مصنف هذا الكتاب وهذا التوقيع عندي مع توقيعاته إلى محمد بن الحسن الصفار بخطه (عليه السلام) وما روي في الكافي في الحسن بن إبراهيم وبسند آخر فيه محمد بن إسماعيل عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام قال يقضي عنه أولى الناس بميراثه قلت إن كان أولى الناس به امرأة فقال لا إلا الرجال ومضمونه روى بسند فيه ضعف عن حماد بن عثمان عمن ذكره عنه (عليه السلام) وفيه بدل أولى الناس بميراثه أولى الناس به ثم إن إطلاق هذه الأخبار يقتضي عدم الفرق بين ما كان الفوات لعذر أو غيره وهو ظاهر الأكثر وقد سبق في بحث الصلاة حكم المصنف (ره) بأنه يجب أن يقضي الولي جميع ما فات الميت ونقله عن ابن إدريس وسبطه ابن بنته يحيى سعيد أنه لا يقضي إلا ما فاته في مرض موته وعن المحقق أنه يقضي ما فاته لعذر كمرض أو سفر أو حيض لا ما تركه عمدا وذكر في الذكرى إن المحقق قال في البغدادية المنسوبة إلى سؤال جمال الدين بن حاتم المشعري الذي ظهر لي أن الولد يلزمه قضاء ما فات الميت من صيام وصلاة لعذر كالمرض والسفر والحيض لا ما تركه الميت عمدا مع قدرته عليه ثم قال المصنف (ره) وقد كان شيخنا عميد الدين ينصر هذا القول ولا بأس به فإن الفوات يحمل على الغالب من الترك وهو إنما يكون على هذا الوجه أما تعمد ترك الصلاة فإنه نادر نعم قد يتفق فعلها لا على الوجه المبرئ للذمة والظاهر أنه ملحق بالتعمد للتفريط ثم إن كلام المصنف في هذا البحث يشعر باعتبار الترك للعذر كما عرفت وذلك أنسب بحكم الأصل وأمر الاحتياط واضح وقال المرتضى في الانتصار يتصدق عنه عن كل يوم بمد من طعام فإن لم يكن له مال صام وليه وذلك موافق لخبر أبي مريم على ما روى في الفقيه والكافي ويفهم من المعتبر أنه رضي الله تعالى عنه ادعى إجماع الإمامية على ذلك حيث قال بعد نقل خلاف الشيخ والمرتضى في تأخير الصدقة وتقديمها على صوم الولي وأنكر بعض المتأخرين الصدقة عن الميت وزعم أنه لم يذهب إلى القول بها محقق وليس ما قاله صوابا مع وجود الرواية الصريحة المشتهرة وفتوى الفضلاء من الأصحاب ودعوى علم الهدى إجماع الإمامية على ما ذكره فلا أقل من أن يكون ذلك ظاهرا منهم فدعوى المتأخر أن محققا لم يذهب إليه تهجم ثم إن خبر أبي مريم مع ما فيه من الاختلاف لا يعارض الأخبار الكثيرة الصحيحة وغيرها المروية عن طرق العامة والخاصة الدالة على وجوب القضاء على الولي من غير تقديم شئ عليه أما الأخبار الخاصة فقد مر ذكرها وأما أخبار العامة فما روى عروة عن عايشة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من مات وعليه صيام صام عنه وليه وما روى عن ابن عباس قال جاء رجل أو امرأته على اختلاف الروايات فقال يا رسول الله أنا أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضه عنها قال لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها فقال نعم قال دين الله أحق أن يقضى وقال الحسن يتصدق عنه لا غير قال ابن أبي عقيل على ما نقل عنه في المختلف قد روى عنهم (عليهم السلام) في بعض الأحاديث إن من مات وعليه قضاء من شهر رمضان صام عنه أقرب الناس إليه من أوليائه كما يقضي عنه دينه وكذلك من مات وعليه صلاة قد فاتته وزكاة قد لزمته وحج قد وجب عليه قضى عنه وليه بذلك كله جاء نص الاخبار بالتوقيف عن آل الرسول (عليهم السلام) على لسان عترته وشيعتهم وقد اعتل من قال من الشيعة بهذا الخبر بأن قال زعم من أنكر علينا هذا ممن خالفنا أن الميت جاز أن يحج عنه ولا يجوز أن يصام ويصلي عنه ردا على رسول الله صلى الله عليه وآله وخلافا لامره وقد جاء الخبر في قضاء الصوم والصلاة عن الميت كما جاء في قضاء الحج عنه فلم كان أحدهما أولى بالقضاء من الاخر لولا التحكم في دين الله والخروج عما سنه رسول الله صلى الله عليه وآله وقد روى أنه من مات وعليه صوم من رمضان تصدق عنه كل يوم بمد من طعام وبهذا تواترت الاخبار عنهم (عليهم السلام) والقول الأول مطرح لأنه شاذ انتهى ولا يخفى ما في كلامه طاب ثراه من عدم التلائم بين أجزائه فإن أوله والتعليل الذي ذكره من بعض الشيعة يدل على ظهور التوقيف والتنصيص عن آل الرسول صلى الله (عليه وعليهم السلام) بقضاء الولي وآخر كلامه صريح في شذوذ ذلك وتواتر خلافه عنهم (عليهم السلام) والتواتر الذي ادعاه هو أعلم به إذ الاخبار الواصلة إلينا في خلافه بلغت حدا الاستفاضة كما عرفت واحتج له العلامة في المختلف بخبر أبي مريم كما في التهذيب وبقوله تعالى وإن ليس للانسان إلا ما سعى وأمر الخبر قد عرفته وأوله في المختلف أيضا بما إذا لم يكن له ولى من الأولاد الذكور وأجاب عن الآية بأن الثواب للانسان إنما هو بسعيه ونحن لا نقول أن الميت يثاب بصوم الحي بل إن مات وعليه صوم كان ذلك سببا لوجوب الصوم على الولي وسمى قضاء لان سببه التفريط المتقدم والثواب للحي لا للميت انتهى وأقول هذا الجواب لا يخلو عن شئ لان القول بأن الولي يجب عليه الصوم بترك المورث له وينويه نيابة عنه ويثاب عليه ولا نفع فيه للمورث أصلا مستبعد جدا لا يرضى به العقل السليم مع استفاضة آثار أهل البيت (عليهم السلام) بخلافه كما روى عن الصادق بأسناد كثيرة من عمل من المسلمين عملا صالحا عن ميت أضعف الله أجره ونفع الله به الميت وغير ذلك من الأخبار الواردة في هذا الباب وإن قلنا بوصول نفع منه إليه فينافيه ظاهر الآية الكريمة وإن لم يسم ذلك ثوابا فلا مفر إلا بتخصيص الآية أو القول بأن ذلك نتيجة سعيه في تحصيل الايمان وأصول العقايد المسوغة للنيابة عنه فهو مستند إليه قال المصنف (ره) في الذكرى بعد نقل أقوال العامة في مسألة انتفاع الميت بعمل الحي واحتج مانع لحوق ما عدا الدعاء والصدقة والحج عن الميت بقوله تعالى وإن ليس للانسان إلا ما سعى وبقول النبي صلى الله عليه وآله إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له وعلى هذين اعتمد الثوري وغيره والجواب أنهما عام مخصوص بمحل الوفاق فمهما أجيب عنه فهو جوابنا وهذا كاف في الجواب ثم نقول الأعمال الواقعة
(٤٨٠)