الصوم يوم الخميس وسأله عن ذلك وما كتبه (عليه السلام) إليه من قوله زادك الله توفيقا إلى آخره كان جواب كتابه وحاصل الخبر إن الراوي ظن من غيبوبة الهلال ليلة الخميس بعد الشفق بزمان طويل إن أول الشهر كان في الواقع يوم الأربعاء والصوم وقع في الخميس باعتبار خفاء الهلال ليلة الأربعاء لغيم أو قتام فسأل الإمام (عليه السلام) عن ذلك فأجابه بأن صيامنا أيضا كان يوم الخميس ولا صوم إلا للرؤية ولا عبرة بالغيبوبة ودلالته على القول المشهور واضحة وحكم خالي بعدم دلالة هذا الخبر على المشهور ووجهه غير ظاهر كما ترى ولا عبرة على المشهور بين الأصحاب بالعدد وهو نقيصة شعبان أبدا وتمام رمضان أبدا هذا هو المشهور في تفسير العدد وقد يطلق على عد شهر تاما وشهر ناقصا في جميع السنة وهو قريب من الجدول وعلى عد خمسة من هلال الماضية وسيأتي ذكره وعلى عد تسعة وخمسين من هلال رجب كما ورد في بعض الاخبار وعلى عد كل شهر ثلاثين ثلاثين وهو قول الأكثر مع الغيم والعلة وقد وردت في اعتبار العدد بالتفسير الذي ذكره المصنف (ره) أخبار منسوبة إلى أهل البيت (عليهم السلام) ولكنها معارضة بأكثر وأصح وأقوى منها مع شهادة صريح المشاهدة والعيان بخلافها فإن شهر رمضان شهر من الشهور يصيبه ما يصيب ساير الشهور من التمام والنقصان وكذا شهر شعبان وقد أورد الشيخ الروايات المتعارضة في كتاب الاخبار وبين وجه الجمع بينها والقول فيها بما لا مزيد عليه ونعم ما استدل به في التهذيب على نفي القول بالعدد على ما ذهب إليه قوم من شذاذ المسلمين من قول الله عز وجل يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج فبين الله تعالى أنه جعل هذه الأهلة معتبرة في تعرف أوقات الحج وغيره مما يعتبر فيه الوقت ولو كان الامر على ما يذهب إليه أصحاب العدد لما كانت الأهلة مراعاة في تعرف هذه الأوقات إذا كانوا يرجعون إلى العدد دون غيره وهذا خلاف التنزيل والمناقشة بأن الأهلة الضبط الأوقات بحيث يمكننا لرجوع إلى العدد الخاص في هذا الوقت المخصوص لا يجدي إذ لا ريب في إمكان ضبط الأوقات بأسماء الشهور من غير حاجة إلى الأهلة ثم استدل أيضا بما هو معلوم كالاضطرار غير مشكوك فيه من شريعة الاسلام من فرغ المسلمين في وقت النبي صلى الله عليه وآله ومن بعده إلى هذا الزمان في تعرف الشهور إلى معاينة الهلال ورؤيته وما يثبت أيضا من سنة النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يتولى رؤية الهلال و يلتمس الهلال ويتصدى لرؤيته وما شرعه من قبول الشهادة عليه والحكم شهد بذلك في مصر من الأمصار ومن جاء بالخبر به عن خارج الأمصار و حكم المخبر به في الصحو وسلامة الجو من العوارض وخبر من شهد برؤيته مع التواتر في بعض الأصقاع فلولا إن العمل على الأهلة أصل في الدين معلوم لكافة المسلمين ما كانت الحال في ذلك على ما ذكرناه ولكان اعتبار جميع ما ذكرناه عبثا لا فائدة فيه وهذا فاسد بلا خلاف وأقول إذا عرفت هذا تعرف أن بحث الصدوق (ره) في الفقيه عن إن الصوم للرؤية والفطر للرؤية وعن صوم يوم الشك مع ذهابه إلى القول بالعدد لا يخلو عن تدافع خلافا للحسن بن أبي عقيل والذي تظهر من المختلف إن خلاف الحسن في العدد بالتفسير الرابع لا بالتفسير الذي ذكره المصنف (ره) حيث قال قال ابن أبي عقيل قد جاءت الآثار عنهم (عليهم السلام) إن صوموا رمضان للرواية وأفطروا للرواية فإن غم عليكم فأكملوا العدة من رجب تسعة وخمسين يوما ثم الصيام من العذر ولكن آخر كلامه في البحث عن هذه المسألة يشعر بأن الحسن ذاهب إلى اعتبار العدد بالتفسير المشهور كما أفاده المصنف وعلى هذا فكلام الحسن لا يخلو عن تشويش وتدافع وخالف الصدوق أيضا في الفقيه حيث قال بعد ذكر بعض الأخبار الواردة في أن شهر رمضان لا ينقص أبدا وشعبان لا يتم أبدا قال مصنف هذا الكتاب من خالف هذه الأخبار وذهب إلى الاخبار الموافقة للعامة في ضدها واتقى كما يتقى العامة ولا يتكلم إلا بالتقية كاينا من كان إلا أن يكون مسترشدا فيرشد ويبين له فإن البدعة إنما تماث وتبطل بترك ذكرها ولا قوة إلا بالله انتهى ونقل الخلاف في ذلك عن شيخنا المفيد (ره) أيضا في بعض كتبه ولا عبرة أيضا على المشهور بالجدول وهو مأخوذ من الحساب النجومي في ضبط سير القمر واجتماعه بالشمس ومرجع أول الشهر في هذا الحساب إلى تأخر جرم القمر عن محاذاة الشمس لا إلى إمكان رؤية الهلال بل الغالب عدم إمكان رؤيته تلك الليلة ولا ريب في عدم اعتباره لان مناط أول الشهر في الشريعة المنورة على الرؤية لا على تأخر حرم القمر عن محاذاة الشمس وكان مراد المصنف (ره) من الجدول ما يشمل الرجوع إلى قول الرصدي في إمكان الرؤية أيضا ووجه عدم اعتباره حصر الشارع المناط في رؤيتنا أو مضى ثلاثين من شعبان ولو كان الرجوع إلى المنجم حجة لأرشدوا إليه مع أنهم (عليهم السلام) فهو عنه وشددوا في ذلك بقولهم من صدق كاهنا أو منجما فهو كافر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وغيره من الاخبار الشريفة الواردة في ذلك وأيضا قول المنجم مبني على قواعد ظنية ظنا ضعيفا قد يخطي ويصيب فلا يجوز التعويل عليه البتة خصوصا مع ما ورد من أنه ليس بالرأي ولا بالتظني ثم لا يذهب عليك أنه لا يبعد ادعاء إن النهي الوارد في الاخبار لا يشمل استخراج الأهلة من الحساب المتعلق بالأرصاد إنما تعلق بتصديق المنجم أي بتصديق من يحكم على الكاينات والحوادث من أوضاع النجوم وقراناتها ونظراتها وأمثال هذه كما هو المفهوم من علم النجوم كيف لا وقد ورد في الشريعة المقدسة بعض الأمور المنوطة بالأرصاد ككون القمر في برج عقرب ليتحرز عنه مريد السفر أو التزويج إلا أن يكون بناء العلم به على الرؤية والمشاهدة وهو بعيد جدا وقد أورد المصنف قدس الله لطيفته في قواعده كلاما شريفا في تحقيق كفر المنجم
(٤٧٠)