وقال قوم هم قريش كلها الذين يجمعه وإياهم أقصى آبائه من قريش دون من سواهم ممن يقاربه من قبل أمهاته ممن ليس من قريش غير أنه لم يكن عليه أن يعمهم إنما كان عليه أن يعطى من رأى إعطاءه منهم دون بقيتهم وقال قوم هم قرابته من قبل آبائه إلى أقصى أب له من قريش ومن قبل أمهاته إلى أقصى أم لكل أم منهن من العشيرة التي هي منها غير أنه لم يكن عليه أن يعمهم بعطيته إنما يعطي من رأى إعطاءه منهم وقد احتج كل فريق منهم لما ذهب إليه في ذلك بما سنذكره في كتابنا هذا ونذكر مع ذلك ما يلزمه من مذهبه إن شاء الله تعالى فأما أهل القول الأول الذين جعلوه لبني هاشم خاصة فاحتجوا في ذلك بأن الله عز وجل اختصهم بذلك بتحريمه الصدقة عليهم فإن قولهم هذا عندنا فاسد لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حرمت الصدقة على بني هاشم قد حرمها على مواليهم كتحريمه إياها عليهم وتواترت عنه الآثار بذلك حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا محمد بن كثير قال ثنا سفيان الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن المقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال استعمل أرقم بن أرقم على الصدقات فاستتبع أبا رافع فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال يا أبا رافع إن الصدقة حرام على محمد وآل محمد وإن مولى القوم من أنفسهم حدثنا بكار بن قتيبة وإبراهيم بن مرزوق قالا ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة فقال لأبي رافع أصحبني كيما نصيب منها فقال حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال إن آل محمد لا يحل لهم الصدقة وإن مولى القوم من أنفسهم حدثنا ربيع بن سليمان المؤذن قال ثنا أسد بن موسى قال ثنا ورقاء بن عمر عن عطاء بن السائب قال دخلت على أم كلثوم ابنة علي رضي الله عنهما فقالت إن مولى لنا يقال له هرمز أو كيسان أخبر أنه مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فدعاني فقال يا أبا فلان إنا أهل بيت قد نهينا أن نأكل الصدقة وإن مولى القوم من أنفسهم فلا تأكل الصدقة فلما كانت الصدقة المحرمة على بني هاشم قد دخل فيهم مواليهم ولم يدخل مواليهم معهم في سهم ذوي القربى باتفاق المسلمين ثبت بذلك فساد قول من قال إنما جعلت لذوي القربى في آية الفئ وفي آية خمس الغنيمة بدلا مما حرم عليهم الصدقة ويفسد هذا القول أيضا من جهة أخرى وذلك أنا رأينا الصدقة لو كانت حلالا لبني هاشم كهي لجميع المسلمين لكانت حراما على أغنيائهم كرحمتها على أغنياء جميع المسلمين ممن سواهم
(٢٨٢)