أضبط مما يظن وأتقن وأوثق وقد وافقه على ما روى من ذلك من قد ذكرناه في حديثه في أول هذا الباب ما يغنينا ذلك عن إعادته في هذا الموضع ويقال له إن حديث مالك عن عبد الله بن يزيد الذي لم يذكر فيه لا سكنى لك قد رواه الليث بن سعد عن عبد الله بن يزيد عن أبي سلمة عن فاطمة بمثل ما رواه الشعبي عنها فما جاء من الشعبي في هذا تخليط وإنما جاء التخليط ممن روى عن أبي سلمة عن فاطمة فحذف بعض ما فيه وجاء ببعض فأما أصل الحديث فكما رواه الشعبي وكان من قول هذا المخالف لنا أيضا أن قال ولو كان أصل حديث فاطمة كما رواه الشعبي لكان موافقا أيضا لمذهبنا لان معنى قوله صلى الله عليه وسلم لا نفقة لك أي لأنك غير حامل ولا سكنى لك لأنك بذيئة والبذاء هو الفاحشة التي قال الله عز وجل إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وذكر في ذلك ما قد حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فقال الفاحشة المبينة أن تفحش على أهل الرجل وتؤذيهم فقال ففاطمة حرمت السكنى لبذائها والنفقة لأنها غير حامل قال وهذا حجة لنا في قولنا إن المبتوتة لا يجب لها النفقة إلا أن تكون حاملا قيل له لو خرج معنى حديث فاطمة من حيث ذكرت لوقع الوهم على عمر وعائشة وأسامة ومن أنكر ذلك على فاطمة معهم وقد كان ينبغي أن يترك أمرهم على الصواب حتى يعلم يقينا ما سوى ذلك فكيف ولو صح حديث فاطمة لكان قد يجوز أن يكون معناه على غير ما حملته أنت عليه وذلك أنه قد يجوز أن يكون معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم حرمها السكنى لبذائها كما ذكرت ورأي أن ذلك هو الفاحشة التي قال الله عز وجل وحرمها النفقة لنشوزها ببذائها الذي خرجت به من بيت زوجها لان المطلقة لو خرجت من بيت زوجها في عدتها لم يجب لها عليه نفقة حتى ترجع إلى منزله فكذلك فاطمة منعت من النفقة لنشوزها الذي به خرجت من منزل زوجها فهذا معنى قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراده إن كان حديث فاطمة صحيحا وقد يجوز أن يكون أراد ما وصفت أنت وقد يجوز أن يكون أراد معنى غير هذين مما لا يبلغه علمنا ولا يحكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أراد في ذلك معنى بعينه دون معنى كما حكمت أنت عليه لان القول عليه بالظن حرام كما أن القول بالظن على الله حرام وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما في الفاحشة المبينة غير ما قال بن عباس رضي الله عنهما
(٧١)