نيابة عنه بعد موته نتيجة سعيه في تحصيل الايمان وأصول العقايد المسوغة للنيابة عنه فهي مستنده إليه وأما الخبر فدال على انقطاع عمله وهذا يصل إليه من عمل غيره انتهى وأورد الرازي والنيشابوري في تفسيرهما الايراد بالأخبار الواردة في انتفاع الميت بعمل القريب وهو ليس من سعيه وبقوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها والاضعاف فوق ما سعى واجبا تارة بأن سعى غيره وكذا الأضعاف لما لم ينفعه إلا مبنيا على سعي نفسه وهو أن يكون مؤمنا صالحا كان سعى نفسه وتارة بأن ذلك كان في شرع من تقدم ثم أنه تعالى نسخه في شريعتنا وجعل للانسان ما سعى وما لم يسع وقال البيضاوي إلا ما سعى أي إلا سعيه أي كما لا يؤاخذ بذنب الغير لا يثاب بفعله وما جاء في الاخبار من أن الصدقة والحج ينفعان الميت فلكون الناوي له كالنائب عنه انتهى ولا محصل له عند التأمل لان فعل النايب إذا كان على جهة التبرع أو إيجاب الغير إياه من دون جعل واستنابة من المنوب عنه لا يعد فعل المنوب عنه وسعيه إلا بعد ملاحظة أن الباعث عليه أمر من جهة المنوب عنه كأيمانه أو خلته أو قرابته ونحوها فيرجع إلى ما نقلناه عن غيره ثم يمكن تصحيح كلام العلامة (ره) بعد اختيار انتفاع الميت بعمل القريب بأن مراده إن المنفي في الآية الاجر الذي على سبيل الاستحقاق والاختصاص كما يفهم من اللام والنفع الواصل إلى الميت بعمل القريب ليس لاستحقاق الميت ذلك بل لاستحقاق القريب بسبب كمال حسن فعله كرامة من نسب إليه ورفع هو أنه كما ينتفع من لا يستحق الاحسان أو العفو بشفاعة الغير إياه واستغفاره ودعائه له وقد أشار طاب ثراه بلفظ الثواب إلى ذلك لأنه النفع المستحق المقارن للتعظيم والاجلال ويمكن توجيه كلام البيضاوي أيضا بأن المراد أنه كما لا يؤاخذ أحد بذنب غيره لا يثاب بفعله وإن كان ولدا أو والدا أو قريبا أو صديقا بل كل أحد يملك ما يفعله ويستحق أجره ولا ينافي ذلك أن يملكه الغير بتمليكه إياه وإعطائه له وإتيانه به نيابة عنه وذلك كما يقول السلطان العادل كل أحد يملك ماله ولا تعطى مثقال ذرة مما ملكه أحد غيره ولا ينافي ذلك تسلط الناس على أموالهم بإعطاء الغير هبة أو صلة أو صدقة وهل لا ينقبض العقل عن أن يكون تسلط الناس على الحقوق الأخروية أنقص من تسلطهم على الأموال الدنيوية وقد مر البحث عن ذلك سابقا في مسألة تبرع الغير بالكفارة وقال الحلبي مع عدم الولي يصام عنه من ماله كالحج قال في المختلف احتج أبو الصلاح بأنه صوم وجب عليه ولم يفعله فوجب قضاؤه عنه بالأجرة كالحج والجواب المنع من الملازمة والمساواة للحج فإن الحج لا يجب على الولي والصوم هنا يجب عليه والأول أصح لما عرفت من دلالة الأخبار الكثيرة على وجوب القضاء علي الولي ولكن الكلام في وجوب الصدقة من ماله إن لم يكن له ولي إذ لا دليل عليه إلا خبر أبي مريم ولا يدل على ما ذكروه من أن الصدقة مع فقد الولي إلا أن يأول بما نقلناه عن العلامة طاب ثراه والشيخ يقول يتصدق وبمدين فإن عجز فمد وما ذكره المصنف (ره) والجماعة من وجوب المد أوفق للأصل ما ورد في خبر أبي مريم والمرأة هنا كالرجل على الأصح كما هو رأى الشيخ وابن البراج والعلامة لان الغالب تساوي الذكور والإناث في الأحكام الشرعية التكليفية ويدل عليه صحيحة أبي حمزة وموثقة محمد بن مسلم وخبر أبي بصير وفي دلالتها على الوجوب تأمل كما عرفت وقال محمد بن إدريس الصحيح من المذهب والأقوال إن إلحاق المرأة في هذا الحكم بالرجال يحتاج إلى دليل وإنما إجماعنا منعقد على الوالد بتحمل ولده الأكبر ما فرط فيه من الصيام ويصير ذلك تكليفا للولد وليس هذا مذهبا لاحد من أصحابنا وإنما أورده شيخنا إيرادا لا اعتقادا انتهى وما ذكره من عدم انعقاد الاجماع على حكم المرأة فغير ضاير للعالمين بالاخبار إن تم دلالتها على الوجوب وما يشعر به كلامه من انعقاد الاجماع على العدم حيث قال وليس هذا مذهبا لاحد من أصحابنا فيشكل قبوله مع ذهاب الشيخ إليه وما أفاده من أن الشيخ أورده إيرادا لا اعتقادا فبعيد هذا من كلام الشيخ في المبسوط حيث قال وحكم المرأة في هذا الباب وحكم الرجل سواء وكذلك ما يفوتها في أيام حيضها وجب عليها القضاء فلن لم تقض وماتت وجب على وليها القضاء عنها إذا فرطت أو يتصدق عنها على ما قدمناه وما ذكره من الصدقة فعلى تقدير عدم الولد الذكر كما يفهم من سابق كلامه وقال العلامة في المختلف وقوله ليس هذا مذهبا لاحد من أصحابنا جهل منه وأي أحد أعظم من الشيخ (ره) خصوصا مع اعتضاد قوله بالروايات والأدلة العقلية مع أن جماعة قالوا به كابن البراج ونسبته قول الشيخ إلى أنه إيراد لا اعتقاد غلط منه وما يدريه بذلك مع أنه لم يقتر على قوله بذلك في النهاية بل وفي المبسوط أيضا انتهى وتردد المحقق في المسألة وكأنه في محله ويلزم مراعاة الاحتياط مهما أمكن أما العبد فمشكل أن يكون في حكم الحر في وجوب قضاء ما فات عنه على الولي لأصالة البراءة وعدم التصريح به في النص بخلاف المرأة لما عرفت من عدم خلو الاخبار عن التنصيص بها والمساواة قريبة لشمول الرجل الوارد في النصوص له كما يشمل الحر ولمساواته له في أكثر الاحكام ويمكن ادعاء ظهور الاخبار في إفادة حكم الحر باعتبار ذكر الصدقة عن ماله وذكر الولي فيبقى العبد على حكم الأصل كما ذهب إليه بعض الأصحاب والاحتياط في القضاء ثم الولي عند الشيخ أكبر أولاده الذكور لا غير فقال في المبسوط والولي هو أكبر أولاده الذكور فان كانوا جماعة في سن واحد كان عليهم القضاء بالحصص أو يقوم به بعضهم فيسقط عن الباقين وإن كانوا إناثا لم يلزمهن القضاء وكان الواجب الفدية من ماله عن كل يوم بمدين من طعام وأقله مد ثم المراد من الأكبر من ليس له أكبر منه وإن لم يكن له ولد متعددون
(٤٨١)