اليوم العاشر من المحرم وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري وروى عن ابن عباس أنه قال أنه التاسع من المحرم وليس بمعتمد لما تقدم في أحاديثنا أنه يوم قتل الحسين (عليه السلام) ويوم قتل الحسين (عليه السلام) هو العاشر بلا خلاف وروى الجمهور من ابن عباس أنه قال أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بصوم يوم عاشوراء العاشر من المحرم وهذا ينافي ما روى عنه أولا انتهى وقال ابن الأثير في النهاية العاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم وهو اسم إسلامي وليس في كلامهم فاعولاء بالمد غيره وقد الحق به تاسوعاء وهو تاسع المحرم وقيل إن عاشوراء هو التاسع مأخوذ من العشر في أوراد الإبل يقول العرب وردت الإبل عشرا إذا وردت اليوم التاسع ثم رد ذلك القول بأن الحديث يدل على خلافه أقول الظاهر أنه يطلق على التاسع أيضا وإن كان المراد به في هذه الأحاديث العاشر ثم انهم اختلفوا في صوم عاشوراء هل كان واجبا أم لا وليست في البحث عن ذلك فائدة يعتد بها وصحيحة محمد بن مسلم وزرارة في الفقيه يدل على الأول فإنهما سئلا أبا جعفر (عليه السلام) عن صوم يوم عاشوراء فقال كان صومه قبل شهر رمضان فلما نزل شهر رمضان ترك وكذا اختلف الرواية في صوم يوم الشك والأشهر استحبابه وقد مر البحث عن هذه المسألة مستوفى خلافا للمفيد حيث قال في الرسالة الغرية بالكراهة لمن لم يكن صايما قبله إلا مع مانع الرؤية فيستحب صومه قال وبذلك جاءت الآثار عن الأئمة (عليهم السلام) وقريب منه ما ذهب إليه ابن الجنيد على ما نقل في المختلف ويحتمل أن يكون مستندهما في ذلك التفصيل وجه جمع بين الاخبار وما رواه الشيخ في التهذيب عن هارون بن خارجة قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) عد شعبان تسعة وعشرين يوما فان كانت متغيمة فأصبح صائما وإن كانت مصحية وتبصرته فلم تر شيئا فأصبح مفطرا ولا يجب صوم النفل بالشروع فيه وهو قول علمائنا كما قاله في المنتهى ونقل الخلاف عن أبي حنيفة وتدل عليه أيضا روايات في التهذيب كصحيحة جميل بن دراج عن أبي عبد الله أنه قال في الذي يقضي شهر رمضان أنه بالخيار إلى زوال الشمس وإن كانت تطوعا فإنه إلى الليل بالخيار وفي رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله غير أنه قال بالخيار في الافطار وما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال صوم النافلة لك أن تفطر ما بينك وبين الليل متى ما شئت وصوم قضاء الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس فإذا زالت الشمس فليس لك أن تفطر وما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله الصائم بالخيار إلى زوال الشمس قال إن ذلك في الفريضة فأما النافلة فله أن يفطر أي ساعة شاء إلى غروب الشمس إلا الاعتكاف فيجب بالشروع فيه على قول الشيخ وسيأتي البحث عنه إن شاء الله تعالى نعم يكره الافطار في صوم النفل بعد الزوال للجمع بين هذه الأخبار وما سيأتي من رواية مسعدة بن صدقة إلا أن يدعى إلى طعام فالفضل في الفطار حينئذ ولو كان بعد الزوال لما سيأتي في بحث الصوم المكروه من الأخبار الدالة على ذلك الشاملة لما بعد الزوال بالتصريح أو الاطلاق وعليه أي على أن الافطار يكره بعد الزوال تحمل رواية مسعدة بوجوبه بعد الزوال روى الشيخ في التهذيب عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) أن عليا (عليه السلام) قال الصائم تطوعا بالخيار ما بينه وبين نصف النهار فإذا انتصف النهار وجب الصوم وقال الشيخ المراد به إن الأولى إذا كان بعد الزوال أن يصومه وقد تطلق على ما الأولى فعله أنه واجب وقد بيناه في غير موضع فيما تقدم كما يقول غسل الجمعة واجب وصلاة الليل واجبة ولم يرد به الفرض الذي يستحق بتركه العقاب وإنما المراد به أنه الأولى فليس ينبغي تركه إلا لعذر ويشترط فيه كله أي في الاتيان بصوم النفل جميع إفراده خلو الذمة عن صوم واجب يمكن فعله في هذا الزمان الذي يصوم فيه النفل فمن اشتغلت ذمته بقضاء شهر رمضان أو بنذر مطلق مثلا لا يجوز له التنفل لتمكنه من الاتيان بالواجب عليه في كل يوم يصومه ندبا وحيث قيدنا الصوم الواجب بقولنا يمكن فعله فيجوز التنفل لمن اشتغلت ذمته بواجب حيث لا يمكن فعل الواجب كشعبان لمن عليه كفارة كبيرة مرتبة مع العجز عن العتق أو مخيرة مع اختيار الصوم ولم يبق إلى شهر رمضان سواه فلا يمكنه الاتيان بالشهرين المتتابعين في هذا الزمان إذ المفروض عدم بقاء يوم سوى شعبان فيجوز حينئذ التنفل فيه وهذا هو المشهور بين الأصحاب بل ليس في كلام أكثرهم قيد إمكان الفعل ولكن لا بد من اعتباره وجوز المرتضى وكذا العلامة في القواعد التنفل مطلقا وإن اشتغلت الذمة بالواجب مطلقا والرواية بخلافه فروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال من صام تطوعا وعليه من رمضان شئ لم يقضه فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه وروى في الكافي عن الحلبي في الحسن بن إبراهيم قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل عليه من شهر رمضان طايفة أيتطوع فقال لا حتى يقضي ما عليه من شهر رمضان وعن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله وأنت خبير بأن الروايات إنما تدل على خصوص قضاء رمضان فالحكم في مطلق الواجب كما هو المشهور لا يخلو عن إشكال لعدم إمكان القياس والأصل يقتضي الجواز وهو مستند السيد رحمه الله في الحكم بالجواز وكلام الشيخ الكليني لا يخلو عن إشعار بالتخصيص بقضاء رمضان حيث قال باب الاشتغال بالندب والأيام التي يستحب صيامها على الخصوص ظاهر أنها تدرك فضيلة صيامها بالصيام الواجب أيضا ويستحب الامساك تأديبا بقية اليوم للمسافر والمريض بزوال عذرهما بأن قدم المسافر أو برء المريض في أثناء اليوم وقد تناولا قبل زوال العذر في اليوم أو كان زوال العذر
(٤٥٩)