لا يعذبني الله على أن أجتهد في الصلاة والصوم كأنه يرى أن رسول الله صلى الله عليه وآله ترك شيئا من الفضل عجزا عنه وما روى عن عنبسة العابد قال قبض النبي صلى الله عليه وآله على صوم شعبان ورمضان وثلاثة أيام في كل شهر أول خميس وأوسط أربعاء وآخر خميس وكان أبو جعفر (عليه السلام) وأبو عبد الله (عليه السلام) يصومان ذلك وما روى عن عبد الله بن سنان بصحة السند في الفقيه قال قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) إذا كان في أول الشهر خميسان فصم أولهما فإنه أفضل وإذا كان في آخر الشهر خميسان فصم آخرهما فإنه أفضل وذكر الصدوق في الفقيه أيضا أنه روى أنه سأل العالم (عليه السلام) عن خميسين يتفقان في آخر الشهر فقال صم الأول فلعلك لا تلحق الثاني أقول وهذه الرواية لجهالة سندها لا تعارض باقي الاخبار ويحتمل أيضا أن يكون صوم الأول يشتمل على نوع فضيلة باعتبار هذا القصد والمسابقة إلى الخير وإن كان تمام الفضل في صيام الثاني ومثل ذلك في السنن غير عزيز بل ويحتمل أن لا تتأدى السنة بصيام الأول إن وصل إلى الثاني وروى خميسين بين أربعائين في شهر ثم أربعاء بين خميسين في شهر آخر كقول ابن الجنيد قال العلامة في المختلف قال ابن الجنيد الذي يستحب أهل البيت (عليهم السلام) المواظبة عليه من صيام التطوع أما أربعاء بين خميسين في شهر أول خميس فيه وأقرب أربعائين لذلك ثم يعود إلى أربعاء بين خميسين شهر وشهر واحتج له بما رواه الشيخ في التهذيب عن أبي بصير قال سألته عن صوم ثلاثة أيام في الشهر فقال في كل عشرة أيام يوم خميس وأربعاء وخميس والشهر الذي يليه أربعاء وخميس وأربعاء وأجاب بأن في سند الرواية ضعفا ومع ذلك فأبو بصير لم يسنده إلى إمام (عليه السلام) وقال الشيخ في التهذيب هذا الخبر ليس بمناف لما قدمناه من الاخبار لان الانسان مخير بين أن يصوم أربعاء بين خميسين أو خميسا بين أربعائين وعلى أيهما عمل فليس عليه شئ لان الأصل في هذا الصوم التنفل والتطوع فكيف في ترتيبه واستشهد للتخير بما رواه إبراهيم بن إسماعيل بن داود قال سألت الرضا عن الصيام فقال ثلاثة أيام في الشهر الأربعاء والخميس والجمعة فقلت إن أصحابنا يصومون الأربعاء بين خميسين فقال لا بأس بذلك ولا بأس بخميسين بين أربعائين أقول وبعد إثبات التخيير يحتاج جمع الشيخ إلى أن العمل بالسنتين في الشهرين أولى من العمل بأحديهما وترك الأخرى وقد ظهر مما ذكرنا إن الترتيب المذكور في كلام المصنف لو كان على عكس ما وقع لكان أوفق للرواية وكلام ابن الجنيد وروى مطلق الخميس والأربعاء في الأعشار الثلاثة كقول أبي الصلاح المراد بالاطلاق عدم تقييد الخميس والأربعاء بالأول أو الاخر من العشر وأما تقييد الخميس بالعشرين والأربعاء بالعشر الأوسط فمأخوذ في قول أبي الصلاح كما نقله في المختلف والرواية ما روى في الكافي في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال أن رسول الله صلى الله عليه وآله سئل عن صوم خميسين بينهما أربعاء فقال أما الخميس فيوم تعرض فيه الأعمال وأما الأربعاء فيوم خلقت فيه النار وأما الصوم فجنة وما روى فيه في الحسن بن إبراهيم عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله أول ما بعث يصوم حتى يقال ما يفطر ويفطر حتى يقال ما يصوم ثم ترك ذلك وصام يوما وأفطر يوما وهو صوم داود (عليه السلام) ثم ترك ذلك وصام الثلاثة الأيام الغر ثم ترك ذلك وفرقها في كل عشرة يوما خميسين بينهما أربعاء فقبض عليه وآله السلام وهو يعمل ذلك وما روى في التهذيب عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن صوم السنة فقال صيام ثلاثة أيام من كل شهر الخميس والأربعاء والخميس تذهب ببلابل القلب ووجر الصدر الخميس والأربعاء والخميس وإن شاء الاثنين والأربعاء والخميس وإن صام في كل عشرة أيام يوما فإن ذلك ثلاثون حسنة وإن أحب أن يزيد على ذلك فليزد وأنت خبير بأن العمل بالاخبار المقيدة أولى مهما أمكن وبقى من الأقوال في المسألة ما نقل عن حسن بن أبي عقيل أنه قال بالخميس الأول من العشر الأول والأربع الأخير من العشر الأوسط وخميس من العشر الاخر ومستندة غير ظاهر ولم ينقله المصنف ويؤخر صوم الثلاثة من الصيف إلى الشتاء عند المشقة ثم يقضي لما روى في الكافي في الصحيح عن أبي حمزة قال قلت لأبي جعفر (عليه السلام) صوم ثلاثة أيام من كل شهر أؤخره إلى الشتاء ثم أصومها قال لا بأس بذلك والمتبادر من قوله أؤخره إلى الشتاء ثم أصومها فعل القضاء في الشتاء لا بعنوان التداخل مع الأداء ولكن لو قضاها في مثلها من الأيام احتمل التداخل كما لو صام صوما واجبا في تلك الأيام صرح بذلك الشهيد الثاني رحمه الله في الروضة حيث قال فإن قضاها في مثلها أحرز فضلهما وما روى فيه عن الحسن بن راشد قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أو لأبي الحسن (عليه السلام) الرجل يتعمد الشهر في الأيام القصار ويصومه لسنة قال لا بأس والظاهر تداخل الأداء والقضاء في ثلاثة هذا الشهر الذي يتعمده وتتأدى الثلاثة الفانية من الأشهر العشرة بقية السنة سوى شهر رمضان فصوم هذا الشهر بنية القضاء ولأجل هذا يكون صوم هذا الشهر لسنة بل يستحب قضاؤها عند الفوات مطلقا وإن لم يكن لأجل مشقة الصيف و طول النهار بل ولو فات لأجل المرض أو السفر كما يفهم من بعض الاخبار وما يدل على نفي القضاء لو فات بالسفر أو المرض يمكن أن يحمل على نفي التأكد وأما الاخبار فما روى في الكافي عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يصوم صوما قد وقته على نفسه أو يصوم من أشهر الحرم فيمر به الشهر والشهران لا يقضيه فقال لا يصوم في السفر ولا يقضي شيئا من صوم التطوع إلا الثلاثة الأيام التي كان يصومها من كل شهر ولا يجعلها بمنزلة الواجبة
(٤٤٩)