البعد أظهر في عهده (عليه السلام) بين المسلمين من أن يحتاج إلى البيان وقال خالي طاب ثراه إن هذه الرواية ضعيفة لا تصلح لمقاومة الأخبار الدالة على خلافها ولو سلمت عن ذلك كان نسبتها إليها نسبة العام إلى الخاص فتخصص بها وتحمل على الغالب من تحقق الرؤية بعد الزوال على أن المذكور في الرواية من رأى هلال شوال في رمضان ولقايل أن لا يسلم إن الرؤية قبل الزوال رؤية في رمضان انتهى أقول أما ضعف سند هذه الرواية فغير ظاهر لان أصحاب الرجال لم ينصوا على القاسم بن سليمان وجراح المدايني بجرح ولا تعديل وذكر وهما من الصحابة وإن لكل منهما كتابا يرويه عنه فلان فلا يبعد عدها من الحسان وأما عدم صلاحيتها للمقاومة ففيه أنها مؤيدة للآية الكريمة والأخبار الكثيرة التي منها الصحيح والكل تصلح للمقاومة كل الصلاح وقد عرفت وجه ضعف التخصيص الذي ذكره وما أفاده من عدم تسليم إن الرؤية قبل الزوال رؤية في رمضان فغريب جدا لان المراد بنهار رمضان في قوله (عليه السلام) من رأى هلال شوال بنهار في رمضان إن كان اليوم الذي يحكم بكونه من رمضان مع قطع النظر عن هذه الرؤية فيصدق على اليوم الآخر الذي وقعت الرؤية فيه قبل الزوال البتة وإن كان اليوم الذي يحكم بكونه من رمضان بعد الرؤية أيضا فيلزم الدور إن كان العلم بكونه من رمضان بعد الرؤية من نصب هذه العلامة وإن كان من الخارج فيصير حاصل الكلام إن من رأى هلال شوال بنهار رمضان رؤية يعلم من الخارج أنها ليست تؤثر في رفع حكم الصوم فليتم صومه ولا ريب في أن الكلام والإفادة على هذا الوجه معاذ الله لغو لا ينبغي أن يصدر عن عاقل فضلا عن الصادقين (عليهما السلام) اللذين أحاطوا بعلوم الأولين والآخرين ثم ما رواه الشيخ عن محمد بن عيسى قال كتبت إليه (عليه السلام) جعلت فداك ربما غم علينا هلال شهر رمضان فنرى من الغد الهلال قبل الزوال وربما رأيناه بعد الزوال فترى إن نفطر قبل الزوال إذا رأيناه أم لا وكيف تأمرني في ذلك فكتب (عليه السلام) تتم إلى الليل فإنه إن كان تاما لرؤى قبل الزوال وجه الدلالة ان المراد بهلال شهر رمضان في قول السايل الهلال الذي يطلب في شهر رمضان يعني هلال شوال بقرينة جعله الأصل الصيام وسؤاله عن الافطار باعتبار تجدد أمر يحتمل أن يوجبه أعني رؤية الهلال ومن البين إن الهلال الذي يحتمل أن يوجب رؤيته الافطار هو هلال شوال دون هلال شهر رمضان ويؤيده ما وقع في بعض نسخ الاستبصار بهذه الصورة ربما غم علينا الهلال شهر رمضان وأيضا أمره (عليه السلام) في الجواب بإتمام الصيام وبيان ذلك بقوله فإنه إن كان تاما لرؤى قبل الزوال أعدل شاهد على ذلك حاصل الجواب أنه يجب عليه إتمام الصيام فإن هذا اليوم من شهر رمضان لان الشهر إن كان تاما بالغا إلى الثلاثين لرؤي الهلال الجديد في يوم آخره قبل الزوال كما هو المعلوم من الضوابط الحسابية فلا توجب هذه الرؤية أن يكون هذا اليوم من شهر شوال ويجب علينا فيه الافطار وذكر خالي هذا الخبر في جملة الاخبار التي تؤيد قول السيد وقال وجه التأييد إن المسؤول عنه هلال رمضان لا هلال شوال ومعنى التعليل إن الرؤية قبل الزوال إنما تكون إذا كان الهلال تاما وتمامية الهلال أن يكون بحيث يصلح للرؤية في الليل السابق أو المراد إن شهر رمضان أو الشهر الذي نحن فيه إذا كان تاما يعني إذا تم وانقضى رؤي الهلال الجديد قبل الزوال انتهى أقول ارتكاب المجاز الشايع المتعارف في هلال شهر رمضان في قول السايل كما ذكرناه أهون بكثير من حمل كلام الإمام (عليه السلام) في الجواب على الألغاز والتعمية كما أفاده (ره) وأيضا ما ذكره من إرجاع ضمير أنه إلى شهر رمضان فغير سديد لان السؤال على ما فهمه عن رؤية هلال شهر رمضان في اليوم الآخر من شهر شعبان فكيف يصح في الجواب أن يقال إن شهر رمضان إذا تم وانقضى رؤي هلال شوال قبل الزوال إلا أن يكون بناء الكلام على المقايسة وهو كما ترى وقس عليه ارجاعه إلى الشهر الذي نحن فيه إذ ليس في الذكر السابق منه عين ولا أثر فهو خارج عما نحن فيه وأيضا الشهر الذي تم وانقضى على فرضه ليس الشهر الذي نحن فيه إلا بنوع من المجاز فلم لا يرتكبه ولا حتى لا يحتاج إلى تجشم هذه الزحمات وارتكاب تلك التكلفات ثم ذكر طاب ثراه إن حمل هلال شهر رمضان على شوال بعيد جدا مع تنافره عن أسلوب العبارة أيضا على أن المذكور في العبارة الافطار قبل الزوال وتقييد الافطار بكونه قبل الزوال لا يستقيم على تقدير الحمل على هلال شوال بخلاف هلال رمضان فإن الافطار بعد الزوال في الصيام المستحب مما نهى عنه ولو حمل هلال شهر رمضان على شوال وجعل معنى التعليل إن الشهر إذا كان تاما بالغا إلى الثلاثين رؤي الهلال قبل الزوال لم ينطبق على مجاري العادات الأكثرية والشواهد النجومية بخلاف ما ذكرنا من معنى التعليل انتهى أقول أما البعد فلم يبلغ حدا لا ينبغي ارتكابه كما عرفت مفصلا وأما التنافر عن أسلوب العبارة فهو على تفسيره (ره) لا على هذا التفسير وتقييد الافطار بقبل الزوال لبيان حال الرؤية لان الافطار لا يكون إلا بعد الرؤية و فايدة تقييد الرؤية بكونها قبل الزوال لأجل أن السايل يعلم أن الرؤية بعد الزوال لا يوجب الافطار وإنما أراد استعلام حال الرؤية السابقة وهذا الوجه لبيان فايدة التقييد أظهر وأقرب إلى الفهم مما أفاده (ره) فيه وما ذكره للقدح في بيان معنى التعليل على هذا الوجه من أنه لم ينطبق على مجاري العادات الأكثرية والشواهد النجومية ففيه خلط لان وقوع الرؤية قبل الزوال أحيانا عند تمامية الشهر وبلوغه إلى الثلاثين يكفي لعدم
(٤٦٧)