أي الليالي البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر سميت بذلك لبياض لياليها أجمع بضوء القمر هذا بحسب الشهرة واللغة وروى عن النبي صلى الله عليه وآله إن آدم (عليه السلام) لما أصابته الخطيئة أهبط إلى الأرض مسود أو نودي من السماء صم لربك فصام فوافق يوم ثلاثة عشر من الشهر فذهب ثلاث السواد ثم نودي في الرابع عشر والخامس عشر فصام هكذا حتى ذهب السواد كله فسميت بيضا لذلك ثم نادى مناد من السماء يا آدم هذه الثلاثة الأيام جعلها لك ولولدك من صامها في كل شهر فكأنما صام الدهر وعلى هذا فالكلام جاز على ظاهره من غير حذف وادعى العلامة في التذكرة والمنتهى و المختلف الاجماع على استحباب صيامها والظاهر أن مراده على ما يفهم من المختلف الاجماع على استحباب صيام أيام البيض وإن اختلف في تفسيرها ونسخة فالمشهور في تفسيرها ما عرفت وفسرها ابن أبي عقيل بصوم الخميس والأربعاء والخميس من كل شهر بالترتيب الذي عرفت من مذهبه ويظهر من كلام الصدوق في كتاب علل الشرايع والاحكام إن صوم أيام البيض منسوخ بصوم الخميس والأربعاء كما يشهد به قول أبي عبد الله (عليه السلام) في حسنة محمد بن مسلم السالفة ثم ترك ذلك وصام الثلاثة الأيام الغر ثم ترك ذلك وفرقها في كل عشرة يوم خميسين بينهما أربعا ويدل على المشهور أخبار من طرق العامة منها رواية أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا أبا ذر إذا صمت من الشهر ثلاثة فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة قال هو كهيئة الدهر يريد بذلك أن صوم ثلاثة أيام بشهر وورد صوم أيام البيض في رواية الزهري حيث قال (عليه السلام) وأما الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار فصوم يؤمن الجمعة والخميس وصوم أيام البيض وصوم يوم عرفة لمن لا يضعف بسبب الصوم عن الدعاء وتحقق بفتح القافين على صيغة الماضي والفاعل الضمير المستكن العايد إلى الموصول الهلال والحاصل إن استحباب صوم يوم عرفة مشروط بشرطين أحدهما أن لا يضعفه عن الدعاء الذي هو عازم عليه في ذلك اليوم أي لا تنقص منه في الكمية أو الكيفية لمنافاة الجوع والعطش للخشوع وإقبال القلب الذي هو روح العبادة وفي هذا دلالة على أن الدعاء في ذلك اليوم أفضل من الصوم وثانيهما أن يتحقق الهلال بمعنى أن يرى في أول الشهر رؤية لا يحصل فيه التباس واحتمال كونه لليلة الماضية حذرا من صيام العيد ويدل على اعتبار الشرط الأول وكراهة صومه بدونه ما رواه الشيخ في الموثق بن أبان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سألته عن صوم يوم عرفة قال من قوى عليه فحسن إن لم يمنعك من الدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة فصمه وإن خشيت أن تضعف عن ذلك فلا تصمه ويدل على اعتبار الشرطين ما رواه عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سألته عن صوم يوم عرفة فقلت جعلت فداك أنهم يزعمون أنه يعدل صوم سنة قال كان أبي لا يصومه قلت ولم ذاك قال أن يوم عرفة يوم دعاء ومسألة وأتخوف أن يضعفني عن الدعاء وأكره أن أصوم وأتخوف أن يكون يوم عرفة يوم أضحى وليس بيوم صوم واختلف الروايات في صوم يوم عرفة فبعضها يدل على الترغيب وبعضها يدل على الكراهة وقال الشيخ رحمه الله في التهذيب فالوجه في الجمع بين هذه الأخبار إن من قوى صوم هذا اليوم قوة لا يمنعه عن الدعاء فإنه يستحب له صوم هذا اليوم ومن خاف الضعف وما يمنعه من الدعاء والمسألة فأولى له ترك صومه واستشهد لذلك برواية محمد بن مسلم السالفة وزاد المصنف وغيره الشرط الثاني أيضا لرواية سدير أقول ويمكن فهم نوع كراهة في صومه مطلقا من ملاحظة جملة من الاخبار وحمل ما ورد في أن صومه يعدل السنة وأزيد على التقية كما يدل عليه رواية سدير مع عدم منافاة ذلك للكراهة كما عرفت سابقا من تحقيق معنى كراهة العبادة ولكن قال العلامة في المنتهى قد اتفق العلماء على أن صومه في الجملة مستحب وأما الاخبار فما مر من الخبرين وما روى في الكافي في الموثق عن محمد بن مسلم أو قيس على اختلاف النسخ قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يصم يوم عرفة منذ نزل صيام شهر رمضان وما روى فيه عن زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا لا تصومن في يوم عاشورا ولا عرفة بمكة ولا بالمدينة ولا في وطنك ولا في مصر من الأمصار وما روى في الفقيه عن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) وقد مر ذكرها في بحث كراهة العبادة ودلالة هذه الأخبار على الكراهة واضحة وأما ما يدل على الاستحباب الذي لا ينافي الكراهة فما روى في الكافي عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (عليهما السلام) أنه سأل عن صوم يوم عرفة فقال أنا أصومه اليوم وهو يوم دعاء ومسألة وقوله (عليه السلام) وهو يوم دعاء ومسألة يشعر بالاهتمام برعاية جانب الدعاء فيه ويحتمل أيضا أن يكون إشارة إلى تأكد الصوم ولكنه بعيد خصوصا بعد ملاحظة باقي الاخبار وفي بعض النسخ لفظ ما بدل أنا وهو أظهر ويمكن على بعد إن يكون أنا أصومه على سبيل الانكار وما روى في التهذيب في الصحيح عن سليمان الجعفري قال سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول كان أبي يصوم يوم عرفة في اليوم الحار في الموقف ويأمر بظل مرتفع فضرب له فيغتسل مما يبتغ منه الحر والظاهر أنه (عليه السلام) كان مسافرا في الموقف وقد عرفت كراهة صوم المسافر وما روى فيه عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الموثق عن أبي الحسن (عليه السلام) قال صوم يوم عرفة يعدل السنة وقال لم يصمه الحسن (عليه السلام) وصامه الحسين (عليه السلام) وما روى في الفقيه عن يعقوب بن شعيب في الحسن قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن صوم يوم عرفة فقال إن شئت صمت وإن شئت لم تصم وذكر إن رجلا أتى الحسن (عليه السلام) والحسين (عليه السلام)
(٤٥٢)