الأسود فكيف خفي عليه معناه قلت كان عديا لم يكن في لغة قومه استعارة الخيط للصبح وحمل قوله من الفجر على السببية فظن أن الغاية تنتهي إلى أن يظهر تمييز أحد الخيطين من الاخر بضياء الفجر أو نسي قوله من الفجر حتى ذكره بها النبي وهذه الاستعارة معروفة عند بعض العرب قال الشاعر ولما تبدت لنا سدفة ولاح من الصبح خيط أنارا فإن قلت حديث عدي هذا يقتضي أن قوله من الفجر نزل متصلا بقوله من الخيط الأسود وروى الشيخان عن سهل بن سعد قال أنزلت كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولم ينزل من الفجر فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله بعد من الفجر فعلموا إنما يعني الليل والنهار فحديث سهل بن سعد هذا ظاهر في أن قوله (من الفجر) نزل بعد ذلك لرفع ما وقع لهم من الاشكال فما وجه الجمع ما بين هذين الحديثين قلت الجمع بينهما أن حديث عدي متأخر من حديث سهل فكأن عديا لم يبلغه ما جرى في حديث سهل وإنما سمع الآية مجردة ففهمها على ما وقع له فبين له النبي أن المراد بقوله (من الفجر) أن ينفصل أحد الخيطين عن الاخر وأن قوله من الفجر متعلق بقوله (يتبين) ويحتمل أن تكون القصتان في حالة واحدة وأن بعض الرواة في قصة عدي تلا الآية تامة كما ثبت في القرآن وإن كان حال النزول إنما نزلت مفرقة كما ثبت في حديث سهل قال الحافظ وهذا الثاني ضعيف لأن قصة عدي متأخرة لتأخر إسلامه قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان وأبو داود
(٢٤٨)