عن حال الناصب ولم يعبر بالمسلم بل قال من أهل القبلة ثم إن ظاهر هذه الأخبار صحة عبادة المخالف أما لأجل أن شرط الصحة الاسلام ظاهرا وهو متحقق حيث تعد هذه الأصناف قاطبة من فرق المسلمين ومن أمة رسول الله صلى الله عليه وآله كما قال ستفرق أمتي والصحة لا يقتضى ترتب الأجر والثواب بل سقوط العقاب الذي باعتبار ترك الاتيان بتلك العبادة ولا مانع من ذلك بالنسبة إلى المخالف بل الناصب وأما ترتب الاجر فمشروط بالايمان ولو بعد العبادة كما قاله (عليه السلام) في خبر يزيد فإنه يؤجر عليه وذلك على قياس أن ترتب الاجر على عبادة المؤمن موقوف على موافاته على الايمان فإنه لو ارتد ومات على الكفر لا يستحق الاجر على عباداته أصلا البتة وذلك باعتبار فوات الشرط لا الاحتياط فإنه ليس من المذهب وأما لأجل أن صحتها ناقصة وتتم بالايمان لان شرط صحة العبادة الموافاة على الايمان لا المقارنة له فإن ضم هذا الشرط إلى ساير الشروط المعتبرة فيها وقت أدائها يتم الصحة ويترب عليها سقوط العقاب واستحقاق الاجر وإلا فلا بل تبطل و تضمحل العبادة وذلك كصحة التكبير في الصلاة فإنها تتم بحفظ الشرايط وأداء الواجبات والأركان إلى أن يؤدى السلم وأما ما قيل استحسنه صاحب المدارك وخالي طاب ثراهما من أن سقوط القضاء وعدم وجوب الإعادة باعتبار هدم الايمان ما قبله كهدم الاسلام ما قبله القضاء وذلك تفضل من الله سبحانه عليه كما تفضل على الكافر الأصلي بسقوط القضاء لا باعتبار صحة عبادته فكلام لا يخلو عن ضعف كما أفاده المصنف (ره) في الذكرى بقوله فنقول هذا خيال يبطل بإيجاب إعادة الزكاة فلو كان الايمان هادما لم يفترق الحكم ولأنه لا تجب إعادة الحج ولو كان هادما لوجب عند الاستطاعة وأقول أيضا إن ذلك ينافي ظاهر قوله (وعليه السلام) في الصحيحة فإنه يؤجر عليه وأما ما تمسك به صاحب المدارك من الأخبار المستفيضة الدالة على عدم انتفاع المخالف بشئ من أعماله فلا دلالة فيه على مطلوبه لان ذلك باعتبار انتفاء الشرط أي الموافاة على الايمان كما صرح به على بن الحسين (عليه السلام) بقوله في صحيحة أبى حمزة الثمالي ثم لقي الله بغير ولايتنا لم ينتفع بذلك شيئا ولا ينافي ذلك الانتفاع مع تحقق الشرط مع إمكان أن يكون المراد من الانتفاع المنفى الانتفاع الكامل الذي كان باعتبار استحقاق الأجر والثواب لا ما هو باعتبار سقوط العقاب المترتب على عدم الاتيان بهذه العبادة كما عرفت ولو أغمي على بفعله مع علمه بأداء الفعل إليه من غير إكراه على الفعل أو اضطرار إليه قضى كالسكران لأنه صار سببا للفوات فيلزم القضاء ولو لم يعلم أو أكره أو اضطر فأداه التناول إلى الاغماء والسكر فلا قضاء لعدم تقصير في التناول لجهله وسقوط التكليف عنه بعده بالاغماء والسكر المزيلين للعقل وقد مر البحث عن ذلك مفصلا ولا بد في صحة الصوم من قبول الزمان للصوم شرعا فلا يصح صوم العيدين الفطر والأضحى مطلقا لمن كان بمنى أو مكة أو غيرهما ناسكا أو غيره قال العلامة (ره) في المنتهى ولا يصح صومي العيدين و هو قول أهل العلم كافة وقال فيه أيضا ولا خلاف في تحريم صوم العيدين بين المسلمين كافه وقال المحقق في المعتبر على تحريم صومها اتفاق فقهاء الاسلام والنصوص بذلك أيضا مستفيضة من طرق العامة والخاصة وسيأتي في رواية زرارة عن الباقر (عليه السلام) جواز صيام العيد وأيام التشريق للقاتل في أشهر الحرم ولا أيام التشريق وهي الثلاثة بعد الأضحى سميت بذلك من تشريق الحكم وهي تقديده وبسطه في الشمس ليجف لان لحوم الأضاحي كانت تشرق فيها بمنى وقيل سميت به لان الهدى والضحايا لا ينحر حتى ترق الشمس أي تطلع لمن كان بمنى ناسكا أو غير ناسك وادعى المحقق في المعتبر إجماع علمائنا على تحريم صومها لمن كان بمنى ويشعر كلامه فيه بقول بعض الأصحاب بتحريم صومها مط حيث قال وقال الشيخ إنما يحرم على من كان بمنى وعليه عمل أكثر الأصحاب ودل على ذلك رواية معاوية بن عمار قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصيام أيام التشريق فقال أما بالامصار فلا بأس وأما بمنى فلا والعمل بهذا أولى من الأخبار المطلقة لأنها ليست على حد اليقين فيؤخذ بما وقع الاتفاق عليه وتمسكا فيما عداه بالأصل انتهى ولكن الشهيد الثاني قال في الروضة ولا يحرم صومها على من ليس بمنى إجماعا وإن أطلق تحريمها في بعض العبارات كالمصنف في الدروس ونظره إلى ما سيأتي من قول المصنف بعد ذلك والمحظور صوم العيدين والتشريق ومن المعلوم إن تعويله في الاجمال على التفصيل الذي ذكره هنا وقال العلامة أيضا في المختلف إن من أطلق مراده التقييد والأخبار الواردة في تحريمها والنهى عنها مطلقا من غير تقييد بمن كان بمنى كثيرة منها ما رووه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن صوم ستة أيام الفطر والأضحى وأيام التشريق واليوم الذي يشك فيه أنه من شهر رمضان ومنها صحيحة زياد بن أبي حلال قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) لا تصم بعد الأضحى ثلاثة أيام ولا بعد الفطر ثلاثة أيام لأنها أيام أكل وشرب ومنها موثقة عبد الكريم بن عمر وقال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أنى جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم فقال لا تصم في السفر ولا العيدين ولا أيام التشريق ولا اليوم الذي يشك فيه ومنها موثقة كرام قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أنى جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم فقال صم ولا تصم في السفر ولا أيام التشريق
(٣٩٢)