أبا عبد الله (عليه السلام) عن صوم تاسوعا وعاشوراء من شهر المحرم فقال تاسوعا يوم حوصر فيه الحسين (عليه السلام) وأصحابه رضي الله عنهم بكربلا واجتمع عليه خيل أهل الشام وأناخوا عليه وفرح ابن مرجانة وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرته واستضعفوا فيه الحسين (عليه السلام) وأصحابه كره الله وجوهم أيقنوا أن لا يأتي الحسين (عليه السلام) ناصر ولا يمدده أهل العراق بأبي المستضعف الغريب ثم قال وأما يوم عاشورا فيوم أصيب فيه الحسين (عليه السلام) صريعا بين أصحابه وأصحابه حوله صرعى عراة فصوم يكون في ذلك اليوم كلا ورب البيت الحرام ما هو يوم صوم وما هو إلا يوم حزن ومصيبته دخلت على أهل السماء وأهل الأرض وجميع المؤمنين ويوم فرح وسرور لابن مرجانة وآل زياد وأهل الشام غضب الله عليهم وعلى ذراريهم وذلك يوم بكت جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام ومن صامه أو تبرك به حشره الله تعالى مع آل زياد ممسوخ القلب مسخوطا عليه ومن ادخر إلى منزله ذخيرة أعقبه الله نفاقا في قلبه إلى يوم يلقاه وانتزع البركة عنه وعن أهل بيته وولده وشاركه الشيطان في جميع ذلك وقال الشيخ في التهذيب بعد نقل الروايات فالوجه في هذه الأحاديث أن من صام يوم عاشورا على طريق الحزن بمصاب رسول الله صلى الله عليه وآله والجزع لما حل بعترته فقد أصاب ومن صامه على ما يعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه والتبرك به والاعتقاد لبركته وسعادته فقد أثم وأخطأ ونسب في الاستبصار هذا الجمع إلى شيخه المفيد ويمكن حمل أخبار الاستحباب على التقية أيضا وأما خبر كثير النوا فأكثر الوقايع المذكورة فيه وردت الاخبار بوقوعها في ذلك اليوم وقد ورد في الخبر أيضا أن هذا الحديث من الأحاديث الموضوعة رواه الصدوق في المجالس عن جبلة المكية قال سمعت ميثم التمار يقول لتقتلن هذه الأمة ابن نبيها في المحرم لعشر يمضين منه وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة وإن ذلك لكاين قد سبق في علم الله تعالى ذكره أعلم ذلك بعهد عهده إلى مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام) ولقد أخبرني أنه يبكي عليه كل شئ حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار والطير في جو السماء فتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم و السماء والأرض ومؤمنو الإنس والجن وجميع ملائكة السماوات ورضوان ومالك وحملة العرش وتمطر السماء دما ورمادا ثم قال وجبت لعنة الله على قتلة الحسين (عليه السلام) كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس قالت جبلة فقلت له يا ميثم وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يقتل فيه الحسين بن علي (عليهما السلام) يوم بركة فبكى ميثم ثم قال سيزعمون بحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم (عليه السلام) وإنما تاب الله على آدم (عليه السلام) في ذي الحجة ويزعمون أنه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود وإنما قبل الله توبته في ذي الحجة ويزعمون أنه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت وإنما أخرجه الله من بطن الحوت في ذي القعدة ويزعمون أنه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي وإنما استوت على الجودي في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ويزعمون أنه اليوم الذي فلق فيه البحر لبني إسرائيل وإنما كان ذلك في شهر ربيع الأول ثم قال ميثم رحمه الله يا جبلة أعلمني أن الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) يوم القيامة ولأصحابه على ساير الشهداء درجة يا جبلة إذا نظرت إلى الشمس حمراء كأنها دم عبيط فاعلمي أن سيدك الحسين (عليه السلام) قد قتل قال فخرجت ذات يوم فرأيت الشمس على الحيطان كأنه الملاحف المعصفرة فصحت حينئذ وبكيت وقلت قد والله قتل سيدنا الحسين بن علي (عليهما السلام) وبالجملة فليس من الجانبين خبر صحيح يعول عليه والاحتياط في ترك صومه وإن اشتغلت الذمة بصوم واجب غير متعين وقد مر جواز تأخير قضاء رمضان خصوصا إذا تعلق به غرض صحيح كما عرفت من حديث تأخير أزواج النبي صلى الله عليه وآله صيامهن إلى شعبان وروى صمه من غير تبييت وأفطره من غير تشميت ويفهم منه استحباب ترك المفطرات لاعلى أنه صوم حقيقي وهو حسن رواه الشيخ في المصباح عن عبد الله بن سنان قال دخلت على سيدي أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) في يوم عاشوراء فلقيته كاسف اللون ظاهر الحزن ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط فقلت يا بن رسول الله مم بكاؤك لا أبكى الله عينيك فقال لي أو في غفلة أنت أما علمت أن حسين بن علي (عليهما السلام) أصيب في مثل هذا اليوم فقلت يا سيدي فما تقول في صومه قال لي صمه من غير تبييت وأفطره من غير تشميت ولا تجعله يوم صوم كملا وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء فإنه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل رسول الله صلى الله عليه وآله وانكشفت الملحمة عنهم إلى آخر الحديث وقوله (عليه السلام) صمه من غير تبييت وأفطره من غير تشميت أي أن تصمه فصمه من غير تبييت للنية وقصد للصيام الحقيقي بأن يكون صومك مجرد إمساك من المفطرات حزنا وجزعا وإن تفطره فأفطره من غير أن يكون تناولك معاذ الله على وجه الشماتة والفرح بما أصاب فيه بأولياء الله ثم بين أن الامساك ينبغي أن يكون إلى ساعة بعد العصر والهيجاء الحرب يمد ويقصر والملحمة الوقعة العظيمة في الفتنة وحسن العمل بهذا الخبر لأجل اعتبار سنده وموافقته لآداب إظهار الجزع والمصيبة للأزمة مراعاتها في هذا اليوم تذنيب قال العلامة في المنتهى يوم عاشوراء هو
(٤٥٨)