(بل ظاهرها الوجوب) روى الكافي والتهذيب عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سألته عن رجل قتل رجلا خطأ في الشهر الحرام قال يغلظ عليه الدية وعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم قلت فإنه يدخل في هذا شئ فقال ما هو قلت يوم العيد وأيام التشريق قال يصومه فإنه حق يلزمه وقريب منه ما روى في الكافي في الحسن بن إبراهيم عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في حكم القاتل في الحرم وقال الشيخ في التهذيب بعد نقل الخبر إلا أن التحريم إنما وقع على من صام العيدين مختارا مبتدأ فأما إذا لزمه شهران متتابعان على حسب ما تضمنه الخبر فيلزمه صوم هذه الأيام لادخال نفسه في ذلك وقال العلامة في المنتهى بعد نقل قول الشيخ والصواب عندي خلاف ذلك فإن الاتفاق بين فقهاء الاسلام قد وقع على تحريم صوم العيدين فإخراج هذا الصورة من حكم مجمع عليه بهذا الحديث مع أن في طريقه سهل بن زياد وهو ضعيف لا يجوز فالأولى البقاء على التحريم وزاد على ذلك في المختلف إن الخبر قاصر عن إفادة المطلوب إذ ليس فيه أمر بصوم العيد وإنما أمره بصوم أشهر الحرم وليس في ذلك دلالة على صوم العيد وأيام التشريق يجوز صومها في غير منى أقول ولا يمكن المناقشة مع العلامة (ره) بعدم ضعف سند الخبر الثاني الذي ذكرناه لان كلامه مع الشيخ والشيخ استدل بالخبر الأول وكذا لا تجدي المناقشة بعدم صراحة الأخبار الدالة على المنع عن صيام العيدين في العموم بحيث لا يقبل هذا التخصيص وكذا الاجماع المنقول لان عدم إباء اللفظ عن قبول هذا التخصيص لا يقدح في عدم جواز ارتكابه في الحكم المشتهر الشايع بين المسلمين بحيث يحكم بخطاء مخالفة كل مسلم في بادي الرأي بمثل هذا الخبر الشاذ النادر من الآحاد وروى إسحاق بن عمار عن الصادق (عليه السلام) صيام التشريق بدلا عن الهدى روى في التهذيب عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عن أبيه (عليهما السلام) أن عليا (عليه السلام) كان يقول من فاته صيام الثلاثة الأيام التي في الحج فليصم أيام التشريق فإن ذلك جايز له و روى أيضا عن عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) أن عليا (عليه السلام) كان يقول من فاته صيام الثلاثة الأيام في الحج وهي قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة فليصم أيام التشريق فقد إذن له وعمل ابن الجنيد من أصحابنا بهذين الخبرين وقال الشيخ (ره) بعد ذكر الأخبار الدالة على المنع وإيراد هذين الخبرين فهذان الخبران وردا شاذين مخالفين لساير الاخبار ولا يجوز المصير إليهما والعدول عن عدة أحاديث إلا بطريق يقطع العذر ويحتمل أن يكون الرجلان وهما على جعفر بن محمد (عليهما السلام) ذلك وأنهما قد سمعاه من غير ممن ينسب إلى أهل البيت (عليهم السلام) لأنه قد روى إن هذا كان يقوله عبد الله ابن الحسن ونسباه إليه وهما ولو سلما من ذلك لم يجب العمل بهما لان الأخبار المتقدمة المروية عنده قد عارضت هذين الخبرين وزادت عليهما بالكثرة ولو تساوت كلها حتى لا مزية بينهما كان يجب إطراح العمل بجميعها والمصير إلى ما رواه أبو الحسن موسى عن أبيه (عليهما السلام) لان لروايته (عليه السلام) مزية ظاهرة على رواية غيره لعصمته وطهارته ونزاهته وبرائته من الأوهام وروى موسى بن القاسم عن أبي الحسين النخعي عن صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج قال كنت قائما أصلي وأبو الحسن (عليه السلام) قاعد قدامي وأنا لا أعلم فجائه عباد البصري قال فسلم ثم جلس فقال له يا أبا الحسن ما تقول في رجل تمتع ولم يكن له هدى قال يصوم الأيام التي قال الله قال فجعلت سمعي إليهما قال له عباد وأي أيام هي قال قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة قال فان فاته ذلك قال يصوم صبيحة الحصبة ويومين بعد ذلك قال فلا تقول كما قال عبد الله بن الحسن قال فأي شئ قال قال يصوم أيام التشريق قال إن جعفر كان يقول إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بديلا أن ينادي إن هذه أيام أكل وشرب فلا يصومن أحد قال يا أبا الحسن أن الله قال فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم قال كان جعفر (عليه السلام) يقول ذو الحجة كله من أشهر الحج انتهى أقول وما ذكره أخيرا في ترجيح العمل برواية أبي الحسن موسى (عليه السلام) فغير ظاهر لان الراوي في هذين الخبرين أيضا أبو عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) عن علي والأئمة (عليهم السلام) كلهم سواء في العصمة والطهارة والنزاهة والبراءة من الأوهام فالأولى الترجيح بصحة سند خبر عبد الرحمن بن الحجاج دون خبر إسحاق وعبد الله والأقرب المنع فيهما لما ذكرناه عن العلامة في الأول وعن الشيخ في الثاني وفي رواية الزهري عن زين العابدين (عليه السلام) جعل قسم من الصوم باب التخيير وهو الجمعة والخميس والبيض وستة الفطر وعرفة وعاشوراء وهو يشعر بعدم التأكيد أقول الظاهر من الرواية أنه (عليه السلام) عبر عن صوم التطوع بالصوم الذي صاحبه بالخيار فلا يبعد ادعاء دلالة تخصيص هذه الافراد بالذكر على تأكدها درس يصام شهر رمضان وجوبا برواية هلاله لوجوب صيام الشهر بالضرورة من الدين وتحققه برؤية الهلال باتفاق المسلمين ولقوله عز وجل يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج فقد ظهر أنه تعالى اعتبر الأهلة في تعرف أوقات الحج وغيره وللاخبار الكثيرة الواردة في أن الصوم للرؤية والفطر للرؤية وإن انفرد الرائي برؤيته عدلا كان الرائي المنفرد أو لا يكون عدلا ردت شهادته بالرؤية عند الحاكم لعدم العدالة أو سبب آخر أولا بأن لم يشهد أو شهد ولم ترد لان العدالة وعدم الرد يؤثران في قبول الغير ولا مدخل لذلك في حق نفسه بل مدار حكمه على الجزم الحاصل له بالرؤية ولا
(٤٦٢)