السنة التي فات فيها ما بينه وبين الرمضان الآتي فلا يجوز له الاخلال بقضائه حتى يدخل الثاني لأنه مأمور بالقضاء وجواز التأخير بالقدر المذكور معلوم من السنة فينتفي ما زاد ومثله قال المحقق في المعتبر والظاهر أن جواز التأخير لم يوجد به قائل معلوم منا والمعلوم من مذهب ابن إدريس إنكار وجوب الكفارة بالتأخير وأما إنكار الاثم فغير معلوم من مذهبه ورواية سعد بن سعد تدل ظاهرا على كراهة التأخير كما سيأتي ولكنها مرسلة ضعيفة وهل يأثم بالتأخير في كل سنة الظاهر من الدليل الذي ذكروه ذلك وما قاله الشيخ في الخلاف من أن حكم ما زاد على عام واحد في تأخير القضاء حكم العام الواحد فالظاهر أنه باعتبار الكفارة كما يظهر من تتمة كلامه لا باعتبار الاثم ويستحب المبادرة به للعمومات الواردة في فضل المسابقة إلى الخيرات والترغيب في المبادرة إلى الميراث وقد مر من الحلبي القول بوجوب الفورية في القضاء ولا يكره في عشر ذي الحجة ولكن يحرم في العاشر كما عرفت للأصل والعمومات الواردة في قضائه في أي الشهور شاء وفي خصوص ذي الحجة كما مر في بحث عدم وجوب فورية القضاء في صحيحة الحلبي عن الصادق (عليه السلام) قال قلت أرأيت إن بقي عليه شئ من صوم رمضان أيقضيه في ذي الحجة قال نعم وفي خصوص العشر كما هو الظاهر مما تقدم أيضا من رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قضاء شهر رمضان في شهر ذي الحجة وأقطعه قال اقضه في ذي الحجة واقطعه إن شئت والرواية عن علي (عليه السلام) بالنهي عنه مدخولة لان راويها غياث بن إبراهيم وهو تبري وإن كان ثقة فلا يعمل بما ينفرد به خصوصا مع وجود المعارض وقد تقدمت الرواية في بحث تتابع القضاء وتفريقه وفيها قال لا يقضي شهر رمضان في عشرة من ذي الحجة وقال الشيخ (ره) قوله (عليه السلام) لا يقضي شهر رمضان في عشرة من ذي الحجة المراد به إذا كان حاجا لأنه مسافر ولا يجوز للمسافر أن يقضي شهر رمضان إلا أن يقيم أو يعزم على المقام في بلدة عشرة أيام وحيث تجب الكفارة يقدم ما شاء منها ومن القضاء قاله ابن إدريس وخالف ابن أبي عقيل كما سيجئ من أنه لا يجوز صوم النذر والكفارة لمن عليه قضاء رمضان وقد تقدم البحث عن ذلك في شرح قول المصنف (ره) وهل يستحب نية الأول فالأول إشكال وكذا في وجوب تقديم القضاء على الكفارة فإن أدركه أي من في ذمته القضاء باعتبار الافطار في المرض ولم يستمر به العذر رمضان آخر وكان عازما على القضاء إلا إنه مرض أو سافر ضرورة أو حاضت المرأة أو نفست وبالجملة عرض له مانع شرعي عن الصوم بغير اختيار منه عدن التضيق قضى خاصة من غير فدية بعد انقضاء الرمضان الثاني ولو كان غير عازم على الفعل أو الترك أو عازما على تركه سواء عرض المانع عند التضييق أم لا أو تعمد الافطار من غير عذر شرعي وقد تضيق وقت القضاء وإن كان في عزمه الاتيان به أولا وجب الفدية أيضا مع القضاء والحاصل إنه يجب القضاء خاصة في صوره العزم عليه وعروض العذر الشرعي عند التضييق ويجب القضاء والفدية في غيرها من الصور وهذا أحد الأقوال في المسألة ذهب إليه الشيخان وأبو الصلاح كما نقله في المختلف واستقر به وبعض عباراتهم يشعر باعتبار مجرد العزم في سقوط الفدية كعبارة الشيخ (ره) حيث قال في المبسوط وإن لم يمت وفي عزمه القضاء من غير توان ولحقه رمضان آخر صام الثاني وقضى الأول ولا كفارة عليه وإن أخره توانيا صام الحاضر وقضى الأول وتصدق عن كل يوم بمدين من طعام وأقله مد وقال في التهذيب وإن كان قد برء فيما بينهما ولم يقض ما فاته وفي نيته القضاء يصوم الحاضر ويقضي الأول وإن تركه متهاونا به لزمه القضاء والكفارة عن الأول ومثله عبارة المحقق في الشرايع ولكن لا يبعد ادعاء إن المراد ما نقله العلامة في المختلف ووقع نوع مسامحة في العبارة لظهور إن العزم مما لا عبرة به إذا ترك القضاء عند التضيق من غير عذر ويمكن حمل التواني في ما ذكره في المبسوط على عدم عروض العذر فينطبق على ما ذكر في المختلف والقول الاخر قول الحسن والصدوقين كما سيأتي حيث أطلقوا وجوب القضاء والفدية على من تمكن من القضاء ولم يقضه ولم يقيدوه بغير صورة العزم وعروض المانع عند الضيق وهو الظاهر من كلام الشيخ في الخلاف والمحقق في المعتبر أيضا والقول الثالث من ابن إدريس بوجوب القضاء خاصة من دون فدية في جميع الصور على ما سيجئ وأما الأخبار الواردة في تلك المسألة فما روى صحيحا في الفقيه وفي الحسن بن إبراهيم وسند آخر فيه محمد بن إسماعيل عن الفضل في الكافي والتهذيب عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض حتى يدركه شهر رمضان آخر قال يتصدق عن الأول ويصوم الثاني فإن كان صح فيما بينهما ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر صامهما جميعا وتصدق عن الأول وهذا الخبر موافق للقول الثاني واحتجوا به عليه وما روى في الكافي والتهذيب في الحسن بن إبراهيم عن محمد بن مسلم قال سألتهما (عليهما السلام) عن رجل مرض فلم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر فقالا إن كان برء ثم توانى قبل أن يدركه الصوم الاخر صام الذي أدركه وتصدق عن كل يوم بمد من طعام على مسكين وعليه قضاؤه فإن كان لم يزل مريضا حتى أدركه شهر رمضان آخر صام الذي أدركه وتصدق عن الأول لكل يوم مدا على مسكين وليس عليه قضاؤه وقال العلامة في المختلف بعد نقل هذا الخبر للاحتجاج على ما استقر به من القول الأول تعليق الصدقة على التواني يشعر بالعلية لأنه وصف صالح وقد قارن حكما يحسن ترتبه عليه فكان علة فيه قضية للمناسبة فينتفي مع انتفائه وأقول الظاهر أن هذا الاشعار لا يعارض منطوق خبر زرارة مع أن التواني في الشئ لا يفهم منه لغة ولا عرفا ترك العزم عليه قال الجوهري الونى الضعف والفتور والكلال والاعياء وعلى هذا فلا يدل إلا على الترك والتأخير للكسل كما هو الظاهر من
(٤٧٦)