بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي زين مدارس العلوم الفاخرة بدروس أحكام الشريعة الزاهرة وحفظ من العفا والدروس معالم مبانيها العامرة بما أحكمها من تأييد شرايع الملة الباهرة فسبحانه ما أسبغ علينا بإيضاح قواعدها وإبداء مسالكها جلايل نعمه الباطنة والظاهرة وما أقصر عن درك سرائر نعمه ودقايق أياديه أيدي مداركنا القاصرة كلت أقلام التحرير والسن البيان والتقرير عن إحصاء آلائه وعجزت مقدرة العقول والأفهام دون تذكرة نعمائه هو الذي في السماء إله وفي الأرض إله لا يحصى غيره إلاه ولا يؤدي حقيقة ثنائه سواه فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها نحمده حمدا ينتظم منه إلى رحمته وسيلة ونشكره شكرا يكتسب به لمزيد نعمته ذريعة ونشهد أن لا إله إلا هو العزيز الحكيم وإن محمدا رسوله النبي الكريم وهو حبيبه ومصطفاه وخير الخلف ومجتباه أشرف من جاء بآيات الهداية وبينات الارشاد وخير من دل على ما فيه صلاح العباد وذخيرة المعاد صحيفته فطرته غاية المراد مما جاد به قلم الصنع والايجاد وفريده خلقته نهاية المرام من خلف إصداق تلك السبع الشداد شرح ما سطر في متن اللوح المحفوظ في سفحة صدره المشروح مبسوط والنجاة من تموج بحر الخلاف وتفرق أهواء الاتلاف باتباع أهل بيته الذين مثلهم كمثل سفينة نوح مربوط فبشرى لمعشر شيعتهم ما أقرب جودي الفلاح من مستوى فلك ولا يتهم وسحقا للمتخلف عن مشارب شرعتهم ما أبعد ساحل النجاح عمن لم يركب في بحار الفتن سفائن هدايتهم لا تحسبن العابد بمفازة من العذاب وإن اجتهد في كل باب إلا إذا كان له في سدة بابهم وجهة هو موليها ولا تظنن المجتهد يحوم حول الصواب وإن نطق بما يبهر الألباب إلا إذا استند بأخبار عن سدنة جنابهم يحدثها ويرويها ففيهم السند ومنهم المستند فعنهم وإلا فالحديث مخلق وفيهم وإلا فالمحدث كاذب فلا وربك لا تطلع على خزاين القرآن إلا بلمعة من هدايتهم ولا تبلغ إلى روض الجنان إلا ببدرقة من دلالتهم هم مطالع أنوار أشرقت بها الظلم ومواقع نجوم أقسم بها بارئ النسم عليه وعليهم جميعا صلوات الله الملك القدوس ما دامت في السماء مشارق الشموس واستفيدت العلوم من الذكرى والدروس أما بعد فأقول وأنا المفتقر إلى عفو ربه الباري رضي الدين محمد بن حسين الخوانساري إن علم شرايع الاسلام ومعرفة الحلال والحرام مما لا ينكر ذو بصيرة شرفه وقدره ومن يرد الله أن يهديه يشرح له صدره ومما من الله تعالى به على والدي العلامة أحله الله من فضله محل الأبرار في دار المقامة وكساه فيها ملابس العز وحلل الكرامة إن أيده بما أفاض عليه من النفس الملكية التي هي ملاك تحصيل الملكات الفاضلة والسعادات العاجلة والأجلة لاستكمال قوة الفكر والنظر واستجماع ما يحتمله من المعارف العقلية منه البشر حتى صار كأنه العقل الحادي عشر وأوتي من الحكمة ما لم يؤت معشاره معاشر أولى الفضل والخطر وبما رحمة منه يسر له الجمع بين المعقول والمنقول وضم الفروع إلى الأصول إلى أن يبرع في الاجتهاد على الاعلام وفاق وحصل في ذلك الاجماع والوفاق وإذ قد رأى بصائب نظره سواد المؤلف المهذب الرايع والمصنف الكامل النافع المشتمل على رؤس المسايل الدينية الموسوم بالدروس الشرعية في فقه الامامية أجزل الله أجز مؤلفه ذاك الحبر الخبير العارف بمعازب الدين ومناهج اليقين والعالم النحرير المتمسك بالحبل المتين من ولاء الأئمة الطاهرين البين كماله من بيانه وكلامه الشاهد
(٣٣٨)