ويحتمل أن يكون تلك النفقة إنما جعلت للمطلقة خاصة لعلة العدة لا لعلة الولد الذي في بطنها فإن كانت النفقة على الحامل إنما جعلت لها لمعنى العدة ثبت قول الذين قالوا للمبتوتة النفقة والسكنى حاملا كانت أو غير حامل وإن كانت العلة التي بها وجبت النفقة هي الولد فإن ذلك لا يدل على أن النفقة واجبة لغير الحامل فاعتبرنا ذلك لنعلم كيف الوجه فيما أشكل من ذلك فرأينا الرجل يجب عليه أن ينفق على ابنه الصغير في رضاعه حتى يستغني عن ذلك وينفق عليه بعد ذلك ما ينفق على مثله ما كان الصبي محتاجا إلى ذلك فإن كان غنيا عنه بمال له قد ورثه عن أمه أو قد ملكه بوجه سوى ذلك من هبة أو غيرها لم يجب على أبيه أن ينفق عليه من ماله وأنفق عليه مما ورث أو مما وهب له فكان إنما ينفق عليه من ماله لحاجته إلى ذلك فإذا أرتفع ذلك لم يجب عليه الانفاق عليه من ماله ولو أنفق عليه الأب من ماله على أنه فقير إلى ذلك بحكم القاضي عليه ثم علم أن الصبي قد كان وجب له مال قبل ذلك بميراث أو غيره كان للأب أن يرجع بذلك المال الذي أنفقه في مال الصبي الذي وجب له بالوجه الذي ذكرنا وكان الرجل إذا طلق امرأته وهي حامل فحكم القاضي لها عليه بالنفقة فأنفق عليها حتى وضعت ولدا حيا وقد كان أخ له من أمه مات قبل ذلك فورثه الولد وأمه حامل به لم يكن للأب في قولهم جميعا أن يرجع على ابنه بما كان أنفق على أمه بحكم القاضي لها عليه بذلك إذا كانت حاملا به فثبت بذلك أن النفقة على المطلقة الحامل هي لعلة العدة التي هي فيها من الذي طلقها لا لعلة ما هي به حامل منه فلما كان ما ذكرنا كذلك ثبت أن كل معتدة من طلاق بائن فلها من النفقة مثل ما للمعتدة من الطلاق إذا كانت حاملا قياسا ونظرا على ما ذكرنا مما وصفنا وبينا وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين وقد روي ذلك عن عمر وعبد الله وقد ذكرنا فيما تقدم من كتابنا هذا وروي ذلك عن سعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي (0 حدثنا روح بن الفرج قال ثنا عمرو بن خالد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن المسيب قال المطلقة ثلاثا لها النفقة والسكنى حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا شجاع بن الوليد عن المغيرة عن إبراهيم مثله
(٧٣)