حال المكلف في صورة تخلل الصحة في البين وتركه للقضاء وأيضا لو كان المراد ما ذكره (ره) لا يحسن مقابلته لدوام المرض كما سيشير إليه المصنف ويلزم أيضا عدم التعرض لحكم التأخير لا للتواني وهو غير جيد في مثل هذا المقام والأصل وإن كان معه (ره) إلا أن ظواهر الاخبار ترفع حكمه وما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا مرض الرجل من رمضان إلى رمضان ثم صح فإنما عليه لكل يوم أفطر فدية طعام وهو مد لكل مسكين قال وكذلك أيضا في كفارة اليمين وكفارة الظهار مدا مدا وإن صح فيما بين الرمضانين فإنما عليه أن يقضي الصيام وإن تهاون به وقد صح فعليه الصيام والصدقة جميعا لكل يوم مد إذا فرغ من ذلك الرمضان وربما خيل إن هذا الخبر أدل على القول الأول من خبر محمد بن مسلم ولكن الحق أنه ليس كذلك إذا الظاهر أن المراد بقوله (عليه السلام) وإن صح فيما بين الرمضانين فإنما عليه أن يقضي الصيام بيان حكم وجوب الاتيان بالقضاء في البين فالمراد من قوله وإن تهاون به وقد صح بيان حكم تركه للقضاء مع الصحة مطلقا في البين فسمي ذلك تهاونا لتفريطه بالواجب وتأخيره إياه من غير عذر وحكم عليه بالقضاء والصدقة قال الجوهري الهون السكينة والوقار فليس التهاون على هذا إلا عدم الاستعجال الذي يؤل إلى التأخير وقال أيضا استهان به وتهاون به استحقره ولا بعد في إطلاق الاستحقار على تأخير الواجب عن وقته فينطبق هذا الخبر أيضا على قول الصدوقين ولا يدل على القول الأول وما روى في التهذيب عن الكافي عن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل كان عليه من شهر رمضان طايفة ثم أدركه شهر رمضان قابل فقال إن كان صح فيما بين ذلك ثم لم يقضه حتى أدركه رمضان قابل فإن عليه أن يصوم وأن يطعم عن كل يوم مسكينا وإن كان مريضا فيما بين ذلك حتى أدركه شهر رمضان قابل فليس عليه إلا الصيام إن صح فإن تتابع المرض عليه فعليه أن يطعم عن كل يوم مسكينا وهذا الخبر كما ترى لا يمكن الاستدلال به على شئ من الأقوال لاحتماله للمعاني المختلفة ويمكن تطبيقه على القول الأول بأن يكون المراد من قوله إن كان صح فيما بين ذلك حتى أدركه شهر رمضان قابل استمرار صحته إلى الرمضان القابل مع تركه القضاء فحكم عليه بالقضاء والاطعام ويكون المراد من الشق الثاني تخلل الصحة في البين ثم عود المرض في ضيق الوقت فحكم فيه بالقضاء خاصة والشق الثالث ظاهر في تتابع المرض واستمراره في البين فحكم فيه بالكفارة خاصة ويمكن تطبيقه على القول الثاني أيضا فإن أول الخبر ظاهر فيه والصيام في قوله فليس عليه إلا الصيام أن صح يمكن حمله على صيام الشهر القابل وقوله فإن تتابع المرض عليه لعلة تكرير وتوضيح لما تقدم من استمرار المرض في البين ليفرع عليه وجوب الصدقة عن السابق ويحتمل أيضا أن يكون المراد من قوله إن صح خفة المرض بحيث يتمكن الانسان معه عن قضاء الصيام فحكم فيه بسقوط الصدقة باعتبار عدم التهاون للمشقة التي في الصيام مع المرض ويكون قوله فإن تتابع المرض إلى آخره لبيان حكم استمرار المرض الذي لا يمكن معه الاتيان بالقضاء وتجب الفدية مع القضاء على من ذكر بمد من طعام عن كل يوم آخره كما صرح به في خبر محمد بن مسلم وخبر أبي بصير ويشعر به خبر أبي الصباح الكناني مع أصالة البراءة عن الزايد وظاهر كلام الشيخ في المبسوط كما نقلناه وجوب المدين على القادر على ما هو رأيه في أكثر الكفارات ولا وجه له هنا على الظاهر والقياس على كفارة جزاء الصيد حيث يجب فيها نصف الصاع بدلا عن كل يوم كما ذكره في المختلف فإنما يمكن في صورة استمرار المرض وسقوط القضاء لا في صورة تخلل الصحة ووجوب الكفارة والقضاء جميعا كما لا يخفى ويستحب مدان لمن تمكن خروجا من خلاف من أوجبهما على الأصح ومقابله قول الشيخ (ره) بوجوب المدين كما عرفت لمستحقي الزكاة لحاجتهم كما هو المتبادر من التصدق الوارد في خبر زرارة ولا مسكين المصرح به المنفرد الذكر في باقي الاخبار وقال صاحب المدارك ذكر الشهيد في الدروس ومن تأخر عنه إن مستحق هذه الصدقة مستحق الزكاة لحاجته والأجود اختصاصها بالمساكين كما تضمنته رواية ابن مسلم وقد بينا فيما سبق إن المسكين أسوء حالا من الفقير وإن ما ذكره الشارح وغيره من دخول أحدهما تحت الاخر حيث يذكر أحدهما منفردا غير واضح وأقول ادعى جده الاجماع على إرادة كل منهما من الاخر حيث يفرد وقوله المعتمد ولكن الأحوط ما ذكره ثم إن الشهيد الثاني جزم بعدم اعتبار التعدد في مستحق الفدية ولكن ربما أشعر قوله (عليه السلام) في خبر أبي بصير وهو مد لكل مسكين بالتعدد والاحتياط في مراعاته وظاهر الاخبار التصدق بقدر المد على مسكين واحد وأطلق الصدوقان وجوب الفدية على من أدركه رمضان وكان قادرا فلم يقض وقد مر ذلك مفصلا واكتفى ابن إدريس بالقضاء خاصة وإن توانى بالقضاء وآخره عن الشهر القابل من دون عزم عليه ولا مانع يمنعه عنه قال في المختلف واحتج ابن إدريس بأصالة البراءة وبأن أحدا من علمائنا لم يذكر هذه المسألة سوى الشيخين أو من قلد كتبهما أو تعلق بأخبار الآحاد التي ليست حجة عند أهل البيت (عليهم السلام) وبما رواه سعد بن سعد عن رجل عن أبي الحسن (عليه السلام) قال سألته عن رجل يكون مريضا في شهر رمضان ثم يصح بعد ذلك فيؤخر القضاء سنة أو أقل من ذلك أو أكثر ما عليه في ذلك قال أحب له تعجيل الصيام فإن كان آخره فليس عليه شئ وأجاب عنه بأن البراءة إنما يصار إليها مع عدم دليل الثبوت وشغل الذمة وقد بينا الأدلة وعدم ذكر أحد من أصحابنا غير الشيخين لهذه المسألة ليس حجة على العدم مع أن الشيخين هما القيمان بالمذهب وكيف يدعى ذلك وابنا بابويه (ره) سبقا الشيخين بذكر وجوب الصدقة مطلقا ولم يفصلا إلى التواني وغيره وكذا ابن أبي عقيل وهو أسبق من الشيخين وهؤلاء عمدة المذهب والحديث الذي رواه سعد بن سعد مرسل ضعيف السند مع احتماله
(٤٧٧)