وحدثنا فهد قال ثنا موسى بن داود قال ثنا همام قالا جميعا عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل شرب الخمر فأمر به فضرب بجريدتين نحوا من أربعين ثم صنع أبو بكر مثل ذلك فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن بن عوف يا أمير المؤمنين أخف الحدود ثمانون ففعل ذلك فثبت بما ذكرنا أن التوقيف في حد الخمر على جلد معلوم إنما كان في زمن عمر رضي الله عنه وأن ما وقفوا عليه من ذلك كان ثمانين ولم يخالفهم في ذلك أحد منهم فلا ينبغي لأحد أن يدع ذلك ويقول بخلافه لان إجماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة إذا كان بريئا من الوهم والزلل وهو كنقلهم الحديث البرئ من الوهم والزلل فكما كان نقلهم الذي نقلوه جميعا حجة لا يجوز لأحد خلافه فكذلك رأيهم الذي رأوه جميعا حجة لا يجوز لأحد خلافه وقد حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا سليمان بن بلال عن ربيعة عن السائب بن يزيد أن عمر صلى على جنازة فلما انصرف أخذ بيد بن له ثم أقبل على الناس فقال أيها الناس إني وجدت من هذا ريح الشراب وإني سائل عنه فإن كان سكر جلدناه قال السائب فرأيت عمر جلد ابنه بعد ذلك الحد ثمانين حدثنا فهد قال ثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال ثنا السائب فذكر مثله وهذا بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه منهم منكر فدل ذلك على متابعتهم له وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا في التوقيف على حد الخمر أنه ثمانون حديث إن كان ثابتا وهو ما قد حدثنا ابن أبي داود قال ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال ثنا هشام بن يوسف عن عبد الرحمن بن صخر الإفريقي عن جميل بن كريب عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من شرب بسقة خمر فاجلدوه ثمانين فهذا الذي وجدنا فيه التوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حد الخمر وهو ثمانون فإن كان ذلك ثابتا فقد ثبت به الثمانون وإن لم يكن ثابتا فقد ثبت عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد تقدم ذكرنا له في هذا البا ب من إجماعهم على الثمانين ومن استنباطهم إياها من أخف الحدود فذلك من إجماعهم بعد ما كان خلافه كإجماعهم على المنع من بيع أمهات الأولاد وتكبيرات الجنائز وقد كان خلافه فكما لا ينبغي خلافهم في ترك بيع أمهات الأولاد فكذلك لا ينبغي خلافهم في توقيتهم الثمانين في حد الخمر وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله
(١٥٨)