فرأينا الجماع في الفرج يوجب الحد والمهر والغسل ورأينا الجماع فيما سوى الفرج لا يوجب من ذلك شيئا ويستوي في ذلك حكم ما فوق الإزار وما تحت الإزار فثبت بما ذكرنا أن حكم ما تحت الإزار أشبه بما فوق الإزار منه بالجماع في الفرج فالنظر على ذلك أن يكون كذلك هو في حكم الحائض فيكون حكمه حكم الجماع فوق الإزار لا حكم الجماع في الفرج وهذا قول محمد بن الحسن رحمة الله عليه وبه نأخذ قال أبو جعفر رضي الله عنه ثم نظرت بعد ذلك في هذا الباب وفي تصحيح الآثار فيه فإذا هي تدل على ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمة الله عليه لا على ما ذهب إليه محمد وذلك أنا وجدناها على ثلاثة أنواع فنوع منها ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يباشر نساءه وهن حيض فوق الإزار فلم يكن في ذلك دليل على منع المحيض من المباشرة تحت الإزار لما قد ذكرناه في موضعه من هذا الباب ونوع آخر منها وهو ما روى عمير مولى عمر عن عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ذكرناه في موضعه فكان في ذلك ك دليل على المنع من جماع الحيض تحت الإزار لان ما فيه من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكره ما فوق الإزار فإنما هو جواب لسؤال عمر رضي الله عنه إياه ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضا فقال له ما فوق الإزار فكان ذلك جواب سؤاله لا نقصان فيه ولا تقصير ونوع آخر ما هو ما روى عن أنس رضي الله عنه على ما قد ذكرناه عنه فذلك مبيح لاتيان الحيض دون الفرج وإن كان تحت الإزار فأردنا أن ننظر أي هذين النوعين تأخر عن صاحبه فنجعله ناسخا له فنظرنا في ذلك فإذا حديث أنس فيه إخبار عما كانت اليهود عليه وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بخلافهم قد روينا ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما في كتاب الجنائز وكذلك أمره الله تعالى في قوله أولئك الذين هدى الله فبهديهم اقتده فكان عليه اتباع من تقدمه من الأنبياء حتى يحدث له شريعة تنسخ شريعته فكان الذي نسخ ما كانت اليهود عليه من اجتناب كلام الحائض ومؤاكلتها والاجتماع معها في بيت هو ما هو في حديث أنس رضي الله عنه لا واسطة بينهما ففي حديث أنس رضي الله عنه إباحة جماعه فيما دون الفرج
(٣٩)