على سهمين مصروفة في وجهين بل جعلت كلها متصرفة في وجه واحد وهو إن جعلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يستأثر بها على أصحابه ولم يخص بها بعضهم دون بعض بل همهم بها جميعا وسوى بينهم فيها ولم يخرج منها لله خمسا لان آية الخمس فئ الأفياء وآية الغنائم لم تكن نزلت عليه حينئذ ففيما ذكرنا ما يدل على أنه لما نزلت آية الغنائم وهي التي وقع في تأويلها من الاختلاف ما قد ذكرنا أن لا يكون ما أضاف الله تعالى منها إلى نفسه من الغنائم يجب به لله فيها سهم فيكون ذلك السهم خلاف سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ولكنه كان منه على أنه له عز وجل فرض أن يقسم على ما سماه من الوجوه التي ذكرناها فبطل بذلك قول من ذهب إلى أن الغنيمة تقسم على ستة أسهم ثم رجعنا إلى قول من ذهب إلى أنها تقسم على أربعة أسهم إلى ما احتجوا به في ذلك من خبر بن عباس رضي الله عنهما الذي رويناه في صدر هذا الكتاب وإن كان خبرا منقطعا لا يثبت مثله غير أن قوما من أهل العلم بالآثار يقولون إنه صحيح وإن علي بن أبي طلحة وإن كان لم يكن رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فإنما أخذ ذلك عن مجاهد وعكرمة مولى بن عباس رضي الله عنهما حدثنا علي بن الحسين بن عبد الرحمن بن فهم قال سمعت أحمد بن حنبل يقول لولا أن رجلا رحل إلى مصر فانصرف منها بكتاب التأويل لمعاوية بن صالح ما رأيت رحلته ذهبت باطلة فوجدنا ما أضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والتحية في آية الأنفال قد كان التمليك لا على ما سواه فقد كان في هذا حجة قاطعة تغنينا عن الاحتجاج بما سواها على أهل هذا القول ولكنا نريد في الاحتجاج عليهم فنقول قد وجدنا الله عز وجل أضاف إلى رسوله صلى الله عليه وسلم شيئا من الفئ في غير الآيتين اللتين قدمنا ذكرهما في أول هذا الباب فكان ذلك على التمليك منه إياه ما أضافه إليه من ذلك عز وجل قال ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب حدثنا يزيد بن سنان وأبو أمية قالا ثنا بشر بن عمر الزهراني قال ثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن مالك بن أوس النضري قال أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال إنه قد حضر المدينة أهل أبيات قومك وقد أمرنا لهم برضخ فاقسمه بينهم فبينا أنا كذلك إذ جاءه حاجبه يرفأ فقال هذا عثمان وعبد الرحمن وسعد والزبير وطلحة يستأذنون عليك فقال إيذن لهم ثم مكثنا ساعة فقال هذا العباس وعلي يستأذنان عليك فقال إيذن لهما فدخل العباس قال يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الرجل وهما حينئذ فيما أفاء الله على رسوله من أموال بني النضير فقال القوم اقض بينهما يا أمير المؤمنين وأرح كل واحد منهما عن صاحبه
(٢٨٠)