كما عرفت غير سديد ولا يكن الحكم بشمول النذر الوارد في الآية له لان المراد النذر الشايع الذي هو طاعة والكلام في جواز هذا النذر فلم يبق إلا الرواية ورواية إبراهيم مع ضعف سندها يحتاج متنها إلى التأويل وقد عرفت حال رواية علي بن مهزيار والمحقق في المعتبر نسب القول إلى الشهرة لمكان ضعف الرواية والظاهر أن من يذهب إلى تحريم الصوم سفرا ندبا يلزمه القول بعد انعقاد نذره سواء كان منفرد أو منضما إلى الحضور وبالجملة فالاجماع غير معلوم ولكن الحكم بخلاف هذه الشهرة أيضا مشكل فالاحتياط في عدم التعرض لايقاع هذا لأنذر وظاهر عبارة المصنف وعبارة بعضهم جواز نذر صوم يوم معين في السفر منفرد أو صرح به الشهيد الثاني في الروضة وجوز المرتضى صحة صوم المعين إذا وافق السفر وإن لم يقيد النذر بالسفر لعموم أو أمر إيفاء النذر والعهود ولا يعمل بما ينافيها من الآحاد وبه روايتان أما الدالة على الجواز فرواية إبراهيم بن عبد الحميد المتقدمة وأما الدالة على المنع فكثيرة كما عرفت وتدل عليه أيضا موثقة عبد الله بن سنان قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يصوم يوما قد وقته على نفسه أو يصوم أشهر الحرم فيمر به الشهر والشهر أن لا يقضيه قال فقال لا يصوم في السفر ولا يقضي شيئا من صوم التطوع إلا الثلاثة الأيام التي كان يصومها في كل شهر ولا يجعلها بمنزلة الواجب إلا إني أحب لك أن تدوم على العمل الصالح قال وصاحب الحرم الذي كان يصوم مكان كل شهر من أشهر الحرم ثلثه أيام و الظاهر أن سؤال الراوي عن حال من يصوم يوما من كل شهر قد وقت صومه على نفسه هل يلزمه الاتيان به والمحافظة على فعل في كل حال حتى في السفر وعن حال من كان من عادته أن يصوم أشهر الحرم فيمر به الشهر والشهر إن منها لا يتفق له الصوم فيه فهل عليه قضاء ذلك الصيام والقضاء في قوله لا يقضيه بمعنى الفعل فأجاب (عليه السلام) عن الأول بأنه لا يصوم في حال السفر وعن الثاني بعدم قضاء صوم التطوع إلا الثلة الأيام فإنها تقضي ولكن لا بعنوان إن اللزوم ولا يجعلها الانسان بمنزلة الواجب بأن يهتم بها كما يهتم بشأن الواجب حتى لا يرخص نفسه للافطار فيها أصلا بل يفعلها أداء وقضاء بعنوان استحباب المداومة على العمل الصالح وفعل الخير ثم ذكر (عليه السلام) إن صاحب العادة بصوم أشهر الحرم يجزيه في إدارك نحو الفضيلة المعتادة أن يصوم بدل كل شهر فإنه فيها ثلثه أيام بحكم من جاء الحسنة فله عشر أمثالها وهذا أيضا نوع استثناء عن قوله ولا يقضي شيئا من صوم التطوع ورواية مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) في الرجل يجعل على نفسه أياما معدودة مسماة في كل شهر فتمر به الشهور إنه لا يصوم في السفر ولا يقضيها إذا شهد وأنت خبير بأن حمل التوقيت والجمل في الخبرين على اشتراط غير مقرون وبما يلزم الوفاء به شرعا كالنذر وشبهه غير مستبعد خصوصا في الخبر الأول و ابنا بابويه جزاء الصيد قاله على في رسالته وابنه في مقنعه وقال في المختلف احتج على هذا القول بالأصل وبأنه يدل على جزاء وجب في الحرم فجاز صومه في السفر كالثلاثة في بدل الهدى والجواب عن الأول بأن الأصل يعدل عنه لدليل أقوى والقياس ممنوع ومنقوض بالسبعة والمفيد ما عدا رمضان في فحوى كلامه هذا القول منه (ره) في غير مقنعه ومخالف لما قاله فيها واحتج عليه بالأصل والجواب المنع من بقاء حكمه مع قيام المنافي الدال على خلافه وقد عرفته مفصلا والكل متروك قول السيد وابني بابويه والمفيد (ره) وقد عرفت وجه الترك والأقرب كراهة الندب سفرا اختلفوا في صيام التطوع في السفر سوى ما يستثنى فقال ابن بابويه في الفقيه فأما صوم التطوع في السفر فقد قال الصادق (عليه السلام) ليس من البر الصوم في السفر وظاهره القول بعدم الجواز وقريب منه قوله في المقنع وكذا قول سلار وقال المفيد بأولوية الاجتناب عنه للاحتياط وقال الشيخ في النهاية يكره صيام النوافل في السفر على كل حال وقد ورد رواية في جواز ذلك فمن عمل بها لم يكن ما ثوما إلا إن الأحوط ما قدمنا وقال في المبسوط يكره صوم التطوع في السفر وروى جواز ذلك وكأنه (ره) أراد بالكراهة المنع ولزوم التجنب وبالجواز الرخصة ثم جعل الاحتياط كما قاله المفيد وقال ابن حمزة صيام النفل في السفر ضربان مستحب وجايز فالأول صيام ثلثه أيام عند قبر النبي (صلى الله عليه وآله) لصلاة الحاجة والثاني ما سوى ذلك وروى كراهة صوم نافلة في السفر والأولى أثبت والظاهر أن مراده بالمستحب المأمور به المرغب فيه وبالجايز ما فهم من الشرع الرخصة في الاتيان به وأراد بالكراهة المنع والخطر أقول وأما الأخبار الدالة على المنع عن الصيام في السفر فقد عرفتها ويزيدها بيانا ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر في الصحيح بمكة والمدينة ونحن سفر قال فريضة فقلت لا ولكنه تطوع كما يتطوع بالصلاة فقال تقول اليوم وغدا فقلت نعم فقال الجوهري سفرت خرجت إلى السفر فأنا مسافر وقوم سفر مثل صاحب وصحب وكأنه (عليه السلام) أراد بقوله تقول اليوم وغدا أن يعلم إن له العزم على إقامة ثلاثة أيام حتى يأمره بالصوم في المدينة أم لا ويحتمل أن يكون أيضا شدة الكراهة في صورة عدم قصد الإقامة رأسا وقال الشيخ في التهذيب بعد نقل هذه الرواية ولو خلينا وظاهر هذه الأخبار لقلنا إن صوم التطوع في السفر محظور كما إن صوم الفريضة محظور غير إنه ورد فيه من الرخص ما نقلنا عن الخطر إلى الكراهة وذكر في ذلك خبرين مرسلين في غاية ضعف السند أعني خبر إسماعيل بن سهل عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) وخبر حسن بن بسام الحمال عن رجل عنه (عليه السلام) وقد ذكرنا هما سابقا ثم إن في هذا المقام إشكالين
(٣٧١)