ولهذا يجب عليهما القضاء وفساده كما أفاده رحمه الله واضح للتنافي الظاهر بين وجوب الصوم والفطر ووجوب القضاء بأمر جديد نعم لهما أهلية التكليف وشملهما الخطاب العام بالصيام ظاهر أو خرجنا عنه باعتبار المانع الذي ظهر ما نعيته عن الشرع قال أراد القائل بالوجوب مجرد هذا فلا نزاع إلا تجب اللفظ ولو زال في الأثناء استحب الامساك لما مر من أن الظاهر وفاقهم على ذلك وفي رواية أبي بصير المتقدمة قال وسألته عن امرأة رأت الطهر أول النهار قال تصلى وتتم يومها ويقضى وموثقة عمار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) في المرأة تطلع الفجر وهي حايض في شهر رمضان فإذا أصبحت طهرت وقد أكلتا ثم صلت الظهر والعصر كيف تصنع في ذلك اليوم الذي طهرت فيه قال تصوم ولا تعتد به وفى رواية الزهري عن علي بن الحسين (عليهما السلام) في عد وجوه صوم التأديب وكذلك الحايض لو طهرت أمسكت بقية يومها وقال أبو حنيفة بوجوب هذا الامساك مع القضاء وكذا قال بوجوب الامساك والقضاء لساير أولى الاعذار إذا زال عذرهم في أثناء النهار لان زوال العذر لو طرء قبل طلوع الفجر لوجوب الصوم فإذا طرء بعد الفجر وجب الامساك كما لو قامت البينة في أثناء النهار بعد الافطار بأن اليوم من شهر رمضان والجواب بالفرق كما أفاده العلامة في المنتهى لان الافطار أبيح ظاهر أو باطنا لصاحب العذر في أول النهار فإذا أفطر أو حصل الفطر له بالغدر كالحيض والنفاس أو فات عنه وقت نيه الصوم باستمرار العذر إلى الزوال كان له أن يستديم الافطار إلى آخر النهار كما لو استمر العذر إليه وهذا بخلاف قيام البينة فإنه لم يكن له الفطر باطنا وإنما أبيح له ظاهر الاجل الجهل فلما انكشف له الحال حرم عليه الافطار لو طهرت ليلا فتركت الغسل قضت ولا كفارة على الأقرب قال العلامة في المنتهى لم أجد لأصحابنا نصا صريحا في حكم الحيض في ذلك يعنى أنها إذا انقطع دمها قبل الفجر هل يجب عليها الاغتسال ويبطل الصوم لو أخلت به حتى يطلع الفجر والأقرب ذلك لان حدث الحيض يمنع الصوم فكان أقوى من الجنابة وابن أبي عقيل قال الحايض والنفساء إذا طهرتا من دمهما ليلا فتركتا الغسل حتى يطلع الفجر عامدتين وجب عليهما القضاء خاصه انتهى والظاهر أن الأقرب عنده وجوب القضاء والكفارة معا كما ذكره في المختلف ويظهر أيضا من دليله حيث حكم بأن حدث الحيض أقوى من الجنابة إذ رأيه ترك غسل الجنابة عما يوجب القضاء والكفارة معا فكذا ترك غسل الحيض بطريق الأولى وابن أبي عقيل يقول في ترك غسل الجنابة بالقضاء خاصة وكذا هنا وفى النهاية تردد في ذلك وقال بعد عد المحرمات على الحايض وهذا التحريم باق ما دامت ترى الدم فإن انقطع ارتفع تحريم الصوم وإن لم تغتسل بخلاف الاستمتاع على رأى وما يفتقر إلى الطهارة لاستمرار التحريم إلى الاغتسال ويحتمل استمرار تحريم الصوم إلى الاغتسال لان الحيض حدث ينافي الصوم وإنما يرتفع بالغسل انتهى وقال في المدارك وجزم العلامة في النهاية بعدم وجوب القضاء وكأنه لسقوط قوله ويحتمل إلى اه من نسخته وتردد المحقق أيضا في المعتبر وقال وفيه أي بطلان الصوم بترك الغسل تردد وروى على بن الحسن عن علي بن إسباط عن عمه يعقوب الأحمر عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن طهرت بليل من حيضها ثم توانت أن تغتسل في رمضان حتى أصبحت عليها قضاء ذلك اليوم لكن على بن الحسن فطحي وابن إسباط واقفي انتهى والمذكور في كتب الرجال كما ذكرنا سابقا إن ابن إسباط كان فطحيا وإعراضه عن ذكر اشتراك أبي بصير يحتمل أن يكون للاختصار كما يحتمل أن يكون لأجل وجدانه القرنية على أنه الثقة والمصنف (ره) في الذكرى اقتصر على نقل الأقوال والخبر والشهيد الثاني حكم بإلحاق الحايض والنفساء إذا انقطع دمهما بالجنب ثم إن ما ذكره في المنتهى من أن حدث الحيض يمنع الصوم فكان أقوى من الجنابة فضعيف جدا إذ العلة في وجوب التحفظ عن حدث الجنابة في خصوص وقت طلوع الفجر من يوم الصيام دون ساير أوقات النهار غير معلومة من الشرع فكيف يمكن قياس حدث آخر عليه مع أن المعلوم منع أصل الحيض عن الصيام في أي جزء كان من النهار بخلاف نزول المنى وأما الحالة الوهمية التي تبقى في البدن بعد زوال وانقطاع الدم في النهار في القوة والضعف بالنسبة إلى الحالة التي تحصل بنزول المنى غير معلوم واختلاف تلك الحالة مع أصل الحيض في الأحكام الشرعية المترتبة عليهما واضح كما ترى من أن أصل الحيض يمنع عن الطلاق وعن وجوب قضاء الصلاة وعن الصلاة بالتيمم بخلاف تلك الحالة ويمكن أن يقال أيضا إن حدث الحيض أقوى من الاستحاضة وهي تخل بالصيام مع ترك الغسل على ما سيأتي فهو بطريق الأولى والظاهر أنه أقوى مما ذكره في المنتهى وإن ضعف في نفسه وأما الخبر فقد عرفت حال طريقه وكيف كان فالاحتياط في القضاء البتة والحكم بوجوب الكفارة في غاية البعد وعلى القول بوجوب القضاء فالحكم بسقوطه بالنوم مع العزم على الغسل كما في حدث الجنابة لا يخلو عن نظر إلا أن يكون المسلم الوجوب على التارك العامد (ويصح الصوم من المستحاضة إذا اغتسلت غسلي النهار) لا ريب في أن المستحاضة إذ أتت بما عليها من الغسل بحسب حال دمها صح صومها وعبارة الشيخ في المبسوط تشعر باعتبار تجديد القطن والخرقة وتجديد الوضوء أيضا وكأنه (ره) بتكلف في العبارة لبيان تمام ما عليها إن تفعله وأما التخصيص بغسل النهار فلما ذكره في المنتهى من أنها لو أخلت بالغسل الذي للعشائين فالأقرب صحة صومها إذ ذلك إنما يقع بعد انقضاء صوم ذلك اليوم وأقول لا ريب في أن اشتراط صحة الصوم السابق بالغسل اللاحق مستبعد ولكنها لو تركت غسل العشائين ففي صحة صومها اللاحق إذا اغتسلت قبل الفجر إشكال لان المعلوم من الشرع إن دفع حكم الحدث عنها إنما يكون بالاتيان بهذه الأغسال فمع الاخلال بشئ منها كما فرضنا يشكل الحكم بصحة الصوم باعتبار تداخل الغسلين في الفجر على ما يظهر من عبارة
(٣٨٤)