مع ملاحظة ما ورد في حرمة صوم يوم الشك بنية رمضان وجوبا وإن من الحق في رمضان يوما من غيره متعمدا فليس بمؤمن بالله ولأبي وأيضا خبر عبد الله بن بكير ورد صريحا في خصوص الفطر وخبر حماد مطلق فكيف يمكن الحكم بها في الصوم دون الفطر وأيضا لا يمكن الحكم بأنه من رمضان مع أن اليوم الحادي والثلثين منه ليس من شوال ومن البين إن نية الوجوب وأنه من رمضان من دون الحكم بذلك شرعا مما لا يتصور وإن أراد إن الأولى أن يصام بنية الصوم المطلوب شرعا تقربا إلى الله تعالى فهو مما لا ريب فيه وليس محلا للمنازعة والمخالفة قطعا وإن أراد أنه يجب صومه كذلك من باب الاحتياط وتحصيل اليقين ببراءة الذمة فالحكم بذلك الوجوب مشكل وقد مر البحث عنه مفصلا في صيام يوم الشك وقد قال في المنتهى بعد نقل هذا القول الذي اختاره في المختلف في المختلف عن أحمد واحتياط أحمد باطل إذ الاحتياط إنما يعتبر مع دليل أما مع عدمه فلا ولهذا لو اشتبه عليه الفجر لم يجب عليه الامساك احتياطا انتهى وظاهر هذا الكلام أيضا لا يخلو عن تأمل وإن أمكن تصحيحه بعد التأمل ثم الظاهر من كلامه (ره) في المختلف إن الصوم في الاخر أيضا من باب الاحتياط ولكن ليس كذلك لان في الصيام احتمال الاتيان بصوم يوم العيد كما إن في الافطار احتمال الاقدام على فطر آخر يوم من رمضان والكل محظور منهي عنه نعم في الافطار مظنة وجوب القضاء والكفارة دون الصيام وهو تسهيل الامر في العاجل و ربما كان أثم صيام العيد أكبر عند الله تعالى من أثم فطر يوم من رمضان ولا سبيل للعقل إلى تحديد أمثال هذه الأمور والصدوق جعل غيبوبته بعد الشفق المغربي علامة كونه لليلتين ورؤية ظل الرأس فيه علامة كونه لثلاث ليال قال (ره) في المقنع أعلم إن الهلال إذا غاب قبل الشفق فهو لليلة وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين وإذا رؤي فيه ظل الرأس فهو لثلاث ليال ولعله مستنده في ذلك ما رواه إسماعيل بن الحر وهو مجهول الحال عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلته وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين ورواه أيضا بعينه عبد الله بن الحسين بن الصلت الخزاز وهو أيضا مجهول وما رواه محمد بن مرازم في الصحيح عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا تطوق الهلال فهو لليلتين وإذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لثلاث ونسب الصدوق وفيه أيضا اعتبار التطوق إلى الرواية وتبعه الشيخ في كتابي الاخبار إذا كان هناك علة وجعل التطوق بظهور النور في جرمه مستدير لليلتين عند العلة أيضا قال (ره) في التهذيب بعد نقل الخبرين فهذان الخبران وما يجري مجراهما مما هو في معناهما إنما تكون أمارة على اعتبار دخول الشهر إذا كان في السماء علة من غيم وما يجري مجراه فجاز حينئذ اعتباره في الليلة المستقبلة بتطوق الهلال وغيبوبته قبل الشفق أو بعد الشفق فاما مع زوال العلة وكون السماء مصحية فلا يعتبر هذه الأشياء ويجري ذلك مجرى شهادة الشاهدين من خارج البلد إنما يعتبر شهادتهما إذا كان هناك علة ومتى لم تكن هناك علة فلا يجوز اعتبار ذلك على وجه من الوجوه بل يحتاج إلى شهادة خمسين نفسا حسب ما قدمناه ونحن متى استعملنا هذه الأخبار في بعض الأحوال برئت عهدتنا ولم نكن دافعين لها انتهى ثم ليس في صريح كلامهما إن اعتبار هذه العلامات في أول شهر رمضان خاصة لأجل القضاء على من أفطره استظهارا واحتياطا للصوم ويعتبر في الفطر أيضا في أول شوال بالتبع وإن كان ظاهر إطلاق اللفظ هو الثاني ولا تنفع هذه العلامات في الفطر بالأصالة البتة والمشهور عدم اعتبار الثلاثة غيبوبته بعد الشفق ورؤية ظل الرأس فيه والتطوق لما قاله الشيخ في المبسوط إن ذلك يختلف بحسب اختلاف المطالع والعروف أيضا هذان الخبران لا يصلحان لمقاومة الأصل والاستصحاب والقرآن العزيز والأخبار الكثيرة السالفة مع شهادة المشاهدة والاعتبار بخلافهما ويمكن حملهما أيضا على بعد على أن المراد بيان ما هو الغالب في ذلك لا الدوام الذي يعتبر في العلامة وبناء الحكم الشرعي ومال خالي طاب ثراه إلى العمل بمدلول الخبرين وأيده أيضا بما رواه العيص بن القاسم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الهلال إذ رآه القوم جميعا فاتفقوا على أنه لليلتين أيجوز ذلك قال نعم أقول وقد عرفت البحث عن الخبرين وأما صحيحة ابن القاسم فلا تأييد فيها إذ لا يبعد أن يكون المشار إليه لذلك في قول السائل أيجوز ذلك البناء على هذه الرؤية مع حكمهم بأنه لليلتين فأجاب (عليه السلام) بالجواز وعلى هذا فيؤيد خلاف ما ادعاه طاب ثراه أو يكون المشار إليه أصل الحكم بأنه لليلتين باعتبار علو الدرجة أو عظم الجرم كما هو المتعارف من دون أن يجعلوه مناطا للحكم الشرعي ويحتمل أيضا أن يكون اتفاقهم على الرؤية السابقة ويكون ذلك منهم إخبارا بالغا حد الشياع فحكم (عليه السلام) بجواز البناء عليه ومع تطرق الاحتمالات يشكل التمسك بها في مثل هذا الحكم المخالف للأصول الشرعية ويؤيد القول المشهور أيضا ما رواه الشيخ في التهذيب عن أبي علي بن راشد بإسناد لا تأمل فيها إلا باعتبار محمد بن عيسى قال كتب إلى أبو الحسن العسكري (عليه السلام) كتابا وأرخه يوم الثلاثاء لليلة بقيت من شعبان وذلك في سنة اثنين وثلاثين ومائتين وكان يوم الأربعاء يوم شك وصام أهل بغداد يوم الخميس وأخبروني أنهم رأوا الهلال ليلة الخميس ولم يغب إلى بعد الشفق بزمان طويل قال فاعتقدت إن الصوم يوم الخميس وإن الشهر كان عندنا ببغداد يوم الأربعاء قال فكتب إلي زادك الله توفيقا فقد صمت بصيامنا قال ثم لقيته بعد ذلك فسألته عما كتبت إليه فقال لي أو لم أكتب إليك إنما صمت الخميس فلا تصم إلا للرؤية ثم في بعض نسخ التهذيب أول الحديث هكذا قال كتبت إلى أبي الحسن العسكري (عليه السلام) كتابا ولعله أظهر وعلى النسخة الأولى فالظاهر من السياق إن الراوي ترك ذكر كتاب آخر كتبه إليه (عليه السلام) بعدما اعتقد إن
(٤٦٩)