صايما لأجل طلب العلم أو قراءة القرآن أو غيرهما من العبادات فغير ضاير لظهور إن الغرض التعريف بحسب اللفظ ولا يضر أمثال ذلك في التعاريف اللفظية ولعله لمزيد كشفه أجود مما قيل أنه لبث في مسجد جامع مشروط بالصوم ابتداء والمراد باشتراطه بالصوم ابتداء الاشتراط بحسب أصل الشرع من دون جعل للمكلف بنذر وشبهه وذلك لاخراج مثل ما لو نذر أحد صيام ثلاثة أيام في المسجد الجامع ثم إن المسلمين اتفقوا على مشروعية الاعتكاف وقال الله تعالى إن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود وقال عز من قائل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد والاخبار بذلك مستفيضة وأجمع أهل العلم على أنه ليس بفرض في ابتداء الشرع بل هو مستحب وإنما يجب بنذر ونحوه كما سيأتي وفرع المصنف على ما ذكره في بيان مهيته بحسب الشرع عدم صحته في غير المسجد فقال فلا يصح في غير المسجد وأراد بالمسجد الذي ذكره في التعريف أي الجامع وأقول أما اشتراط المسجد في الجملة فمما اتفق عليه أهل العلم كافة ويشعر به قوله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد فلو صح الاعتكاف في غير المسجد لم يخص التحريم بالاعتكاف في المسجد لحرمة المباشرة في حال الاعتكاف مطلقا وأما تعيين المسجد فقد اختلفوا فيه وقال المصنف في شرح الارشاد للأصحاب في ضابط محل الاعتكاف أقوال طرفان ووسايط الأول المسجدية لا بقيد وإن تفاوتت في الفضيلة كتفاوت الصلاة فيها وهو فتوى ابن أبي عقيل لقوله تعالى وأنتم عاكفون في المساجد وهو جمع عموم لأصالة عدم المعهود ولرواية داود بن الحصين لا اعتكاف إلا بصوم وفي مسجد المصر الذي أنت فيه وهو شامل لما يجمع فيه وغيره الثاني الجمعية من الامام العام للمسلمين نبيا كانت أو وصية والامام شامل للنبي صلى الله عليه وآله والعام يخرج به الخاص وللمسلمين يخرج به نحو بيت المقدس إن لم يثبت النبي صلى الله عليه وآله صلى فيه الصلاة المعتبرة ولا عبرة بالجماعة من دون جمعة وهو قول الصدوق في الفقيه والمرتضى والشيخ والاتباع وابن إدريس الثالث الجماعية من الامام المذكور وهو قول على بن بابويه وابنه في المقنع ولم يذكر الجمعة وأصحاب هذين القولين لم يثبت عندهم الضابط إلا في الأربعة و اختلفوا في مسجد المداين فالشيخ علي بن بابويه رجحه على مسجد البصرة وابنه في المقنع اختار الخمسة ولم يترتب على اختلافهم من الضابطين حكم إذ لم يثبت مسجد صلى فيه الامام جماعة لا غير إلا ما روي في صلاة الحسن (عليه السلام) في مسجد المداين جماعة وصاحب الفاخر جوزه في بيوت مكة ونقل إن النبي صلى الله عليه وآله جمع أول جمعة في مسجد وأتونا بقرب قبا الرابع الجامعية وهو المسجد الجامع وصرح المفيد (ره) بكونه الأعظم فلو كان في البلد مسجدان يكون كذلك لجاز وهو ظاهر اختيار المحقق في كتبه الثلاثة لأنه ذكر في الشرايع والنافع المسجد الجامع وفي المعتبر رجح قول المفيد ثم اختار المصنف (ره) قول المحقق أي المسجد الجامع كما اختاره هنا وفي اللمعة وذكر إن الظاهر أن مراد المفيد من الأعظم مسجد الجماعات فيرجع إلى مختاره واحتمل حمل كلام ابن أبي عقيل أيضا على ما اختاره ثم إن الظاهر أن المراد بالجامع كما صرح به في المسالك المسجد الذي يجمع فيه في البلد جمعة أو جماعة فيخرج نحو مسجد القبيلة فإنه لا يسمى جامعا وإن صلى فيه جماعة وأراد بالطرفين العامين أي المسجدية لا بقيد الجامعية وبالأوساط الخاصين أي الجمعية والجماعية والمراد بالمساجد الأربعة الحرمين وجامع الكوفة والبصرة القديمة وأقول القول الأول مع شذوذه وعدم صراحة كلام قائله تتبعه الاخبار ومما استدل به عليه فغير تام إذ المفهوم من الآية الكريمة ليس إلا أن الاعتكاف يقع في المساجد وأما إن كل مسجد فهو صالح للاعتكاف فيشكل فهمه منها مثلا إذا قيل لحكم إن ذلك مأخوذ مما سطر في الكتاب فالمفهوم منه أنه أخذ من كلام وقع تسطيره في الكتب لا من الداير على الألسن ولا يفهم منه أنه وقع تسطيره في كل كتاب كان وأما الاستدلال بخبر داود بن حصين فضعفه ظاهر لان المتبادر من مسجد المصر المسجد الجامع الذي يجتمع فيه أهله فيدل على خلاف مقصوده وأما القول الثاني أي القول بأن الضابط الجمعية فلا دليل عليه ظاهرا ولا مؤيد له من الاخبار مع قلة فائدة خلافهم مع من يجعل الضابط الجماعية كما عرفت فمعظم الخلاف في تلك المسألة بين من يقول بالحصر في الأربعة أو الخمسة لأجل اعتبار صلاة المعصوم فيه جمعة أو جماعة ومن يقول بصحة الاعتكاف في كل جامع من جهة اعتبار صلاة أهل البلد فيه جماعة وأكثر الأصحاب على الأول كالسيد المرتضى والصدوقين والشيخ وأبي الصلاح وسلار وابن البراج وابن حمزة وابن إدريس والعلامة رضي الله تعالى عنهم وأما القول الثاني فهو لابن أبي عقيل والشيخ المفيد بعد تحصيل كلامهما والمحقق والمصنف وأكثر المتأخرين حجة القول الأول أولا الاجماع الذي ادعاه المرتضى والشيخ في الخلاف والجواب إن مع ظهور مثل هذا الخلاف لا يسمع دعوى الاجماع كما قال في المعتبر وكيف يكون إجماعا والاخبار على خلافه والأعيان من فضلاء الأصحاب قايلون بضده وإن أرادوا بالاجماع الشهرة فلا يمكن الاحتجاج بها في محل النزاع وقال المصنف في الشرح والشهرة لو سلمت ليست حجة فرب مشهور مرجوع بل كم من مشهور باطل وثانيا إن اعتكاف النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (عليهم السلام) لم يثبت إلا في الأربعة فيجب الاقتصار عليها والجواب إن اقتصارهم عليها لعله لكونها أفضل أو اتفاقا فلا دلالة فيه على عدم جواز التعدي وإن كان المراد إن المتلقى والمتيقن ذلك القدر ولا يجوز التعدي في العبادة عما وصل إلينا من الشارع ففيه إن ما وصل إلينا من الأقوال العامة كما سيأتي في الاخبار كاف للاخذ بالعموم وهذا الفعل لا يفيد تخصيص العام أصلا
(٤٩٢)