وقد ذكرنا في صدر هذا الكتاب عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب أنه قال أختلف الناس بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قائل سهم ذوي القربى لقرابة الخليفة وقال قائل سهم النبي صلى الله عليه وسلم للخليفة من بعده ثم أجتمع رأيهم على أن جعلوا هذين السهمين في الخيل والعدة في سبيل الله فكان ذلك في إمارة أبي بكر رضي الله عنه فلما أجمعوا بعد ما كانوا اختلفوا كان إجماعهم حجة وفيما اجمعوا عليه من ذلك بطلان سهم ذوي القربى من المغانم والفئ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قال قائل فأما ما رويتموه عن علي رضي الله عنه فإنما كان فيما ذهب إليه من ذلك متابعا لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما كراهة أن يدعى عليه خلافهما وذكر في ذلك ما حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا عبد الله بن المبارك عن محمد بن إسحاق قال سألت أبا جعفر قلت أرأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث ولى العراق وما ولى من أمر الناس كيف صنع في سهم ذوي القربى قال سلك به والله سبيل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما قلت وكيف وأنتم تقولون قال أما والله ما كان أهله يصدرون إلا عن رأيه قلت فما منعه قال كره والله أن يدعى عليه خلاف أبي بكر رضي الله عنه قيل له هذا تأوله محمد بن علي علي علي بن أبي طالب رضي الله عنه في تركه خلاف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهو يرى في الحقيقة خلاف ما رأيا لا يجوز ذلك عندنا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولا يتوهم على مثله فكيف يتوهم عليه وقد خالف أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في أشياء وخالف عمر وحده في أشياء أخر منها ما رأى من جواز بيع أمهات الأولاد بعد نهي عمر عن بيعهن ومن ذلك ما رأى من التسوية بين الناس في العطاء وقد كان عمر رضي الله عنه يفضل بينهم على قدر سوابقهم ولعلي بن أبي طالب رضي الله عنه كان أعرف بالله من أن يجري شيئا على ما الحق عنده في خلافه ولكنه أجرى الامر بسهم ذوي القربى على ما رآه حقا وعدلا فلم يخالف أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فيه ولقد كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيه يخالف أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في حياتهما في أشياء قد رأيا في ذلك خلاف ما رأى فلا يرى الامر عليه في ذلك دنفا ولا يمنعانه من ذلك ولا يؤخذانه عليه فكيف يسعه هذا في حال الامام فيها غيره ثم بصق عليه في حال هو الامام فيها نفسه هذا عندنا محال ولقد حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب بن ناصح قال ثنا جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم عن زاذان قال كنا عند علي فتذاكرنا الخيار فقال أما أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه قد سألني عنه فقلت إن اختارت زوجها فهي واحدة وهي أحق بها وإن اختارت نفسها فواحدة بائنة
(٣٠٩)