حجيتها إذا انضمت إلى الخبر وما رواه منصور بن يونس عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم قال قلت هلكنا قال ليس حيث تذهب إنما ذلك الكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وعلى الأئمة (عليهم السلام) وما رواه عثمان بن عيسى عن سماعة قال سئلته عن رجل كذب في شهر رمضان فقال قد أفطر وعليه قضاؤه وهو صائم يقضي صومه ووضوئه إذا تعمد ويحتمل أن يكون قوله وهو صائم بمعنى يتم صومه ولا يفطر بقية يومه ويحتمل أن يكون بمعنى أنه لا يخرج بسبب الكذب عن الصوم حقيقة ولكن ينقض كمال صومه ويحكم عليه بالقضاء لتداركه وعلى هذا فلا وجه للاحتياج به والجواب عن الخبر الأول بضعف السند باعتبار منصور بن يونس فإنه وإن وثقه النجاشي إلا أن الشيخ قال إنه كان واقفيا وروى الكشي حديثا أنه جحد النص على الرضا (عليه السلام) لأموال كانت في يده باعتبار اشتراك أبي بصير وبأنه متروك العمل لاشتماله على أن الكذب ينقض الوضوء وهو خلاف ما عليه الاجماع قال الشيخ في التهذيب قوله (عليه السلام) تنقض الوضوء أي تنقض كمال الوضوء وثوابه ووجهه الذي يستحق به الثواب لأنه لو لم يفعله كان ثوابه أعظم ومراتبه أزيد وأكثر ولم يرد (عليه السلام) بنقض الوضوء ما يجب منه إعادة الوضوء لأنا قد بينا في كتاب الطهارة ما ينقض الوضوء وليس من جملتها ذلك أقول هذا التأويل مع كمال بعده لو صح لدل على أن الغرض التشدد في أمر تحريم الكذب والمبالغة في الزجر عنه وحينئذ فالظاهر أن قوله (عليه السلام) بعد ذلك ويفطر الصائم أيضا على هذا الأسلوب أي ينقض كمال صومه وثوابه لا أنه يفسده ويوجب القضاء وبالجملة على هذا لا يبقى ظهور الكلام في إفادة وجوب القضاء فكيف الكفارة فلا يمكن الاحتجاج به وما قاله المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى من أنه لا يلزم من ترك ظاهر الحديث في أحد الحكمين تركه في آخر غير وارد لان تغيير الأسلوب في مثل هذا الكلام خلاف الظاهر والجواب عن الخبر الثاني باشتمال سنده على عثمان وسماعة وهما واقفيان ولم ينصوا على توثيق عثمان وبجهالة المسؤول عنه وباشتمال متنه على إيجاب مطلق الكذب للقضاء فيحتاج إلى التقييد وعلى قضاء الوضوء للكذب وهو خلاف الاجماع وأول الشيخ ذلك في التهذيب بالحمل على الاستحباب وعلى هذا فالظاهر أن تعلق يقضي بالصوم أيضا يصير كذلك ولا أقل من عدم ظهوره في الوجوب مع ضعف أصل دلالة يقضى على الوجوب فلا يمكن الاحتجاج به على الوجوب وهو يصير قرينة على المراد من قوله أولا وعليه قضاؤه أيضا ويمكن المناقشة في دلالة الخبرين على وجوب الكفارة لما تقدم من عدم دلالة تفطر وأفطر على أزيد من إفساد الصوم الذي يوجب القضاء خصوصا مع تفريع مجرد الحكم بالقضاء عليه كما وقع في الخبر الثاني وبالجملة فالحكم بوجوب القضاء والكفارة مشكل مع مخالفته للأصل وللحصر المستفاد من الصحيحة المتقدمة عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) لا يقال لا يمكن التمسك بهذا الحصر لان كثيرا من المفطرات المعلومة يضر الصائم غير ما عده الإمام (عليه السلام) في هذا الخبر مع أن الكذب يضر الصائم وغيره البتة فكيف يمكن الحكم بأنه لا يضر الصائم كما يستفاد من الحصر لأنا نقول يمكن إرجاع باقي المفطرات إلى الثلاثة وإدخاله فيها بنوع من الاعتبار كما لا يخفى على المتأمل بخلاف الكذب إذ لا يمكن إرجاعه إلى شئ منها ودرج الاحكام الكثيرة الفرعية في الضوابط الكلية وبيانها بالأقوال الوجيزة من السنن السنية لأبي جعفر (عليه السلام) ولقد قال زرارة والله ما رأيت مثل أبي جعفر قط قلت أصلحك الله ما يؤكل من الطير قال كل ما دف ولا تأكل ما صف وعلى هذا الأسلوب يتم الخبر بذكر قاعدة كلية في جواب كل سؤال مع أن التخصيص لا يخرج العام عن الحجية في غير ما دل الدليل على خلافه كما تقرر في الأصول وضعف ما ازداده السائل أخيرا واضح إذ ظاهر أن المراد بالضرر المنفي عما صنعه الصايم كما ورد في الخبر الضرر باعتبار إفساد الصوم وإفطاره والكذب غير مضر بهذا المعنى للصائم وإن كان مضرا له ولغيره من جهة أخرى و خلاصته ما ذكرناه يستفاد من كلام العلامة في المختلف ثم أن الكذب عليهم أعم من أن يكون في أمر الدين أو الدنيا كما صرح به في المنتهى لعموم لفظ الخبر وشموله للكل وكذا كلام الأصحاب والظاهر دخول الحكم والفتوى عن غير من بلغ درجة الاجتهاد في هذا الكذب إن لم يمكن ذلك منه بطريق النقل عن مجتهد أو إسناده إلى الوقوع في خبر وأما حكم المجتهد فالظاهر عدم دخوله وإن كان خطأ وأمر الاحتياط مهم جدا في مثل تلك العبادة المهمة شرعا واختلف أيضا في وجوبهما بسبب تعمد الارتماس وقد مر البحث عنه وبيان الأقوال الخمسة فيه مع احتجاجاتهم والمشهور الوجوب وإن ضعف المأخذ في كليهما كما عرفت وهذا استدراك من المصنف (ره) لما حكم به في الدرس السابق من إفساد فعل الثمانية للصوم وإيجابه القضاء والكفارة واختلف أيضا في وجوبهما بسبب تعمد ترك النية فأوجبهما الحلبي وبعض شيوخنا المعاصرين وهو نادر باعتبار إيجاب الكفارة وقد مر البحث عن ذلك مفصلا واختلف أيضا في وجوبهما بسبب شم الرائحة الغليظة التي تصل الجوف إذا تعمد ذلك فأوجبهما الشيخ في النهاية به ولم يعده من المفطرات في المبسوط والقاضي ابن البراج أيضا أوجبهما والمشهور خلافه فيهما وقال المفيد في موضع من المقنعة أنه ينقض الصوم وقال في موضع آخر منها أنه يوجب القضاء كما نقلنا عبارته سابقا في مسألة الغبار والظاهر أنه لم يرد بالنقض أولا مجرد نقض الكمال الذي يوجب القضاء بقرينة قوله الثاني وضمه له
(٤١٣)