ثم أحتج كل فريق من هذين الفريقين لقوله من الآثار بما سنبينه في كتابي هذا ونذكر مع ذلك صحة ما أحتج به أو فساده إن شاء الله تعالى وكان حجة من ذهب إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتحها صلحا أن قال أما الصلح فقد كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة فأمن كل فريق منه ومن أهل مكة من الفريق الآخر ثم لم يكن من أهل مكة في ذلك ما يوجب نقض الصلح وإنما كانت بنو نفاثة وهم غير من أهل مكة قاتلوا خزاعة وأعانهم على ذلك رجال من قريش وثبت بقية أهل مكة على صلحهم وتمسكوا بعهدهم الذي عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت بنو نفاثة ومن تابعهم على ما فعلوا من ذلك من الصلح وثبت بقية أهل مكة على الصلح الذي كانوا صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا والدليل على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما افتتحها لم يقسم فيها فيئا ولم يستعبد فيها أحدا وكان من الحجة عليهم في ذلك لمخالفهم أن عكرمة مولى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ومحمد بن مسلم بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري وعليهما يدور أكثر أخبار المغازي قد روي عنهما ما يدل على خروج أهل مكة من الصلح الذي كانوا صالحوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحداث أحدثوها حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال لما وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة وكانت خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية وكانت بنو بكر حلفاء قريش فدخلت خزاعة في صلح رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلت بنو بكر في صلح قريش فكان بين خزاعة وبين بني بكر بعد قتال فأمدهم قريش بسلاح وطعام وظللوا عليهم وظهرت بنو بكر على خزاعة فقتلوا فيهم فخافت قريش أن يكونوا على قوم قد نقضوا فقالوا لأبي سفيان اذهب إلى محمد فأجد الحلف وأصلح بين الناس وأن ليس في قوم ظللوا على قوم وأمدوهم بسلاح وطعام ما إن يكونوا نقضوا فانطلق أبو سفيان وسار حتى قدم المدينة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاءكم أبو سفيان وسيرجع راضيا بغير حاجة فأتى أبا بكر رضي الله عنه فقال يا أبا بكر أجد الحلف وأصلح بين الناس أو بين قومك قال فقال أبو بكر رضي الله عنه الامر إلى الله تعالى وإلى رسوله وقد قال فيما قال له بأن ليس في قوم ظللوا على قوم وأمدوهم بسلاح وطعام ما إن يكونوا نقضوا قال فقال أبو بكر رضي الله عنه الامر إلى الله عز وجل وإلى رسوله قال ثم أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكر له نحوا مما ذكر لأبي بكر رضي الله عنه
(٣١٢)