مخالف منافي هذا الحكم لا في هلال رمضان ولا في هلال شوال وإنما الخلاف من بعض العامة والأخبار الدالة على هذا كثيرة قد ورد فيها إذا رأيت الهلال فصم وإذا رأيته فأفطر وروى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال سألته عن الرجل يرى الهلال في شهر رمضان وحده لا يبصره غيره له أن يصوم قال إذا لم يشك فيه فليصم وإلا فليصم مع الناس وما ورد من أن الروية ليس أن تقوم عشرة فتنظروا فيقول واحد هو ذا هو وتنظر تسعة فلا يرونه إذا رآه واحد رآه عشرة وألف فالمراد منه عدم قبول شهادة المنفرد لامارة الكذب و احتمال الاشتباه ولا يدل على أن الرائي إذا لم يشك فيه لا يلزمه العمل نعم يستبعد حصول الجزم ورفع الشك عنه وهو كلام آخر ويرشد إلى ذلك قول موسى بن جعفر (عليهما السلام) إذا لم يشك فيه فليصم ثم إذا وجب الصوم على المنفرد بالرؤية فلو أفطره بالجماع ونحوه وجب عليه القضاء والكفارة كغيره من الأيام لعموم الأدلة الدالة على وجوبهما ونقل في المنتهى الاجماع من علمائنا على ذلك ونسب الخلاف إلى أبي حنيفة باعتبار قياس الكفارة على الحد فلا تجب في الفعل المختلف فيه وباعتبار أن صوم هذا اليوم حيث لا يجب على الجميع يشبه القضاء فلا تجب فيه الكفارة وفسادهما واضح ولو لم يره ومضى من شعبان ثلاثون يوما جزاء هذا الشرط قوله وجب الصوم وخص من علم الشياع أو سمع العدلين بالذكر لبيان إن الوجوب على العالم والسامع من غير اعتبار حكم الحاكم ووجه وجوب الصوم لو مضى من شعبان ثلاثون إن الشهر لا يكون أزيد من الثلاثين البتة وبانقضاء شعبان يدخل شهر رمضان بالضرورة وقد قال عز وعلا فمن شهد منكم الشهر فليصمه أو رؤي شايعا والمراد بشياع الروية على الظاهر إخبار جماعة بها تأمن النفس من تواطئهم على الكذب ويحصل بخبرهم الظن المتاخم للعلم واعتبر العلامة في المنتهى حصول العلم فقال ولو رؤي في البلد رؤية شايعه وذاع بين الناس الهلال وجب الصيام بلا خلاف لأنه نوع تواتر يفيد العلم وقريب منه قوله في التذكرة على ما نقل وزاد فيها بعد قوله يفيد العلم ولو لم يحصل العلم بل حصل ظن غالب بالرؤية فالأقوى التعويل عليه كالشهادتين فإن الظن الحاصل بشهادتهما حاصل مع الشياع وادعى المحقق (ره) في المعتبر وفاق العلماء على الوجوب لو رؤي شايعا ولكن ليس تفسير الشياع في كلامه ككلام أكثرهم حيث ذكروا الشياع في ذيل العلامة ثم إن اعتبر حصول العلم فلا ريب في الوجوب معه ولو اكتفى بحصول الظن فإن اعتبرت غلبته بحيث صار احتمال العدم بعيدا جدا ويحصل ما يقرب العلم العادي فلا يبعد ادعاء كونه في حكم العلم عرفا وشرعا وإن لم تعتبر هذه الغلبة بل اعتبر مطلق الغلبة أو اعتبر زيادتها على ما يحصل من قول العدلين فالحكم بالوجوب لا يخلو عن إشكال لعدم دليل يدل على اعتبار مثل هذا الظن في الأهلة شرعا بل ورد ما يدل على عدم اعتبار الظن وعدم جواز البناء عليه في هلال رمضان مضافا إلى العمومات الواردة في المنع عن أتباعه وورد أيضا ما يدل على حصر الشهادة بالهلال في العدول والشاهدين المرضيين فروى الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا وليس بالرأي ولا بالتظني ولكن بالرؤية والرؤية ليس أن تقوم عشرة فينظروا فيقول واحد هو ذا هو و ينظر تسعة فلا يرونه إذ رآه واحد رآه عشرة وألف وإذا كان علة فأتم شعبان ثلاثين وزاد حماد فيه وليس أن يقول رجل هو ذا هو لا أعلم إلا قال ولا خمسون والتظني أعمال الظن وأصله التظنن أبدل إحدى النونات ياء وعن إسحاق بن عمار في الموثق عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال في كتاب علي (عليه السلام) صم لرؤيته وإياك والشك والظن فإن خفي عليكم فأتموا الشهر الأول ثلاثين وعن سماعة في الموثق قال صيام شهر رمضان بالرؤية وليس بالظن وقد يكون شهر رمضان تسعة وعشرين ويكون ثلاثين ويصيبه ما يصيب الشهور من التمام والنقصان وسيجئ غير هذه الأخبار أيضا مما يدل على عدم اعتبار الظن وروى الشيخ في الصحيح عن المفضل وزيد الشحام جميعا عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سأل عن الأهلة فقال هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم وإذا رأيته فأفطر قلت أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما أقضي ذلك اليوم فقال لا إلا أن تشهد لك بينة عدول فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم وقد ورد بمضمون هذا الخبر أخبار كثيرة وروى أيضا عن منصور بن حازم في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال صم لرؤية الهلال وأفطر لرؤيته فإن شهد عندك شاهدان مرضيان بأنهما ر إياه فاقضه وروى عن عبيد الله بن علي الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال علي (عليه السلام) لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين وبهذا الاسناد عنه (عليه السلام) كان يقول لا أجيز في رؤية الهلال الا شهادة رجلين ثم ما ذكره في التذكرة فمرجعه إلى القياس وكون اعتبار الشاهدين لأجل إفادة قولهم الظن غير معلوم بل لعله لأجل نص الشارع على اعتبارهما كيف وقد يحصل من بعض الامارات أقوى مما يحصل من شهادتهما مع عدم اعتباره شرعا ولا يمكن دعوى الأولوية أيضا في صورة الزيادة كما يظهر من كلام صاحب المسالك في بحث الشهادة في الاستفاضة حيث قال إن اكتفينا بالظن الغالب فللتوقف مجال إلا أن يفرض زيادة الظن على ما يحصل منه بقول الشاهدين بحيث يمكن استفادته من مفهوم الموافقة بالنسبة إلى الشاهدين الذي هو حجة منصوصة انتهى فتدبر أو شهد به عدلان في الصحو والغيم خلافا للشيخ (ره) في
(٤٦٣)