التأويل لان تأخير القضاء أمر كلي شامل للعزم وعدمه ونحن نقول بموجبه مع العزم وليس فيه إشعار للعدم ولا يدل عليه أقول ولقد بالغ في الانكار عليه بمثل هذا أو أزيد المحقق (ره) في المعتبر ثم إن خبر سعد بن سعد يدل بظاهره على أن لا أثم أيضا في التأخير ولا يكاد يقول به محمد بن إدريس أيضا والتأويل والذي ذكره العلامة مأخوذ من الشيخ في التهذيب ويمكن أن يقال أيضا أنه (عليه السلام) لما حكم بتعجيل القضاء بين أن لا أثم في التأخير فلا تجب الفورية ولم يتعرض للشقوق التي ذكرها السائل للتأخير أو أراد بقوله ليس عليه شئ أنه لا يفسد صومه الحاضر ولا يفوت القضاء بحيث لا يمكن تداركه وخبر محمد بن مسلم يدفعه وكذا خبر زرارة وغيرهما كما عرفت والمصنف خص خبر محمد بن مسلم بالذكر لأنه حجة ما أفتى به أو لا فذكره ليبحث عنه ويرجع إلى قول الصدوقين ولكنه أي خبر محمد بن مسلم جعل دوام المرض مقابل التواني وهو يشعر بقول الصدوقين بوجوب الفدية والقضاء على من آخره قادرا من دون اعتبار التهاون ولعله الأقرب للاشعار المذكور مع تأييده بأخبار أخر أيضا كما عرفت مفصلا ولو استمر المرض إلى رمضان آخر فالفدية لا غير للاخبار السالفة وغيرها ولأن وقت القضاء ما بين الماضي والآتي والعذر إذا استمر فيه يسقط القضاء كما لو جن أو أغمي عليه من أول وقت الصلاة حتى خرج وقال الحسن القضاء لا غير والأول مروي بروايات عديدة والآية الكريمة تدل على قول الحسن وتخصص بالاخبار كما هو دأبهم ونسب العلامة في المنتهى القول الثاني إلى أبي جعفر بن بابويه وقال وقول ابن بابويه عندي قوي لا تعارض الآية التي استدل بها الأحاديث المروية بطريق الآحاد وقولهم إن وقت القضاء بين الرمضانين ممنوع ووجوب القضاء فيه لا يستلزم تعيينه له ولهذا لو فرط لوجب قضاؤه بعد الرمضان الثاني انتهى وأوردوا عليه إن ذلك مخالف لما قرره في الأصول من أن عموم الكتاب يخص بأخبار الآحاد ورجح في المختلف القول الأول وأجاب عن احتجاج الحسن بالآية بأن العموم قد يخص بأخبار الآحاد خصوصا إذا استفاضت واشتهرت واعتضدت بعمل أكثر الأصحاب واحتاط ابن الجنيد بالجمع بين القضاء والصدقة وهو مروي أيضا في الموثق عن سماعة قال سألته عن رجل أدركه رمضان وعليه رمضان قبل ذلك لم يصمه فقال يتصدق بدل كل يوم من الرمضان الذي كان عليه بمد من طعام وليصم هذا الذي أدرك فإذا أفطر فليصم الرمضان الذي كان عليه فأني كنت مريضا فمر علي ثلاث رمضانات لم أصح فيهن ثم أدركت رمضانا فتصدقت بدل كل يوم مما مضى بمد من طعام ثم عافاني الله وصمتهن وأنت خبير بأن هذه الرواية مع ما في سندها لا يدل على عدم صحة الرجل في البين فيمكن حملها على الصحة كما هو الظاهر لأصالة براءة الذمة عن الصدقة في غيرها فلم يبق إلا ما نقله (عليه السلام) من فعله نفسه ويحمل على الاستحباب كما يدل عليه صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من أفطر شيئا من رمضان في عذر ثم أدركه رمضان آخر وهو مريض فليتصدق بمد لكل يوم فأما أنا فأني صمت وتصدقت ويحمل على الندب كما عرفت ولا يتكرر الفدية بتكرر السنين سواء آخر القضاء الواجب في السنة الأولى السنين العديدة أو الفدية الواجبة معه بالتأخير أو آخرهما أو آخر الفدية الواجبة بالاستقلال بدلا عن الصيام لأصالة البراءة عن الزايد وعدم دليل على التكرار وقال الشيخ (ره) في الخلاف حكم ما زاد على عام واحد في تأخير القضاء حكم العام الواحد وبه قال أكثر أصحاب الشافعي وقال بعضهم عليه عن كل عام كفارة دليلنا إجماع الفرقة وأيضا الأصل براءة الذمة وشغلها يحتاج إلى دليل انتهى وقال العلامة في المنتهى لو أخر سنين أو ما زاد فيه تردد وللشافعي وجهان أحدهما تعدد الكفارة بتعدد السنين قياسا على الأول والثاني لا يجب لان الكفارة وجبت بالتأخير فلا يجب بالتأخير أخرى والأخير أقرب لان الأصل براءة الذمة انتهى ونقل عن التذكرة الجزم بالتكرر ولا وجه له ظاهر أو لو فات عنه أكثر من رمضان واحد باعتبار استمرار المرض في البين فلا ريب أنه يجب الفدية بدلا عن كل يوم من كل شهر كما يدل عليه الاخبار ولا فرق بين فوات رمضان واحدا وأكثر بسبب استمرار المرض في سقوط القضاء ووجوب الفدية لعدم دليل على الفرق وقد ظهر من السنة إن القضاء يتعين بدل الفدية مع استمرار المرض فيطرد الحكم وقد يظهر من ابن بابويه على في رسالته إن الرمضان الثاني يقضي بعد الثلاث وإن استمرار المرض وإنما قال يظهر لأنه يمكن حمل كلامه على بعد على البئر بين الثاني والثالث كما قاله في المختلف ولا وجه له كما عرفت إلا تخيل أن بدلية الفدية عن القضاء إنما ظهرت من الاخبار صريحا في العام الواحد فيبقى حكم العام الثاني تحت عموم الآية الكريمة الدالة على وجوب القضاء وهو ضعيف كما لا يخفى ثم أن الاخبار كما ترى قد وردت في المريض فلذا تعرض المصنف (ره) لحكم غيره من ذوي الأعذار كالمسافر فقال فروع هل يلحق غير المريض به كالمسافر توقف فيه المحقق في المعتبر فقال هل يختص هذا الحكم بالمرض ظاهر كلام الشيخ في الخلاف لا بل كل ما فات بمرض وغيره هذا حكمه و فيه إشكال لاختصاص النقل بالمرض وتظهر الفايدة للالحاق في وجوب الفدية المذكورة مع القضاء على القادر على القضاء في السنة الأولى المؤخر له عنها مع فوات الصيام عنه بغير المرض وتظهر الفايدة أيضا في سقوط القضاء بالفدية عن العاجز بغير المرض عن الاتيان به عرض السنة وكلام الحسن والشيخ يؤذن بطرد الحكم في ذوي الأعذار ويرد عليهما الاشكال الذي ذكره في المعتبر وربما قيل يطرد الحكم في وجوب الكفارة على القادر بالتأخير لان المرض أقوى الاعذار فإذا وجبت الكفارة بالتأخير والتهاون على من فات عنه الصيام به فيجب بالتأخير على من فات عنه بالعذر الأضعف بطريق الأولى لا في سقوط القضاء بالفدية بدوام العذر إذ لا وجه لقياس الأضعف على الأقوى والظاهر عدم الفرق في ذلك بين أن يكون سبب فوت الصيام والمانع عن القضاء جميعا غير المرض أو
(٤٧٨)