رؤية الهلال فقال إن شهر رمضان فريضة من فرايض الله فلا تؤدوا بالتظني وليس رؤية الهلال أن تقوم عدة فيقول واحد قد رأيته ويقول الآخرون لم نره إذا رآه واحد رآه مائة وإذا رآه مائة رآه ألف ولا يجزي في رؤية الهلال إذا لم يكن في السماء علة أقل من شهادة خمسين وإذا كانت في السماء علة قبلت شهادة رجلين يدخلان ويخرجان من مصر وبما رواه حبيب الخزاعي أو الجماعي على اختلاف النسخ قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) لا يجوز الشهادة في رؤية الهلال دون خمسين رجلا عدد القسامة وإنما يجوز شهادة رجلين إذا كانا من خارج المصر وكان بالمصر علة فأخبرا إنهما رأيا وأخبرا عن قوم صاموا لرؤيته والجواب عن الأول كما أفاده العلامة في المختلف إنه استبعاد محض فجاز أن تختلف الابصار بالقوة والضعف والعلم بمطلعه أو وقوع النظر عليه اتفاقا ثم تعرض له غيبوبة لعلة أو لقلة زمانه على تقدير أن يقع نظره إليه في آخر وقت كونه فوق الأفق نعم ذلك يؤكد ما ذكرناه من رد الشهادة مع التهمة لا مطلقا وأما الخبر الأول فالظاهر صحة طريقه كما وصفه بها في المختلف وحكمه في المنتهى بالضعف لعله باعتبار الكلام الذي في يونس بن عبد الرحمن ولكنه لا يصلح لمعارضة ما ذكرناه من الاخبار الكثير المعتضدة بالشهرة بين الأصحاب ويجب تأويله بما أفاده المصنف جمعا و كذا الكلام في الخبر الثاني مع ضعف طريقه وأجاب المحقق (ره) في المعتبر عن التمسك بالخبرين بأن اشتراط خمسين لم يوجد في حكم سوى قسامة الدم ثم لا يفيد اليقين بل قوة الظن وهي تحصل بشهادة العدلين وبالجملة فإنه مناف لما عليه عمل المسلمين كافة فكان ساقطا وما ذكره من عدم إفادته للعلم فغير مسلم إلا أن يكون مراده في بعض الصور وحملت على عدم العلم بعدالتهم أو على التهمة لما عرفت وقال خالي طاب ثراه بعد نقل هذين الحملين عن المختلف ولعل الأقرب في تأويل هذه الأخبار أن تحمل على صوره لا يحصل الظن بقولهم كما إذا ادعوا الوضوح ولم يره الباقون مع سلامة أبصارهم وقوتها وارتفاع الموانع عنهم بل قد يحصل العلم بخلاف قولهم انتهى وأقول ما ذكره داخل في التهمة التي ذكرها العلامة والمصنف فما ذكراه أتم وأظهر واجتزء سلار بالواحد في أوله بالنسبة إلى الصوم خاصة لا في حلول الدين وانقضاء العدة ونحوهما ولا في هلال شوال بالأصالة وإن قال بثبوتية تبعية رمضان بعد انقضاء ثلاثين منه وهذا أحد قولي الشافعي واحدى الروايتين عن أحمد واختيار ابن مبارك واحتج له العلامة (ره) بما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قال أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا رأيتم الهلال فافطروا أو شهد عليه عدل من المسلمين وإن لم ترو الهلال إلا من وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام إلى الليل وإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ليلة ثم أفطروا والظاهر صحة بعض هذا الخبر وإن حكم في المختلف بعدم حجيته باعتبار اشتراك محمد بن قيس بين جماعة منهم أبو أحمد وهو ضعيف فإن رواية يوسف بن عقيل عنه تشهد بأنه البجلي الثقة صاحب كتاب القضايا المعروف كما يظهر من الرجال نعم الاختلاف الذي في متنه ربما أفاد وهنا في التمسك به فإنه مذكور في موضعين من التهذيب وكذا في الاستبصار ففي موضع كما ذكرناه على وفق الفقيه وفي موضع بهذه الصورة واشهدوا عليه عدولا من المسلمين وعلى هذا فلا دلالة فيه أصلا على قبول قول الشاهد الواحد إن لم نقل بأنه يدل على خلافه في موضع هكذا أو تشهد عليه بينة عدل من المسلمين والظاهر من البينة العدل الاثنان العادلان فلا دلالة فيه أيضا واحتج أيضا بما رواه ابن عباس قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله من الحيرة فقال إني رأيت الهلال فقال أتشهد أن لا إله إلا الله قال نعم فقال أتشهد أن محمد رسول الله قال نعم قال يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا وبما رواه ابن عمر قال ترائى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وآله إني رأيته فصام وأمر الناس بالصيام وبأن الاحتياط للعبادة تقتضي قبول الواحد وبأنه خبر عن وقت فريضة فيما طريقه المشاهدة فقيل عن الواحد كالخبر بدخول وقت الفريضة وبأنه خبر عن أمر ديني يشترك فيه المخبر والمخبر فقبل فيه الواحد كالرواية وبأن شهادة الواحد تفيد الرجحان لكونه من رمضان ومرجوحية كونه من شعبان ولا يجوز عقلا العمل بالمرجوح فتعين العمل بالراجح إذ لا خروج عن النقيض عملا وإبطالا والجواب إن الرواية الأولى مع عدم صراحتها لان العدل كما يصدق على الواحد يصدق على الكثير كما نص عليه أهل اللغة تدل على قبول الواحد في هلال شوال وهو خلاف ما ذهب إليه سلار بن عبد العزيز والروايتين الأخيرتين مع ضعف سندهما يشتركان في أنهما حكاية حال فلعله صلى الله عليه وآله عرف ذلك من غير الواحد أيضا ولم يطلع الراوي على ذلك مع أن الثانية تخالف أصولنا باعتبار دلالتها على قبول قول الشاهد بمحض الاقرار بالشهادتين وبالجملة هذه الأخبار لا تصلح لمعارضة الأخبار الكثيرة المتقدمة وغيرها الدالة على اعتبار العدلين والاحتياط يفيد رجحان الصيام بقصد إنه من شعبان لا الحكم بوجوبه من رمضان مع استلزامه لعدم الاحتياط باعتبار الافطار في آخر الشهر ولما روى عن علي عليه السلام إنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من الحق في رمضان يوما من غيره متعمدا فليس بمؤمن بالله ولا بي وحكم الأصل في القياس الأول ممنوع والفرق بين الرواية والشهادة معلوم مقرر فلا يمكن قياس الشهادة عليها والرجحان الحاصل من شهادة الواحد لا يعارض
(٤٦٥)