الخامس قضاء النوم شهر رجب ولم يصمه فيجب عليه قضاء صيام أيامه ولا يلزمه التتابع فيه ولو كان قد شرط فيه التتابع كصوم عشرة أيام متتابعة من شهر كذا فلم يصمه ففي وجوبه أي وجوب التتابع في قضائه وجهان من اشتراطه في النذر فيجب مراعاته ومن أن الأصل المشروط بالتتابع قد فات والمعلوم وجوب قضائه مطلقا وأما بشرط التتابع فلا أقربهما الوجوب بل أحوطهما وأما صيام ثمانية عشر يوما بدل البدنة للمفيض من عرفات قبل الغروب فالأحوط فيه التتابع خروجا عن خلاف من أوجبه ولا يمكن الحكم بوجوبه لاطلاق الامر بصيامها من دون ذكر التتابع في صحيحة ضريس عن أبي جعفر (عليه السلام) وهي الأصل في تلك المسألة وقد مر ذكر الرواية في بحث استثناء هذا الصوم عن حكم تحريم الصوم الواجب في السفر وقد أشار المصنف (ره) بذلك إلى أن دخول بدل البدنة في كلية كل الصوم يلزم فيه التتابع من باب الاحتياط وكذا ما سيجئ في كتاب الحج من قوله فإن عجز صام ثمانية عشر يوما متتابعا سفرا أو حضرا وما ذكروا من أن الشهيد في الدروس اختار القول بوجوب المتابعة في صيام بدل البدنة و أوردوا إن القول بعدم الوجوب متجه ولكن الأولى المتابعة لا يخلو عن شئ وذكر الشيخ صوم الرقيق في جناية الاحرام فقال في المبسوط وإذا أحرم بإذن مولاه فارتكب محظور أيلزم به دم مثل اللباس والطيب وحلق الشعر وتقليم الأظفار واللمس بشهوة والوطي في الفرج أو فيما دون الفرج وقتل الصيد أو أكله ففرضه الصيام وليس عليه دم ولسيده منعه منه لأنه فعله بغير إذنه وقال المفيد (ره) على السيد الفداء في الصيد وقال المحقق في المعتبر إن جناياته كلها على السيد لأنها من توابع إذنه في الحج ولصحيحة حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كلما أصاب العبد وهو محرم في إحرامه فهو على السيد إذا إذن له وذكر آخر صوم الأمة تجامع بطوعها في الاحرام بدلا عن البدنة ولا نص فيه بل النص على خلافه كما عرفت ولا في تتابعه وأشار بذلك إلى استثنائه عن الكلية وقد روى سليم بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن (عليه السلام) إنما الصيام الذي لا يفرق كفارة الظهار والقتل واليمين ولفظ الخبر هكذا قال سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان أيقضيها متفرقة قال لا بأس بتفريقه قضاء شهر رمضان إنما الصيام الذي لا يفرق كفارة الظهار وكفارة الدم وكفارة اليمين ولا يبعد حمل الحصر فيه على الإضافي مع جهالة سند الخبر وكل ثلاثة وجب تتابعها وأخل به أي بالتتابع فالظاهر استينافها سواء كان لعذر أولا لعدم إتيانه بالمأمور به على وجهه إلا ثلاثة الهدي من جملة العشرة التي يجب على من لم يجده إذا صام يومين وكان الثالث العيد فإنه يبني ويوم الثالث بعد النفر وادعى العلامة في المختلف الاجماع على هذا لاستثناء ويدل عليه أيضا ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (عليه السلام) فيمن صام يوم التروية ويوم عرفة قال يصوم يوما آخر بعد أيام التشريق والشهرة جابرة لضعفهما والأخبار الصحيحة الدالة على أن من فاته صوم اليوم السابع يصوم يوم الحصبة وهو يوم النفر ويومين بعده يحمل على الاستحباب ولعل الأحوط العمل بها والشيخ (ره) في المبسوط لم يشترط فصل العيد حيث قال في كتاب الصوم وصوم دم المتعة إن صام يومين ثم أفطر بني وإن صام يوما ثم أفطر أعاده ولعله (ره) أجمل هنا تعويلا على ما فصله في كتاب الحج وأما الشهران أو الشهر فكما مر مستوفي باعتبار تفصيل حكم التتابع وفي رواية في التهذيب يستأنف المريض أي حسنة جميل ومحمد بن حمران عن أبي عبد الله (عليه السلام) وقد مر ذكرها في بحث ما يكفي في تتابع الشهرين وتحمل على مرض غير موجب للافطار أو على الاستحباب كما عرفت ولا يعذر من يصوم الشهرين المتتابعين في الاخلال بالتتابع بفجأة مثل رمضان أو العيد الأضحى قبل وصل الشهرين سواء علم قبل شروعه في الصوم المفاجأة أم لا بخلاف فجأة الحيض وإن علمت والنفاس إن لم تعلم وإن علمت فالحكم بالبناء وعدم وجوب الاستيناف لا يخلو عن إشكال وأما السفر الضروري فعذر إذا حدث سببه بعد الشروع في الصوم وقد مر البحث عن الجميع مستوفي والاعتكاف ملحق بالصوم ويذكر بعده لاشتراطه به وتأكد استحبابه في شهر رمضان فقال المصنف (ره) بعد فراغه عن بحث الصوم كتاب الاعتكاف وهو لغة اللبث الطويل والحبس والاقبال على الشئ مواظبا قال الجوهري عكفه أي حبسه ووقفه يعكفه عكفا ومنه قوله تعالى والهدي معكوفا ومنه الاعتكاف في المسجد وهو الاحتباس وعكف على الشئ يعكف عكوفا أي أقبل عليه مواظبا قال الله تعالى على قوم يعكفون على أصنام لهم وعكفوا حول الشئ استداروا انتهى وشرعا يستعمل في معنى أخص من ذلك فقال المحقق (ره) هو اللبث المتطاول للعبادة ولا ريب في عمومه لصدقه على اللبث الطويل لأجلها سواء كان في المسجد أم غيره صائما أو غير صائم بنية الاعتكاف وعدمها وقال العلامة هو لبث مخصوص للعبادة ولا حسن في هذا التعريف أيضا لأجل كمال إجماله وعدم اشتماله على إيضاح لفظي يفيد الانتقال إلى المعرف ولقد أحسن المصنف فأوضحه غاية الايضاح وعرفه بأنه اللبث في مسجد جامع ثلاثة أيام فصاعدا صائما للعبادة وما قيل من أن فيه ذكر شرايط المحدود في الحد وهو عيب وإن طرده ينتقض باللبث في المسجد ثلاثة أيام
(٤٩١)