في المنتهى وكذا الكلام الفحش وقال الشهيد الثاني (ره) في المسالك المراء لغة الجدال والمماراة المجادلة والمراد به هاهنا المجادلة على أمر دنيوي أو ديني لمجرد إثبات الغلبة أو الفضيلة كما يتفق لكثير من المتسمين بالعلم وهذا النوع محرم في غير الاعتكاف وقد ورد التأكيد في تحريمه في النصوص وإدخاله في محرمات الاعتكاف أما بسبب عموم مفهومه أو لزيادة تحريمه في هذه العبادة كما ورد من تحريم الكذب على الله ورسوله في الصيام وعلى القول بفساد الاعتكاف بكل ما حرم فيه يتضح فائدته ولو كان الغرض من الجدال في المسألة العلمية مجرد إظهار الحق ورد الخصم عن الخطأ كان من أفضل الطاعات فالمايز بين ما يحرم منه وما يجب أو يستحب النية فليتحرز المكلف من تحويل الشئ من كونه واجبا إلى جعله من كبار القبايح انتهى وما أفاده (ره) في تعريف المراء قريب مما ذكره الغزالي من أن المراء طعنك في كلام الغير لاظهار خلل فيه لغير غرض سوى تحقير قائله وإظهار مرتبتك عليه والأولى أن يفسر بما هو أعم منه أي المجادلة لا لغرض صحيح من إظهار حق أو تزييف باطل سواء كان الحق مما له تعلق بالدين أم لا كما يقع المجادلة بين العلماء في المسائل الغير المتعلقة بالدين وفي العبارات أو التقريرات من دون أن يتعلق ببيان أصل المطلوب وما لا يكون للغرض الصحيح أعم من أن يكون لمجرد الغرض الفاسد كإظهار الغلبة وتحقير الخصم وغيرهما من الاغراض الفاسدة أو مشوبا به وبالغرض الصحيح ومن أعظم ما أشار إليه طاب ثراه من التأكيد في تحريمه في النصوص ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال ذروا المراء فإنه أول ما نهاني عنه ربي بعد عبادة الأوثان وقال صلى الله عليه وآله إن أول ما عاهد إلى ربي ونهاني عنه بعد عبادة الأوثان وشرب الخمر ملاحاة الرجال و الملاحاة في اللغة المنازعة وقال صلى الله عليه وآله لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتى يدع المراء وإن كان محقا وكان المراد تركه من المحق إذا كان مشوبا بقصد إظهار الغلبة أو إذا لم يتصور فيه نفع من رجوع الخصم إلى الحق أو عدم اتباع الغير له ونحوهما ثم ما ذكره (ره) من أن سبب إدخاله في محرمات الاعتكاف عموم مفهومه لا يخلو عن شئ لان المراء مطلقا لا يمكن أن يقال إنه محرم في الاعتكاف كيف وقد صرح هو بأن الغرض من الجدال في المسألة العلمية لو كان مجرد إظهار الحق ورد الخصم عن الخطأ كان من أفضل الطاعات ويتصف بالوجوب أو الاستحباب فلا يمكن القول بتحريمه على المعتكف إلا أن يكون المراد حرمة الجدال المتصف بالإباحة والكراهة في غير حال الاعتكاف على المعتكف كالمنازعة على الأموال الحقيرة ونحوها مع رفع الصوت وخشونة القول من غير أن يقضي إلى تفضيح حال أو هتك ستر محرم وترك المصنف ذكر استدعاء المني في محرمات الاعتكاف كما اشتهر بين الأصحاب وكأنه لعدم وقوفه على نص يدل على منافاته للاعتكاف وإن كان محرما مطلقا والمراد بالمنافاة المنافاة من غير جهة إخلاله بالشرط وإلا فلو وقع في النهار فلا ريب في منافاته له باعتبار إفساده للصوم وقد ذكر المصنف أيضا إنه يحرم عليه نهار أما يحرم على الصايم ويمكن استفادة تحريمه على المعتكف مطلقا من تحريم القبلة واللمس عليه بطريق الأولى كما أشار إليه في المدارك ولو اضطر إلى شراء شئ كالمأكول والمشروب والملبوس ونحوها مما تدعو الحاجة إليه وتعذرت المعاطاة اشتراط تعذرها أما لأجل إنها ليست شراء حقيقة فمع إمكانها لا يجوز الشراء ولا اضطرار إليه والمراد بالشراء في كلامه ما يشملها على المجاز الشايع أو لأجل إنها أخف أفراده فينبغي اختيارها مع الامكان واعتبر بعضهم تعذر التوكيل أيضا ولا بأس به جاز لمكان الضرورة وقال في المنتهى فالوجه الجواز للضرورة وكذا البيع لو اضطر إليه ليشتري بالثمن شيئا مما يحتاج إليه جاز بالشرط المذكور وللشيخ قول في الجمل بتحريم محرمات الاحرام مطلقا على المعتكف حيث قال على ما نقل عنه ويجب عليه تجنب كل ما يجب على المحرم تجنبه من النساء والطيب والمماراة والجدال ويزيد عليه تسعة أشياء البيع والشراء انتهى وقال في التذكرة الشيخ لا يريد بذلك العموم لأنه لا يحرم على المعتكف لبس المخيط إجماعا ولا إزالة الشعر ولا أكل الصيد ولا عقد النكاح وهو جيد لان الشيخ يتسامح في العبارة كثيرا تبعا للفظ ما وصل إليه من الرواية وعبارته في النهاية أيضا قريبة من ذلك وهو ضعيف كما قال في المبسوط بعد عد ما لا يجوز عليه ما يجوز وقد روى إنه يجتنب ما يجتنبه المحرم وذلك مخصوص بما قلناه لان لحم السيد لا يحرم عليه وعقد النكاح مثله والرواية التي أشار إليها الشيخ غير موجودة إلا في الكتب المعروفة ولا يفسد العقد الذي يحرم على المعتكف لو أوقعه لان النهي في غير العبادة لا يدل على فساد المنهي عنه بل يوجب الاثم بفعله خاصته خلافا له رحمه الله حيث قال في المبسوط إن باع واشترى في حال الاعتكاف فالظاهر أنه لا ينعقد لأنه منهي عنه و النهي يدل على فساد المنهي عنه وقال قوم أخطأ ويكون ماضيا ويجوز النظر في معاشه والخوض في المباح لعدم ما يدل على التحريم وإن كان تركه أفضل لمنعه عن العبادة التي لبث لأجلها في المسجد وقال العلامة في المنتهى كلما يقتضي الاشتغال بالأمور الدنيوية من أصناف المعايش ينبغي القول بالمنع منه عملا بمفهوم النهي عن البيع والشراء قال السيد المرتضى يحرم التجارة والبيع والشراء والتجارة أعم وكأنه (ره) أراد بالمفهوم العلة المستنبطة فيرجع إلى القياس الذي لا نعمل به وفتوى السيد (ره) لا يصلح للاحتجاج وقال فيه أيضا الوجه تحريم الصنايع المشغلة عن العبادة كالخياطة وشبهها إلا ما لابد منه وهو (ره) مطالب بدليل التحريم نعم لو اشتغل دائما بحيث حرج عن مسمى الاعتكاف عرفا فينبغي القول بالمنع منه لو أمكن هذا الغرض وظاهر كلام ابن إدريس إن
(٥٠٢)