قام فأكل وشرب ثم نظر إلى الفجر فرأى أنه قد طلع فليتم صومه ويقضي يوما آخر لأنه بدء بالاكل قبل النظر فعليه الإعادة وليس في الخبر اعتبار شئ يفيد الظن ببقاء الليل سوى الاستصحاب كما ترى وترك ذكر الكفارة في هذين الخبرين والأخبار الآتية يدل على سقوطها مع أصالة البراءة وجواز الافطار و عدم الاثم للاستصحاب وقال أحد من علماء الجمهور إذا جامع بظن أن الفجر لم يطلع وتبين له أنه كان طالعا وجب عليه القضاء والكفارة مطلقا ولم يعتبر المراعاة واستدل بأن النبي صلى الله عليه وآله أمر المجامع بالتكفير من غير تفريق ولا تفصيل ولأنه أفسد صوم رمضان بجماع تام فوجبت عليه الكفارة كما لو علم وضعفه ظاهر لأنه (عليه السلام) إنما أمر المجامع بالكفارة للهتك ولهذا شكى الرجل من كثرة الذنب كما تقدم وشدة المؤاخذة إنما يكون مع قصد الافطار فلا تناول صورة النزاع والفرق بين العلم والجهل واضح بالهتك والاقدام على مخالفة الامر عمدا في صورة العلم ولو تم ذلك لدل على وجوب الكفارة فيما يفسد الصوم غير الجماع أيضا لو أتى به ثم تبين أن الفجر كان طالعا وكان وجه تخصيصه أنه لا يقول بوجوب الكفارة في إفساد الصوم بغير الجماع مطلقا والحكم ما ذكرناه سواء أخبره غيره ببقائه أو زواله أو لا لعدم العبرة شرعا بمجرد الخبر من دون إفادة العلم أو عدالة المخبر مع التعدد ولما رواه العيص بن القاسم ووصفه في المنتهى بالصحة وفي الطريق محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحرون في بيت فنظر إلى الفجر فناداهم فكف بعضهم وظن بعضهم أنه يسحر فأكل قال يتم صومه ويقضي وهذا الخبر إن أفاد عدم وجوب الكفارة باعتبار ترك ذكرها فإنما يفيد في صورة ظن السامع بكذب المخبر فأما ظن الصدق أو الشك فلا يظهر حكمهما منه وكلام أكثر الأصحاب كعبارة المصرة غير تام في تنقيح حكم جميع شقوق هذه المسألة ويمكن إدخال الظن في العلم الذي يذكره المصنف (ره) في الاستثناء وأما الشك فكلامه مختل في إفادة حكمه لان أوله يشعر بوجوب الكفارة فيه كما عرفت وهذه العبارة تدل على سقوطها ويقوى القول بالسقوط بحكم الأصل حتى يد ل دليل تام على وجوبها ولم يوجد وأمر الاحتياط واضح وما رواه معاوية بن عمار في الحسن بن إبراهيم بن هاشم قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أمر الجارية أن تنظر طلع الفجر أم لا فتقول لم يطلع فأكل ثم أنظر فأجده قد طلع حين نظرت قال تتم صومك وتقضيه أما أنك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضاؤه ونفيه (عليه السلام) عنه القضاء لو كان هو الناظر ظاهره أنه باعتبار أن مع المراعاة وتبين الخطأ يسقط القضاء ويحتمل على بعد أن يكون باعتبار بصيرته وعدم اشتباهه في تحقيق الفجر فكان هذا الكلام منه (عليه السلام) لنوع لوم وتوبيخ للسائل بأنه لأجل تفريطه في تحقيق الفجر أدخل الخلل في عبادته وألزم على نفسه مشقة القضاء إلا أن يكون المخبر بطلوع الفجر معلوم الصدق أو عدلين فيكفر السامع مع تناوله المفسد بعد سماعه أما في صورة العلم فوجوبها ظاهر لأنه متعمد الافطار في وقت يعلم أنه من نهار رمضان وأما في صورة أخبار العدلين فلان قولهما محكوم به شرعا فيترتب عليه توابعه ثم أنه لو تناول المفسد مع الشك في طلوع الفجر واستمرار الاشتباه ولم يظهر المخالفة ولا الموافقة فلا قضاء عليه لان الأصل بقاء الليل فيستصحب حكمه إلى أن يعلم زواله ولا علم مع الشك ولأن الأصل براءة الذمة فلا يصار إلى خلافه إلا بدليل وفقده ظاهر مع ما عرفت من اعتبار تبين الفجر في الآية الكريمة واعتبار أذان أم مكتوم فيما روي عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم وكان رجلا أعمى لا يؤذن حتى يقال له أصبحت وكذا يجب القضاء خاصة لو أفطر لظن لدخول الليل لظلمة عرضت لغيم أو قتام ونحوهما مع قدرته على المراعاة وملاحظة الامارات الشرعية للغروب ثم تبين الخطأ ووقوع الافطار في النهار بل ولو استمر الاشتباه ولم يظهر وقوعه في الليل بخلاف ما لو ظهرت الموافقة فإنه لا قضاء وكذا من لم يقدر على المراعاة فلا قضاء عليه وإن ظهرت المخالفة واعلم أن الأصحاب اختلفوا في حكم هذه المسألة فقال المفيد (ره) ومن ظن أن الشمس قد غابت لعارض من الغيم أو غير ذلك فأفطر ثم تبين أنها لم تكن غابت في تلك الحال وجب عليه القضاء لأنه انتقل عن يقين النهار إلى ظن الليل فخرج عن الفرض لشك وذلك تفريط منه في الفرض وظاهر هذا الكلام منه (ره) أنه يقول بوجوب القضاء خاصة للافطار بالظن مطلقا مع تبين الخلاف من غير فرق بين قوة الظن وضعفه وكذا بين القدرة على المراعاة وعدمها ولا يظهر منه حكم الافطار للشك أو الوهم وكذا الظن مع استمرار الاشتباه والمراد بالشك في كلامه (ره) مقابل العلم وقال الشيخ في المبسوط في طي ذكر ما يوجب القضاء دون الكفارة وكذلك الافطار لعارض يعرض في السماء من ظلمة ثم تبين أن الليل لم يدخل وقد روي أنه إذا أفطر عند إمارة قوية لم يلزمه القضاء وهو أيضا مثل كلام المفيد ويظهر منه حمل الرواية الدالة على سقوط القضاء في صورة الافطار مع ظن دخول الليل على الظن القوي إلا أن يقال وصفه الامارة بالقوة لحصول الظن وإخراج الشك فإنه أيضا إنما يحصل لامارة وحكم المحقق (ره) في المعتبر بأولوية قول المفيد وقواه العلامة في المنتهى ومال إليه في المختلف ونسبه إلى السيد المرتضى وسلار وأبي الصلاح وقال الصدوق في الفقيه بعد نقل الأخبار الدالة على عدم وجوب
(٤٠٧)