يتيما أكرمه الله يوما يلقاه ومن وصل فيه رحمة وصله الله رحمته يوم يلقاه ومن قطع فيه رحمة قطع الله عنه ورحمته يوم يلقاه ومن تطوع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار ومن أدى فيه فرضا كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور ومن أكثر فيه من الصلاة على ثقل الله ميزانه يوم تخفف الموازين ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور أيها الناس إن أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فاسئلوا ربكم إن لا يغلقها عليكم وأبواب النيران مغلقة فاسئلوا ربكم أن لا يفتحها عليكم والشياطين مغلولة فاسئلوا ربكم أن لا يسلطها عليكم قال أمير المؤمنين (عليه السلام) فقمت وقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما أفضل الأعمال في هذا الشهر فقال يا أبا الحسن (عليه السلام) أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله ثم بكى فقلت ما يبكيك يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا علي (عليه السلام) أبكى لما يستحل منك في هذا الشهر كأني بك وأنت تصلي لربك وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود فضربك ضربة على قرنك فخضبت منها لحيتك قال أمير المؤمنين (عليه السلام) فقلت يا رسول الله وذلك في سلامة من ديني فقال صلى الله عليه وآله في سلامة من دينك ثم قال يا علي (عليه السلام) من قتلك فقد قتلني ومن أبغضك فقد أبغضني ومن سبك فقد سبني لأنك مني كنفسي روحك من روحي وطينتك من طينتي إن الله تبارك وتعالى خلقني وإياك واصطفاني وإياك واختارني في النبوة واختارك في الإمامة فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي يا علي أنت وصيي وأبو ولدي وزوج ابنتي وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي أمرك أمري ونهيك نهيي أقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية إنك لحجة الله على خلقه وأمينه على سره وخليفته على عباده وروى الصدوق في الفقيه عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) إن النبي صلى الله عليه وآله لما انصرف من عرفات وصار إلى منى دخل المسجد فاجتمع إليه الناس يسئلونه عن ليلة القدر فقام خطيبا وقال بعد الثناء على الله عز وجل أما بعد فإنكم سألتموني عن ليلة القدر ولم أطوها عنكم لأني لم أكن بها عالما اعلموا أيها الناس إنه من ورد عليه شهر رمضان وهو صحيح سوى فصام نهاره وقام وردا من ليله وواظب على صلاته وهجر إلى جمعته وغدا إلى عيده فقد أدرك ليلة القدر وفاز بجايزة الرب وقال أبو عبد الله (عليه السلام) فازوا والله بجوايز ليست كجوايز العباد ومفاد كلام النبي صلى الله عليه وآله في جوابهم إن إخفائه لها عنهم ليس معاذ الله لعدم علمه بها كيف ونزول الملائكة فيها عليه بل لان الحكم الدينية والمصالح الشرعية يقتضي ذلك ثم بين لهم طريق نيلها وإدراكها وأرشدهم إلى سبيل الفوز بعطاياها وجوايزها بالمواظبة على الأعمال الحسنة والمداومة على الافعال المستحسنة تمام الشهر الذي أنزل فيه القرآن ليطفي عنهم النيران وتتضح من ذلك لهم أيضا إحدى المصالح الخفية التي في إخفائها كما لا يخفى والصحيح مقابل المريض والسوي غير ناقص الخلقة والورود الجزء والقسط وهجر من التهجير إذا سار في الهاجرة وهي نصف النهار في القيظ ثم قيل هجر إلى الصلاة إذا بكر ومضى إليها في أول وقتها وقول الصادق (عليه السلام) ليست كجوايز العباد أي ليست من الأمور الدنيوية الحقيرة الفانية بل من المثوبات الأخروية الباقية وروى الشيخ الكليني أيضا في الكافي عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقبل بوجهه إلى الناس فيقول يا معشر الناس إذا طلع هلال شهر رمضان غلت مردة الشياطين وفتحت أبواب السماء وأبواب الجنان وأبواب الرحمة وغلقت أبواب النار واستجيب الدعاء وكان لله فيه عند كل فطر عتقاء يعتقهم الله من النار وينادي مناد كل ليلة هل من سائل هل من مستغفر اللهم اعط كل منفق خلفا واعط كل ممسك تلفا حتى إذا طلع هلال شوال نودي المؤمنون إن أغدوا إلى جوايزكم فهو يوم الجايزة ثم قال أبو جعفر (عليه السلام) أما والذي نفسي بيده ما هي بجايزة الدنانير والدراهم والمردة جمع ما رد ومريد بالفتح وهو الذي لا ينقاد ولا يطيع وقول اللهم اعط في النداء دعاء للمنفق وعلى الممسك ولا حاجة إلى صرفه عن الظاهر كما قيل في تفسير الجزء الثاني أي ارزقه الانفاق حتى ينفق فإن لم يقدر في سابق علمك أن ينفقه باختياره فأتلف ماله حتى تأجره فيه أجر المصاب فيصير خيرا فإن الملك لا يعدو بالشر خصوصا في حق المؤمن انتهى وذلك لان طلب الشر بإزاء فعل الشر ليس بشر خصوصا مثل هذا الشر القليل الدنيوي الذي هو تلف المال كيف لا وقد ورد اللعن كثيرا في الشريعة بإزاء فعل المحرم بل بإزاء المكروه وترك المستحب أيضا وتمام تحقيق ذلك في كتابنا الموسوم بالمائدة السماوية ثم قد وقع الاخبار عن استجابة هذا الدعاء في الشرع الأنور فقال عز من قائل وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين وقد ورد في الروايات مرارا من منع حقا لله عز وجل أنفق في باطل مثليه وروى الكليني أيضا عن حصين عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال أمير المؤمنين (عليه السلام) عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء فأما الدعاء فيدفع به عنكم البلاء وأما الاستغفار فيحيى ذنوبكم وبهذا الاسناد قال كان علي بن الحسين (عليه السلام) إذا كان شهر رمضان لم يتكلم إلا بالدعاء والتسبيح والاستغفار والتكبير فإذا أفطر قال اللهم إن شئت أن تفعل فعلت وقوله (عليهم السلام) إن تفعل أي إن تقبل أو تغفر والغرض إظهار عدم الوثوق بالعبادة والاعتماد على الفضل والرحمة وعن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من فطر صايما فله مثل
(٤٤٢)