فلا شبهة في المنع عن ابتلاعها وإيصالها إلى الجوف عمدا ولو بتبعية استنشاق الهواء وأيضا لو ظهر من الغبار أو الدخان في الرطوبات التي في فضاء الفم أثر المحسوس يطلق عليه اسم شئ فلا يجوز ابتلاعها ويجب التحفظ والتحرز عن إيصالها إلى الحلق ويحتمل أن يكون مرادهم بالغبار الغليظ ذلك أي ما اشتمل على الاجزاء الصغار المحسوسة بحيث يؤثر بمجرد الوصول والعبور وحينئذ فكون الامر على ما هو المشهور في غاية الظهور وأما التمسك بخبر سليمان بن جعفر فضعفه ظاهر بجهالة حال الراوي وإضمار المروى عنه واشتغاله على إفساد المضمضة والاستنشاق وشم الرايحة الغليظة مطابق للصوم ووجوب الكفارة فيها مطلقا وتعيين الصوم في الكفارة مع تعارضه لموثقة عمرو بن سعيد عن الرضا (عليه السلام) قال سئلته عن الصائم يتدخن بعود أو بغير ذلك فتدخل الدخنة في حلقه قال جايز لا بأس به قال وسئلته عن الصائم يدخل الغبار في حلقه قال لا بأس هذا ما تعلق بهذه المسألة بحسب ما استدلوا به عليها ولكن الشهرة العظيمة بين الأصحاب خصوصا مع عدم ظهور مصرح بالخلاف ودعوى ابن إدريس للاجماع لا يرخص في الخلاف وينبغي مراعاة الاحتياط في مثل هذا العبادة المهمة التي من معظم التكاليف الشرعية ثم إن الشهيد الثاني (ره) حكم بأن وجوب القضاء والكفارة في تعمد الاخلال بالكف عن إيصال الغبار قطعي مع عدم اعتباره للغلظة وبعد ما عرفت حقيقة الحال تعرف أنه (ره) أعلم بما قال وحكم أبو الصلاح بأن من وقف في غيرة مختار فعليه القضاء ولا وجه أصلا لايجاب الوقوف مطلقا للقضاء وكأنه قصد مع إيصال الغبار إلى حلقه وتسامح في العبارة للشهرة والبقاء على الجنابة عمدا مع علمه بها ليلا حتى يطلع الفجر وسيجئ ما هو في حكم هذا البقاء وحرمته في صوم شهر رمضان وإيجابه القضاء قول معظم الأصحاب وادعى ابن إدريس عليه الاجماع وهو الظاهر من كلام السيد المرتضى أيضا في الانتصار وأما في غيره من الصيام فسيأتي القول فيه ولتحرير له في الصوم مطلقا ظاهر كلام الصدوق في المقنع حيث قال في أثناء فتاويه في باب ما يفطر الصائم وما لا يفطره وسئل حماد بن عثمان أبا عبد الله عليه السلام عمن أجنب في شهر رمضان من أول الليل وآخر الغسل حتى يطلع الفجر فقال له قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجامع نسائه من أول الليل ويؤخر الغسل حتى يطلع الفجر ولا أقول كما يقول الأقشاب يقضى يوما مكانه انتهى والأقشاب جمع قشب بالكسر وهو من لا خير فيه والظاهر أن فاعل يقضى من أجنب والغرض الاستدلال بفعله صلى الله عليه وآله على جواز البقاء على الجنابة وعدم إيجابه للقضاء ورد قول الجماعة بعدم الجواز والايجاب للقضاء ويحتمل على بعد أن يكون الفاعل رسول الله صلى الله عليه وآله ويكون قول هؤلاء إن النبي صلى الله عليه وآله كان يجنب ويؤخر الغسل ويقضى يوما آخر مكانه فأنكر (عليه السلام) تلك الشتمة منهم وردها ولكن هذا القول بعيد من العام أيضا ثم إن ما أفاده الصدوق في المقنع لا يظهر من كلامه في الفقيه حيث ذكر فيه الأخبار الدالة على وجوب القضاء على ناسي الغسل وعلى النائم بعد الاستيقاظ من نوم الجنابة وعلى أن الذي يقضى شهر رمضان إذا طلع عليه الفجر جنبا لا يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره والقول بالتحريم وعدم وجوب القضاء مما لا قائل به هنا حجة القول المشهور أو لا على ما أفاده العلامة في المختلف إن الانزال نهارا موجب للقضاء والكفارة فكذا استصحاب الانزال بل هذا آكد لان في الأول قد انعقد الصوم في الابتداء وهنا لم ينعقد وضعف هذا الاحتجاج واضح للفرق البين بين الانزال واستصحاب الجنابة وظهور عدم استلزام إفساده وكون إفساد الانزال بل المباشرة باعتبار إحداث الجنابة غير ظاهر وعلى تقدير ثبوته فلا يدل تنافى إحداثها للصوم ونقضه إياه على تنافي استمرارها له ألا ترى إنهم لا يقولون بوجوب الغسل فورا على المحتلم في نهار شهر رمضان وثانيا الأخبار الكثيرة المستفيضة الدالة عليه وفيها الصحيح وقوى السند والاحتجاج بها قوى خصوصا مع شهرة هذا القول بين الأصحاب وموافقة للاحتياط وأما قول الصدوق فدليله الأصل والآية الكريمة لدلالتها على جواز المباشرة إلى طلوع الفجر وإذا أجازت المباشرة إلى الطلوع لزم تسويغ أن يصبح الرجل جنبا واللزوم ظاهر وأما استفادة الجواز منها فالظهور وقوله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم وقوله فالآن باشروهن في الليل كله كيف والجواز في البعض كان قبل هذا التخفيف أيضا وقوله حتى يتبين لكم بيان لغاية الثلاثة ويدل على هذا القول أيضا الاخبار من العامة والخاصة والجواب إن المخرج عن حكم الأصل الأخبار الكثيرة وتجويز المباشرة في تمام الليل أصالة في الآية الكريمة لا يستلزم عدم تحريمها في الجزء الأخير منه بالعرض باعتبار الاخلال بالطهارة التي هي شرط الصوم كما لا يستلزم عدم تحريم الثلاثة في الجزء الأخير من باب المقدمة مع إمكان القدح في ظهور إطلاق قوله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث وقوله فالآن باشروهن في تمام الليل ويكفي للتخفيف جواز المباشرة بعد العشاء في الجملة خصوصا إذا جاز في أكثر أجزاء الليل إلا قدر لحظة للغسل وكذا يمكن القدح في تعلق حتى بالمعطوف عليه إذا لا يلزم التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه في جميع الأحكام ومع تسليم الظهور نقول يجوز صرف الآية على الظاهر للخبر وأما الاخبار فتأول بالتقية ونحوها للجمع والخبر العامي يؤيد احتمال التقية والحقنة بالمايع اختلفوا في حكم الحقنة فمنهم من قال لا يجوز للصائم أن يحتقن وأطلق ومنهم من قال إنها تفسد الصوم والمطلق وذهب العلامة في المختلف إلى إفساد مطلقها للصوم وإيجابها
(٣٤٣)