ومن نذر أن يصوم يوما ويفطر يوما صوم داود (عليه السلام) فوالى الصوم فإنه يجب كفارة خلف النذر لأنه نذر أن يفطر فصام وهذا إنما يتم في الزمان المعين كما عرفت ويمكن التوفيق بين كلاميهما بحمل قوله على المعين وقول الحلبي على غيره وأجزأ عند الفاضل ولا كفارة فإن الصوم عبادة وطاعة فلا يتعلق النذر بعمدها كما لو نذر عدم الشغل بالصلاة وفيه أن النذر في الصورة المفروضة لم يتعلق بمحض ترك الصوم بل بالصوم على الوجه الراجح فلا استبعاد في عدم الاجزاء ووجوب الكفارة بالعدول عنه وقال وإن صام خمسة عشر يوما متوالية لم يجزه عن صوم الشهر المتفرق على إشكال وأقول والظاهر عدم الاجزاء بغير إشكال كيف لا وفي هذه الصورة قد ترك صوم بعض الأيام التي نذر صومها ولا خفاء في عدم إجزاء المتقدم عن المتأخر كما صرحوا به ولا يبطل صوم يوم قدوم زيد إذا قدم نهارا قبل الزوال ولما يتناول على الأقوى وفاقا للشيخ قال في المبسوط وإن نذر أن يصوم يوم يقدم فلان فقدم ليلا أو في بعض النهار لم يلزمه لان بعض النهار لا يكون صوما وإن كان قدومه ليلا فما وجد شرط النذر فإن وافق قدومه في بعض النهار قبل الزوال ولم يكن تناول شيئا مفطرا جدد النية وصام ذلك اليوم وإن كان بعد الزوال أفطر ولا قضاء عليه فيما بعد انتهى والقول الاخر الذي أشار إليه المصنف عدم انعقاد هذا النذر اختاره الشيخ في الخلاف ووافقه ابن إدريس لأنه إن قدم ليلا لم يجب صومه إجماعا لعدم الشرط وإن قدم نهارا فلعدم التمكن من صيام اليوم المنذور باعتبار مضي بعضه قبل تحقق الشرط والصوم لا يبعض وقد ظهر من كلامه في المبسوط وجه انعقاده لامكان الأداء في بعض الصور كما إذا قدم نهارا قبل الزوال ولما يتناول الناذر لبقاء وقت النية على وجه يسري حكمها إلى النهار كما عرفت سابقا ويكفي ذلك في انعقاد النذر ولا يشترط فيه إمكان الأداء دائما والعلامة (ره) في المنتهى اقتصر على نقل القولين وفي صوم المختلف رجح القول الثاني و حكم بعدم جودة كلام الشيخ فيما فرضه لان أوله لم يلزم صومه ولهذا لو أفطره لم يجب عليه قضاء ولا كفارة فلا يجب عليه باقيه لان الصوم لا يقبل التجزي وأقول الوجوب بالنذر تابع لتحقق الشرط والتمكن من المنذور فأول اليوم لما لم يتحقق الشرط فلا وجوب للصوم ويجزيه الافطار من غير قضاء وكفارة وبعد تحقق الشرط إن تمكن من الصوم بأن لم يتناول شيئا مع بقاء وقت النية على وجه يسري حكمها إلى أول النهار فيجب عليه الصوم لوجوب الوفاء بالنذر مع التمكن من المنذور وليس ذلك صوم بعض النهار حتى يرد ما ذكره (ره) من أن الصوم لا يقبل التجزي بل صوم الكل كما عرفت سابقا وإن لم يتمكن منه باعتبار التناول أو فوات وقت النية على الوجه المذكور فلا وجوب عليه أصلا ولعل ذلك أقرب إلى أصولهم ثم قال العلامة (ره) لا يقال ما ذكرتموه وارد في المسافر والمريض لأنا نقول الفرق واقع فإن صوم رمضان واجب بالأصالة بخلاف صورة النزاع ومع ذلك فلو لا النص الدال عليه لم نقل به ولم يثبت في صورة النزاع دليل انتهى وأقول لا خفاء في وجوب الصوم المنذور أيضا مع التمكن منه والتمكن في صورة النزاع حاصل كما يظهر من ملاحظة حال المسافر والمريض وغيرهما كمن أصبح يوم الشك بنية الافطار ثم ثبت الهلال قبل التناول والزوال مما ورد الحكم بصحة صومهم إذا نووا قبل الزوال ووجوبه عليهم إذا تمكنوا منه قبله مع جواز الافطار في اليوم قبل البرء والقدوم والثبوت كما عرفت سابقا مفصلا وبالجملة فلا حاجة في صورة النزاع إلى دليل يختص بها كما لا يخفى ثم إن العلامة (ره) في كتاب النذر من المختلف رجح القول الأول بل لو علم قدومه غدا علما يصلح للتعويل عليه نوى ليلا ويصوم غدا وجوبا كما قاله ابن الجنيد وإن قدم بعد الزوال لأنه في الليل يعلم إن الغد يوم قدوم زيد وجب عليه صومه بالنذر فلا بد له من الاتيان به واحتمال تخلف القدوم لا يقدح في تحقق العلم الشرعي وهو مناط التكليف وفيه إن الظاهر أن الاتيان بالمنذور لا يجب قبل وقوع الشرط وإن حصل لنا العلم الشرعي بأنه يقع وبعد وقوعه يراعي وجوب المنذور بالتمكن ولا يلزمنا حفظ ما يتوقف عليه التمكن قبله وبالجملة فالحكم بوجوب الصوم في هذه الصورة مشكل جدا وكان المصنف (ره) ذكر أنه ينوي ليلا من باب الاحتياط والمحافظة على العبادة ولو نذر صوم الدهر وأطلق من غير قصد إلى المحرم والمحلل صرف إلى غير المحرم منه ليصح وقد مر في بحث عدم صحة الصوم الواجب في السفر رواية كرام قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أني جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم فقال صم ولا تصم في السفر والعيدين ولا أيام التشريق ولا اليوم الذي يشك فيه من رمضان ولو قصد المحرم أيضا صح في المحلل إذ لا مانع عنه دون المحرم وقيل يبطل رأسا لان متعلقه صوم الجميع وهو محرم لا يمكنه جعله على نفسه لله ولا يصوم من نذر صوم الدهر سفره إلا مع التقييد في النذر بالحضر والسفر وقد مر البحث عن ذلك مفصلا ولا يحرم عليه السفر كما ظهر مما سلف من الاخبار ولكن الأقرب وجوب الفدية بمد عن كل يوم أفطره في سفره كالعاجز عن صوم النذر على الأصح كما أطلقه الشيخ (ره) وقيل يفدي من أطاقه بمشقة شديدة لا يتحمل عادة مع عدم توقع زوال عذره وأما العاجز المطلق فلا فدية عليه ولا قضاء ومن توقع زوال عذره فعليه القضاء دون الفدية لروايات في الكليني كرواية إدريس بن زيد وعلي بن إدريس قالا سألنا الرضا (عليه السلام) عن رجل نذر إن هو قد تخلص من الحبس أن يصوم ذلك اليوم الذي تخلص فيه فعجز عن الصوم أو غير ذلك فمد الرجل في عمره وقد
(٤٨٨)