استصحاب شعبان وأصل البراءة وإلا لوجب العمل بشهادة العدل مطلقا بل بشهادة الفاسق وغيره أيضا مع ما في أخبار الواحد مع مشاركة الناس له في الطلب من ظن الاشتباه فلا يحصل الرجحان الذي ادعاه واجتزء المرتضى برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال فيكون الهلال المرئي قبل الزوال لليلة الماضية على رأيه لرواية حماد وهي حسنة إبراهيم بإبراهيم بن هاشم لكنها معارضة بأخبار كثيرة منها صحيحة محمد بن قيس المتقدمة قال العلامة في المختلف قال السيد المرتضى في المسايل الناصرية لما ذكر قول الناصر إنه إذا رؤي الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية هذا صحيح وهو مذهبنا ثم قال في المختلف وادعى السيد المرتضى إن عليا (عليه السلام) وابن مسعود وابن عمر وأنس قالوا به ولا مخالف لهم وقرب في المختلف اعتبار ذلك في الصوم دون الفطر كما سيأتي ذكره وتردد المحقق في ذلك المعتبر والنافع وحكم في الشرايع بعدم اعتباره وقال صاحب المدارك تردده في الكتابين في محله وقرب خالي طاب ثراه اعتباره مطلقا كما هو رأي السيد وباقي الأصحاب على عدم اعتباره وقال خالي القول باعتباره ظاهر الكليني والصدوق وأقول لا يخلو عن ذلك عن تأمل لان الشيخ الكليني ذكر في الكافي في باب الأهلة والشهادة عليها الاخبار الشاذة في حكم الهلال وذكر من جملتها خبر حماد والقول بأنه يقول باعتبار جميعها مع تنافر بعضها البعض لا يخلو عن بعد وأما الصدوق فذكر في الفقيه في باب الصوم للرؤية والفطر للرؤية صحيحة محمد بن قيس المتقدمة الدالة على عدم اعتبار الرؤية قبل الزوال و ذكر في باب ما يجب على الناس إذا صح عندهم بالرؤية يوم الفطر بعدما أصبحوا صائمين كلاما يدل على اعتبارها ولكن لا يعلم إنه من تتمة خبر مرسل أو فتواه وقال في المقنع إذا رأيت الهلال من وسط النهار أو آخره فأتم الصيام إلى الليل وإن غم فعد ثلاثين ثم أفطر وقال أبو عبد الله (عليه السلام) إذا رأوا الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شهر رمضان انتهى ولا ريب إن ما ذكره أولا يدل على عدم اعتبار الرؤية قبل الزوال وهو مضمون قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيحة محمد بن قيس والظاهر أنه حمل الهلال في ما رواه عن أبي عبد الله (عليه السلام) على هلال شوال حتى يوافق الأول ولو حمل على هلال شهر رمضان لكان منافيا له إلا أن يجعل حكم الرؤية في الصوم مخالفا لحكمها في الفطر وهو مستبعد جدا والأقرب عندي ما اشتهر بين الأصحاب والدليل عليه الأصل والاستصحاب وما يستفاد من المشاهدة والشواهد الحسية ويعلم من مجاري العادات والضوابط الحسابية ثم ظاهر قوله عز من قائل ثم أتموا الصيام إلى الليل فأوجب بظاهر اللفظ وجوب إتمام الصيام إلى الليل بعد الدخول فيه فلا يجوز الافطار والخروج عن الصوم لرؤية الهلال في أثناء النهار ثم الأخبار الكثيرة البالغة حد التواتر الواردة في أن الصوم للرؤية وما في معناه وإن العبرة بالرؤية أو الشهود ومضى ثلاثين لا غير ومن المعلوم إن المراد بالرؤية الرؤية المعهودة المتقدمة على اليوم المبحوث عنه كيف ولو كان المراد مطلق الرؤية لوجب تقييده بما قبل الزوال لهذا اليوم وبما بعده لليوم الآتي ومثل هذا الاجمال في مقام بيان الحكم الشرعي غير سديد وأيضا كل ما ورد من الاخبار في العلامات كالرؤية قبل الزوال والتطوق وظل الرأس وغيرها يتضيق المستفادة حكم الليلة السابقة من العلامة فيفهم إن مناط الاعتبار بالليلة المتقدمة فلا بد من أن يكون المراد بالرؤية الواردة في هذه الضابطة الكلية الشرعية الرؤية التي تفيد حكم الليلة بصريح فهم الناس وهي ما ذكرناه وقال خالي طاب ثراه إن هذه الأخبار التي تكاد تبلغ حد التواتر يصلح التأييد قول السيد وأقول ضعف هذا التأييد قد ظهر مما عرفت ثم صحيحة محمد بن قيس المتقدمة ودلالته على المطلوب واضحة كما أطبق عليه الباحثون عن الاخبار الحاملون للآثار من الفقهاء الكبار والعلماء الأخيار وأفاد خالي إن قول أبي جعفر (عليه السلام) في هذه الصحيحة وإن لم تروا الهلال إلا من وسط النهار وآخره قاموا الصيام إلى الليل دليل ما اختاره من قول السيد وقال وجه الدلالة إن لفظ الوسط يحتمل أن يكون المراد منه بين الحدين ويحتمل أن يكون المراد منه منتصف ما بين الحدين أعني الزوال لكن قوله أو آخره شاهد على الثاني فيكون الخبر بمفهومه دالا على قول السيد انتهى أقول من المقرر المعلوم إن أهل العرف واللغة قاطبة يعبرون عن قدر من النهار يعادل ثلاثة تقريبا أو أنقص منه بأول النهار وعن مثل ذلك القدر منه أو أزيد بوسطه وعن مثل ذلك بآخره وعلى هذا فلا خفاء في معنى الكلام وفهم المرام على وجه يدل بمنطوقه على خلاف قول السيد وإنما بقي الكلام في تخصيص الوسط والاخر بالذكر ووجهه ظاهر لتعذر وقوع الرؤية بقدر زمان طلوع الهلال من أول النهار وندرة وقوعها بعده إلى الوسط خصوصا مع عدم وقوعها في الليلة المتقدمة كما هو المفروض ثم التعرض لحكم وقوع الرؤية في الان الذي لا يقبل القسمة من الزوال مع أنه مما يتعذر العلم به عادة وعدم التعرض صريحا لحد وقوعها في النصف الأول من النهار كما يلزم مما فهمه (ره) مستبعد جدا وأيضا يلزم إهمال المهم من حكم رؤية الهلال قبل الزوال والتعرض لما لا يهم من حكم رؤيته بعده واعلم إن أسلوب الكلام في هذا الخبر الشريف أعدل شاهد بأن المراد من قوله (عليه السلام) إذا رأيتم الهلال فأفطر وأما ذكرناه سابقا في المعنى الفطر للرؤية لا ما فهمه (ره) عن جراح المدايني قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) من رأى هلال شوال بنهار في رمضان فليتم صوم يومه استدلال إن قوله (عليه السلام) من رأى هلال شوال بنهار عام شامل لمن رآه قبل الزوال وبعده بل الظاهر أن المقصود بالإفادة حكم القبل لان حكم
(٤٦٦)