعض النهار خاصة بعد بلوغ حد التمرين فعل كما مر في حسنة الحلبي وغيرها (وقيل إنما يؤمر إذا أطاق ثلاثة أيام تباعا) الظاهر أن القايل المفيد (ره) وقد مر شرح قوله مفصلا (ولو بلغ في أثناء النهار أمسك مستحبا إن كان لم يتناول) ليكون صوما مندوبا وقد مر أن وقت نية النقل يمتد بامتداد النهار فيكفيه النية عند البلوغ إن لم يكن نوى من أول النهار وأما عدم الوجوب فلان الصوم عبادة لا تقبل التجزية وهو في أول النهار لم يكن مكلفا به فلا يقع التكليف به في باقيه وفي الخلاف يجب قال في الخلاف الصبي إذا بلغ والنهار لم يكن مكلفا به فلا يقع التكليف به في باقيه وفي الخلاف يجب قال في الخلاف الصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم والمريض إذا برء وقد أفطروا أول النهار أمسكوا بقية النهار تأديبا ولا يجب ذلك بحال فإن كان الصبي نوى الصوم من أوله وجب عليه الامساك وإن كان المريض نوى ذلك لم يصح لان صوم المريض لا يصح عندنا وكلامه كما ترى أخص مما نقله المصنف ولعل دليله ما قاله في المختلف من أنه بالغ مكلف يصح منه الصوم وقد انعقد صومه شرعا في أول النهار فيجب عليه اتمامه وهذا بخلاف المرض إذ لا يصح منه الصوم في أول النهار وقت مرضه ولا يمكن الحكم شرعا بانعقاد صومه وأجاب عنه في المختلف بمنع شرعية صوم الصبي وانعقاده أقول وعلى القول بشرعية عبادة الصبي كما هو رأى الشيخ والمصنف يمكن القدح فيه بأن البلوغ لا يقتضي التكليف بالصوم في أثناء النهار لما عرفت من عدم قبوله للتجزية ولا مدخل لانعقاده ندبا في وجوبه وهو ظاهر ثم أن ظاهر كلامه في المبسوط أن الصبي كالكافر إذا زال عذره بعد الفجر وقبل الزوال ولم يتناول شيئا يجدد نية الصوم وجوبا وقال المحقق في المعتبر وهو قوي لان الصوم ممكن في حقهما ووقت النية باق لا يقال لم يكن الصبي مخاطبا
(٣٦٤)