مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٤٨٧
أنه قال من نذر صوم شهر بالاطلاق فعليه صوم شهر من أي شهور السنة كان فإن أفطر قبل أن يتم نصفه متعمدا من غير ضرورة وجب عليه استيناف الصوم وإن كان لضرورة جاز البناء وإن أفطر بعد مجاوزة نصفه تممه ولا استيناف ومن شرط الموالاة في صوم النذر وجب عليه الصوم كذلك انتهى ويشعر كلامه باطراد حكم مجاوزة النصف في الموالاة وهو خلاف المشهور ولا وجه أيضا للحكم بوجوب التتابع من دون أمر يقتضيه إلا أن يقال إن الشهر لا يطلق عرفا إلا على بين الهلالين وعلى هذا يشكل حكمه بأنه إن أفطر بعد مجاوزة نصفه تتمة ولا استيناف لأنه إذا أفطر بعض أيام الشهر وتممه من شهر آخر لا يصدق عليه أنه صام الشهر سواء كان ذلك قبل مجاوزة النصف أو بعدها ولا وجه لاعتبار حكم الموالاة في ذلك ولو نذر الصوم الواجب كرمضان وقس عليه غير الصوم من الواجبات لم ينعقد نذره عند المرتضى والشيخ والحلبي وابن إدريس وكذا لا ينعقد نذره عندهم لو نذر يوما كالخميس الآتي مثلا فوافق شهر رمضان واحتجوا بأن صومه متعين بأصل الشرع فلا يفيد النذر شيئا والجواب ما يشير إليه المصنف (ره) من أن الفايدة اللطف بالانبعاث والأقرب انعقاد نذر كل واجب للطف بالانبعاث والتقريب إلى الطاعة حذرا من الكفارة والحاصل إن الوجاب طاعة يجوز تعلق النذر به كما يجوز تعلقه بغيره من الطاعات المسنونة وما يتخيل للمنع عدم الفايدة واللطف بالانبعاث الذي ذكرناه أعظم فأيده يترتب عليه فعلى هذا يجوز ترامي النذر كما لو نذر أن يصوم غدا ثم نذر أن يفي بهذا النذر تأكيدا لوجوب صوم الغد وتقريبا للنفس إلى الاتيان به والظاهر متابعة ذلك لقصده فلو تكلم بالصيغة ثانيا بقصد تكرار الصيغة الأولى وتدارك ما يتوهم فيها من الخلل فليس ذلك نذرا على حدة وتتعدد الكفارة بتعدده حيث جوزناه لشمول الأدلة الدالة على وجوب الكفارة لخلف كل نذر صحيح وينبغي التعرض في النية أي نية الفعل الواجب الذي نذر أن يفعله للمؤكد لوجوبه شرعا أي النذر مع الأصل أي الوجوب الذي بأصل الشرع من دون إيجاب المكلف له على نفسه فلو نذر صوم يوم من شهر رمضان مثلا فينبغي أن يتعرض في نية صومه لأنه وجب عليه بأصل الشرع وبسبب النذر أيضا وإذ لا دليل على وجوب التعرض في النية لتلك الخصوصيات كما عرفت في بحث النية قال المصنف (ره) وينبغي ولا يجب إتمام اليوم أو الشهر المنذور مطلقا من غير تعيين بالشروع فيه فلو نذر صوم يوم ودخل في صوم الخميس بقصد الاتيان بالصوم المنذور فلا يجب عليه إتمام صيامه بل يجوز له الافطار أي وقت شاء من النهار والآتيان بالنذر في يوم آخر وكذلك من نذر صوم شهر وشرع في صوم رجب فلا يلزم عليه إكماله سواء قيده بالتتابع أم لا أما مع عدم القيد فظاهر وأما معه فلعدم تعين هذا الشهر عليه فيجوز له أن يتركه ويستأنف شهر آخر خلافا للحلبي حيث أوجب الاتمام والاكمال وحكم بأن المفطر مأزور الظاهر أنه لا يقول بالكفارة وحكى عنه أنه أوجب المضي في كل صوم واجب شرع فيه وحرم قطعه وقد مر منه القول بتحريم إفطار القضاء قبل الزوال أيضا ولعل دليله النهي الوارد في قوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم وقد مر البحث عنه ويجب فعله أي فعل الصوم المنذور في مكان عينه بالنذر لوجوب الوفاء بالنذر ولظاهر خبر علي بن أبي حمزة عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال سألته عن رجل جعل على نفسه صوم شهر بالكوفة وشهر بالمدينة وشهر بمكة من بلاء ابتلى به فقضى أنه صام بالكوفة شهرا أو دخل المدينة فصام بها ثمانية عشر يوما ولم يقم عليه الجمال قال يصوم ما بقي عليه إذا انتهى إلى بلده إذ الظاهر من هذا الخبر أن الراوي يعتقد لزوم فعله في المكان الذي عينه ويسأل عن حاله عند عروض مانع يمنعه عن إكماله في ذلك المكان كعدم إقامة الجمال فقرره (عليه السلام) على ذلك وأجاب عن عروض المانع بوجوب الاتيان ببقية الصوم في بلد آخر وفاقا له أي للحلبي وللشيخ في قول قاله في المبسوط بهذه العبارة ومن نذر أن يصوم بمكة أو المدينة أو أحد المواضع المعينة شهر أوجب عليه أن يحضره فإن حضره وصام بعضه ولم يمكنه المقام جاز له الخروج ويقضي إذا عاد إلى أهله ما فاته وله قول آخر نقل عنه أنه قال يصوم أين شاء وقيده الفاضل العلامة في المختلف بالمزية فقال والأقرب أنه إن كان لذلك الموضع مزية كالمواضع التي تمثل بها أبو الصلاح أي مكة والمدينة لزم وإلا فلا لنا أن متعلق النذر إنما يجب الوفاء به لو كان طاعة ولا طاعة في تعيين الأمكنة التي لا تختص بمزية الشرف أقول ويمكن أن يقال إن متعلق النذر الصوم في هذا البلد وهو طاعة فيجب الوفاء به ولا يلزم أن يكون لما يعتبره من الخصوصية أيضا مزية زايدة نعم لو كانت الخصوصية مخالفة للشرع كالصوم بعنوان الوصال لا يلزم الوفاء بها وفي وجوب الوفاء حينئذ بأصل الصوم أيضا تأمل وتردد الفاضل في المنتهى وهو في محله ولعل من يقول بعدم تعيين المكان مطلقا نظرا إلى أن أشرف المكان لا مدخل له في زيادة أجر الصوم ولا يخلو ذلك عن إشكال بل ربما أشعر بعض الاخبار بخلافه كما ورد في صيام ثلاثة أيام بالمدينة ولو نذر صوم داود (عليه السلام) وهو الصوم غبا فتابعه استأنف عند الحلبي لعدم إتيانه بمتعلق النذر على الوجه الذي تعلق به مع رجحانه ووقوع التعبد به في شرعنا وشرع من قبلنا وحكم العقل أيضا برجحانه بحسب ملاحظة حال البدن والمزاج وأمور المعاش والحكم بالاستيناف إنما يصح إن كان النذر لزمان معين العدد دون العين كان نذرا أن يصوم شهرا صوم داود (عليه السلام) فتوخى شهرا وصامه متتابعان وأما إن كان لزمان معين كان نذر أن يصوم شهر شعبان صوم داود (عليه السلام) فصام الجميع فالظاهر وجوب الكفارة والقضاء كما إذا صام يوما وأفطر يومين وكفر للخلف عند ابن إدريس فقال
(٤٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503